تميز تقرير التنمية العربية 2025 في إصداره التاسع تحت عنوان “مستقبل أسواق العمل العربية في ظل التحول الأخضر والذكاء الاصطناعي” الذي اطلق مؤخرا بمساهمة تونسية قيمة في رسم ملامح تطور اسواق العمل في المنطقة العربية في مجابهة التحديات المستجدة العديدة التي تجابهها.
وصدر التقرير بالتعاون بين المعهد العربي للتخطيط ومعهد التخطيط القومي والجمعية العربية للبحوث الاقتصادية والمعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية وذلك ضمن فعاليات اليوم الثاني من المؤتمر العلمي التاسع عشر للجمعية العربية للبحوث الاقتصادية والذي انعقد في الجامعة اللبنانية الأميركية في العاصمة اللبنانية بيروت.
أهمية توفير العمل اللائق
اتسم التقرير بالنظرة الشاملة إلى أسواق العمل، فضلا عن تركيزه على محوري أثر التغير المناخي والذكاء الاصطناعي على تلك الأسواق حيث انطلق من قناعة أهمية توفير العمل اللائق للجميع ودون تمييز وإيجاد أسواق عمل ناجعة، ويتداخل ذلك مع وجوب تحقيق النمو الاقتصادي والمساواة بين الجنسين وتطوير الصناعة والابتكار، وتنمية رأس المال البشرى، من خلال الاستثمار في الصحة، والتعليم، والتربية والثقافة والبحث والتطوير والتدريب المستمر.
كما يهدف التقرير إلى تحليل ديناميكيات أسواق العمل العربية من خلال تشخيص خصائص العرض والطلب وأطراف التفاعل فيها والسياسات القائمة، لفهم مسببات الاختلالات الهيكلية التي تعانى منها.
وواقعيا إذا ما جرى النظر إلى الوضع العام لأسواق العمل في الدول العربية، فان عدة معطيات تكشف أن معظمها يعاني من اختلالات هيكلية تتمثل في ارتفاع معدلات البطالة، ولا سيما بين فئة الشباب المتعلم وبشكل خاص الإناث، إلى جانب ضعف مشاركة المرأة في قوة العمل، وتدنى مستويات الأجور، واتساع نطاق القطاع غير الرسمي. أما في الدول العربية ذات الدخل المرتفع، تبرز مشكلات أخرى أهمها تباين أسواق العمل وتفكك بنيتها، وتركز اليد العاملة الوطنية في القطاع الحكومي، وضعف إنتاجية العمل، إلى جانب الاعتماد على اليد العاملة الوافدة وما يرتبط بها من تداعيات اقتصادية واجتماعية.
معطيات دليلية
ومن خلال الاطلاع على التقرير اظهرت البيانات أن المنطقة العربية تسجل أعلى معدل للبطالة في العالم، حيث بلغ متوسط المعدل حوالي 14.9% خلال الفترة الممتدة من 2000 إلى 2024. في حين بلغ متوسط بطالة الشباب في المنطقة (الفئة العمرية 15-24 سنة)، حوالي 26%، وهو المعدل الأعلى عالمياً. هذه الأرقام تعكس فجوة هائلة بين التزايد المستمر في القوة العاملة والقدرة المحدودة للاقتصادات العربية على استيعابها الطلب.
وحسب التقرير، تكمن المشكلة الرئيسية في “الاختلالات الهيكلية المزمنة” التي تعيق نمو أسواق العمل وتجعل النمو الاقتصادي المتحقق نمواً غير كثيف التشغيل أو “نمواً بلا وظائف”. وحسب ما اشار له التقرير أن مصادر النمو الاقتصادي في كثير من الدول العربية لا ترتكز على القطاعات الأكثر قدرة على خلق فرص عمل لائقة، والسبب يعود الى أن معظم الاقتصادات العربية لم تشهد تحولاً هيكلياً عميقاً نحو قطاعات ذات إنتاجية عالية وكثافة عمالية كبيرة.
وفي المقابل تسيطر المنشآت متناهية الصغر والصغيرة على نسبة كبيرة من اليد العاملة في الدول العربية المصدرة للقوى العاملة. ففي بعض الدول، تتجاوز حصة اليد العاملة في المنشآت الصغيرة جداً نسبة 40%، بينما تظل حصتها في المنشآت المتوسطة والكبيرة منخفضة، مما يشير إلى هيمنة الوظائف غير المنتجة أو غير الرسمية.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب
المصدر:
الرقمية