آخر الأخبار

معاناة مخرج تونسي موهوب و طالب دكتوراه مُهدَّد بالترحيل من فرنسا

شارك
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

لا يزال بقاء التونسي نادر عياش، المخرج السينمائي وطالب الدكتوراه، في فرنسا معلّقًا بخيط رفيع.

ففي 8 نوفمبر 2025، دخل في إضراب عن الطعام، كخيار أخير للحصول على تصريح إقامة و تجنّب تنفيذ قرار الترحيل الإجباري من الأراضي الفرنسية (OQTF).

و هو المصير نفسه الذي يواجهه عشرات الآلاف من المهاجرين الذين سقطوا في دائرة “اللاشرعية”، تمامًا كطالب الطب التونسي النابغ الذي أشرنا إلى قصته في جوان الماضي.

قناة فرانس 3 الحكومية سردت أمس الخميس 19 نوفمبر حكايته المؤلمة و المثيرة للشفقة.

و يقول نادر عياش: «أشعر بآلام في جسدي، لكن معنوياتي جيدة».

فمنذ 11 يومًا، يعيش المخرج البالغ من العمر 35 عامًا في خيمة أمام المركز الوطني للسينما (CNC) في باريس، متحديًا برد الليالي القارس. ثمنٌ يدفعه حتى يُرى، وحتى يُتحدّث عنه، وحتى لا ينتهي به المطاف ضمن “المطرودين المنسيّين”.

و يضيف : «عائلتي وأصدقائي وزملائي يحيطون بي بالدعم… ليست غذاء المعدة هذه الأيام، بل غذاء القلب (…) إن رؤية هذا التضامن يبعث الدفء في قلبي وأنا أمرّ بهذه المرحلة الصعبة جدًا».

وصل نادر إلى فرنسا سنة 2015 لمواصلة دراسته السينمائية في الجامعة. وعلى مدى عشر سنوات، واصل بحثه في الدكتوراه، ومن المقرر أن يناقش أطروحته مطلع 2026 إذا سمحت له السلطات بذلك. وخلال هذه السنوات، أنجز عددًا كبيرًا من الأفلام، آخرها «النهضة»، الذي اختير في جوائز السيزار 2025 عن فئة الفيلم الوثائقي القصير.

غير أنّ قرار الترحيل سقط عليه في 2019، مقرونًا بمنع العودة (IRTF)، بعد أعوام طويلة من محاولة تسوية وضعيته. ويقول: «العقوبة قاسية (…) هناك خلل في المنظومة (…) هل تحوّلت المحافظة إلى مصنع لإنتاج المهاجرين غير النظاميين؟». والجواب معروف للجميع.

و يتابع : «أُضرب عن الطعام لأنني لا أرى بديلًا… لي عشر سنوات في فرنسا، وثماني سنوات بلا بطاقة إقامة، وثماني سنوات لم أرَ فيها والديّ (…) إضرابي ليس رغبة، بل محاولة لكشف الظلم الذي أعيشه منذ سنوات».

و لأن بطاقة الإقامة هي مفتاح العمل والاستقرار، فإن غيابها يقذف بصاحبها إلى هوّة الهشاشة. يقول نادر إنه طرق كل الأبواب القانونية الممكنة. فقد «كتب إلى المحافظة»، وأثبت «مرارًا جدّية دراسته ومشاريعه الفنية»، لكن دون جدوى. قدّم أول طعن لدى المحافظة فُرفض، ثم طعنًا لدى المحكمة فقوبل أيضًا بالرفض…

ثم لجأ إلى محكمة فرساي، فجاءه الجواب نفسه. وفي 6 نوفمبر 2025، تم إعلامه بآخر قرار رفض. لم يبقَ أمامه سوى الإضراب عن الطعام. ويؤكد لمن يسمع: إن خطوته هذه تتجاوز حالته الشخصية؛ إنها صرخة ضد الظروف السيئة لاستقبال الأجانب: طوابير الانتظار أمام المحافظات، والآجال الطويلة التي لا تنتهي.

و يقول : «أصنع سينما تتناول أوضاع المنفيين والمهاجرين والأجانب هنا في فرنسا، ومن الطبيعي أن يكون لخطوتي جانب سياسي».

و في الفترة المقبلة، سيقدّم طعنًا أمام مجلس الدولة للطعن في حكم محكمة فرساي، وهي إجراءات قد تستغرق 18 شهرًا على الأقل. وبالتوازي، سيودع ملفًا للقبول الاستثنائي للإقامة (AES). لكن القرار هنا إمّا قبول أو رفض نهائي؛ فإذا صدر في حقه قرار ترحيل جديد، فلن يكون بإمكانه الطعن لمدة 3 سنوات… أي جحيم كامل.

و يؤكد نادر دعوته إلى «حرية التنقّل والعمل والتنفس والعيش (…) إرغامي على مغادرة الأراضي الفرنسية يعني الحكم عليّ بنفي ثانٍ، أي الابتعاد عن عائلتي وزوجتي ودوائري الاجتماعية والمهنية». ولهذا يبيت أمام مبنى الـCNC، المؤسسة التي واكبت أعماله المعروضة في عدة مهرجانات داخل فرنسا.

و رغم مأزقه الشخصي، لم يضع نادر السينما جانبًا، بل يعمل على مشروع جديد: «إنه بورتريه ذاتي يروي حكايتي (…) ويرسم أيضًا مسار الكثير من المهاجرين غير النظاميين (…) مع هذه الـOQTF، لست سوى نقطة من أصل 40 ألف نقطة».

و في الواقع، أصدرت فرنسا سنة 2023 أكثر من 400 ألف قرار ترحيل، وهو رقم يشهد ارتفاعًا حادًا منذ 2010، وفق موقع OQTF.info.

أما محافظة باريس، فقد رفضت حتى الآن التعليق على قضية نادر عياش.

اشترك في النشرة الإخبارية اليومية لتونس الرقمية: أخبار، تحليلات، اقتصاد، تكنولوجيا، مجتمع، ومعلومات عملية. مجانية، واضحة، دون رسائل مزعجة. كل صباح.

يرجى ترك هذا الحقل فارغا

تحقّق من صندوق بريدك الإلكتروني لتأكيد اشتراكك.

تعليقات
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

مواضيع ذات صلة:
الرقمية المصدر: الرقمية
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا