بحسب وزارة الزراعة السودانية فإن القطاع الزراعي تعرض لخسائر باهظة خلال فترة الحرب المندلعة منذ أكثر من عامين بين الجيش و”الدعم السريع” قدرت بنحو 10 مليارات دولار، مشيرة إلى تلف 40 في المئة من محصول القمح في شمال البلاد بسبب العطش الحاد، إضافة إلى تلف أكثر من 4000 فدان (16.8 كيلومتر مربع) من الفول السوداني علاوة على محاصيل الخضراوات.
في ظل انقطاع التيار الكهربائي المتكرر في معظم ولايات السودان بسبب استهداف مسيرات “الدعم السريع” محطات الكهرباء، يخوض المزارعون في الولاية الشمالية حرباً خاسرة ضد العطش بعدما ضرب الجفاف الأراضي المزروعة بمختلف المحاصيل وتحول معظم المشاريع الزراعية إلى أرض جرداء نتيجة توقف مضخات الري.
وبحسب وزارة الزراعة السودانية، فإن القطاع الزراعي تعرض لخسائر باهظة خلال فترة الحرب المندلعة منذ أكثر من عامين بين الجيش و”الدعم السريع” قدرت بنحو 10 مليارات دولار، مشيرة إلى تلف 40 في المئة من محصول القمح في شمال البلاد بسبب العطش الحاد، إضافة إلى تلف أكثر من 4000 فدان (16.8 كيلومتر مربع) من الفول السوداني علاوة على محاصيل الخضراوات. وأكد تجمع مزارعي الولاية الشمالية أن نحو نصف مليون فدان (2100 كيلومتر مربع) من الأراضي الزراعية تضررت بصورة نهائية بسبب انقطاع الكهرباء.
المزارع بولاية نهر النيل أحمد السعدابي أوضح أن “الزراعة في الولاية تواجه عقبات بسبب الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، مما أدى إلى فشل المحاصيل الزراعية نتيجة العطش والجفاف، بالتالي لحقت بمعظم المزارعين خسائر فادحة ليس في المحاصيل فحسب، بل جراء المبالغ الطائلة التي تدفع مقابل إيجار الأرض”، وأضاف السعدابي “زرعت خلال شهر مارس (آذار) الماضي البصل في مساحات كبيرة، لكن للأسف تلف تماماً بسبب العطش وعدم ضخ المياه في المساحات المزروعة، إذ اضطررت إلى تركه للمواشي بعدما عانى الجفاف، وفشله أدى إلى تلاشى أحلامي في الوصول إلى فترة الحصاد، فقد أهدرت أموالاً باهظة بدءاً بإيجار الأرض والآلات الزراعية وشراء السماد وأجرة العمال”، وتابع “خسارتي دفعتني إلى اتخاذ قرار ترك الزراعة من غير رجعة حتى تصلح حال البلاد بخاصة قطاع الكهرباء، واتجهت بالفعل إلى ممارسة التنقيب عن التعدين في منطقة أبو حمد بالولاية نفسها، ففي الأقل إذا لم أحظ بالنجاح لن تكون هناك خسارة”.
من ناحيته رأى المزارع محمد عبدالعاطي أن “الزراعة في الولاية الشمالية أصبحت طاردة، إذ يواجه المزارعون معضلات جراء الحرب أبرزها انقطاع الكهرباء لفترة تصل إلى أشهر متتالية، وعند عودتها تكون لساعات قليلة غير كافية للري، ما يعوق العمل في المشاريع الزراعية التي تعتمد على ضخ المياه”، ولفت عبدالعاطي إلى أن “المعاناة تشمل جميع المزارعين، لكنني كنت ضمن المزارعين المحظوظين الذين نجوا من كارثة عطش المحاصيل، ولا سيما مع قيام إدارة المشروع بتوفير الغازولين لتشغيل المضخات القديمة، وإلا كان مصيرنا نفسه كأصحاب المشاريع الذين قاموا بالزراعة خلال تلك الفترة وتلفت محاصيلهم بسبب العطش”، وأشار إلى أنه على رغم العودة التدريجية للكهرباء “فإن المشكلة لم تحل بصورة جذرية، فضلاً عن أن إدارة المشروعات ليست لديها خطط بديلة لمواجهة المشكلة، سواء عبر المولدات الدائمة أو أنظمة الطاقة الشمسية، مما يجعل الزراعة رهينة ظروف غير مستقرة “، ونوه بأن “المزارعين في ولاية نهر النيل في تحد إضافي يتمثل في الإيجار الذي يلزمهم بتسليم ثلث الإنتاج للجهة المالكة، مما يزيد من الضغط على المزارعين في ظل أي خسائر تواجههم”.
رأى المزارع محمد عبدالعاطي أن “الزراعة في الولاية الشمالية أصبحت طاردة، إذ يواجه المزارعون معضلات جراء الحرب أبرزها انقطاع الكهرباء” (اندبندنت عربية – حسن حامد)
في السياق ذاته أفاد المزارع بمحلية الدبة في الولاية الشمالية عثمان صديق بأن “أزمة الزراعة تتفاقم بسبب ارتفاع كلفة البدائل لتشغيل الكهرباء عبر الطاقة الشمسية التي تعد باهظة الثمن، فضلاً عن مصاريف الزراعة الأخرى”، وتابع “المشكلة أنني لا أعرف ممارسة أي نوع من المهن غير الزراعة، بالتالي لا خيار لي غير المغامرة بالاستمرار في الزراعة حتى لو اضطررت إلى الاستدانة”.
من جهته قال المزارع فضل إبراهيم “من المعلوم ألا حياة من دون ماء، ومن هذا المفهوم لجأت إلى أحد البنوك التي تعمل بنظام التمويل لأنظمة الطاقة لإنقاذ أرضي من العطش. على رغم أسعار ألواح الطاقة الشمسية الباهظة، فإنني حصلت على طاقة شمسية أعتقد أنها كافية للتشغيل، وتعد حلولاً مستدامة لمشروعي الزراعي، ومنذ العمل بها استقر الري، مما انعكس على إنتاجية المحاصيل، فضلاً عن زراعة محاصيل أخرى”.
وسط هذه المعاناة أكد المتخصص في مجال تركيب الطاقة الشمسية أسامة عبدالوهاب أن “الاستمرار في عدم استقرار الكهرباء إلى جانب ندرة وارتفاع كلفة الوقود بات الخيار الوحيد أمام المزارعين استخدام الطاقة الشمسية، وبالفعل تشهد ولاية نهر النيل توجهاً كبيراً نحو هذه التقنية لتفادي المشكلات التي تهدد الموسم الزراعي، بخاصة المشاريع الزراعية التي تعتمد على تشغيل المضخات باعتبارها حلاً فعالاً على المدى الطويل”، مضيفاً “المؤسف أن هذا الحل يواجه تحديات متمثلة في أن الأسواق بمختلف أنحاء البلاد تكتظ بالأنظمة غير مضمونة الجودة، إذ تتعطل بسرعة نسبة إلى عدم وجود معامل اختبار تثبت جودة الأجهزة، فهي تجلب عبر تجار ليست لديهم الخبرة الكافية”، وأشار المتخصص في تركيب الطاقة الشمسية إلى أن “معظم المزارعين لجأوا إلى البنوك بغرض التمويل، لكن فوجئوا بأن الأقساط قد تصل إلى ضعف السعر الحقيقي، إذ إن الاستثمار في الطاقة الشمسية أصبح عبئاً بدلاً من أن يكون حلاً”.
على الصعيد نفسه قالت الباحثة في مجال الزراعة مروة بشير إن “تعطل الكهرباء بسبب خروج محطات التوليد الرئيسة عن الخدمة في أجزاء واسعة في البلاد نتيجة لاستهدافها المتكرر من قبل الدعم السريع، أدى إلى شلل المشاريع الزراعية الكبرى، وتوقف شبه كامل لآليات الري ما أثر بصورة مباشرة على محاصيل التصدير، خصوصاً علف المواشي”، وأوضحت بشير أنه “خلال شهر مايو (أيار) الماضي شهدت الولاية الشمالية أزمة متفاقمة في الكهرباء، ومعلوم أن هناك مشاريع في الولاية تعتمد على نظام الري بالمضخات، مما أدى إلى خلق مشكلات بين المزارعين والشركات المصدرة للمحاصيل”، ونوهت الباحثة الزراعية بأن “حركة التصدير الآن شبه متوقفة، مما يزيد من الأخطار الاقتصادية التي تعانيها البلاد”.
المصدر:
الراكوبة