آخر الأخبار

مشروع سوداني طموح لتفكيك العقبات أمام تنمية الثروة الحيوانية

شارك

يبرز مشروع سوداني طموح كم أنقاض الحرب يسعى إلى تفكيك هذه التحديات أمام تنمية الإنتاج الحيوانية وفتح آفاق جديدة لزيادة الإنتاج وتحسين الجودة وتعزيز القيمة المضافة رغم العقبات التي أفرزتها الحرب والتغير المناخي.

ويمتلك البلد واحدًا من أكبر القطاعات الحيوانية في المنطقة العربية، بثروة هائلة تؤهله ليكون لاعبًا رئيسيًا في سوق الإنتاج الحيواني إقليميًا ودوليًا، غير أن هذا القطاع ظل لسنوات طويلة مكبلًا بجملة من العقبات الهيكلية والفنية واللوجستية.

وأعلن وزير الثروة الحيوانية والسمكية أحمد التجاني أن الوزارة تخطط لقيام مدينة للإنتاج الحيواني على المدى القصير 2026، وأخرى على المدى البعيد 2028، كأولوية بهدف زيادة الصادرات من المنتجات الحيوانية والسمكية.

ويأتي المشروع، الذي تم الكشف عنه السبت، في لحظة مفصلية دون ذكر تفاصيل حول تكلفته التقديرية، يراهن فيها السودان على موارده الطبيعية وقدراته المحلية لتحويل الثروة الحيوانية من إمكانات كامنة إلى محرك فعلي للنمو الاقتصادي والأمن الغذائي.

وأوضح التيجاني خلال مناقشة الخطة أن المشاريع تشمل 37 مشروعاً في مجالات الثروة الحيوانية والسمكية بهدف الوصول إلى الاكتفاء الذاتي وتعزيز الصادرات، وفق ما أوردته وكالة الأنباء السودانية الرسمية.

وتعد الثروة الحيوانية، المقدرة بحوالي 140 مليون رأس، من أكثر القطاعات تضررًا منذ اندلاع الحرب. ففي كردفان ودارفور، حيث تتركز 60 في المئة من هذه الثروة، خلّفت المعارك خسائر كبيرة شملت النهب وحرق للمراعي وتدمير للبنى التحتية البيطرية.

وتشير تقارير دولية إلى أن البلد خسر أكثر من مليار دولار من صادرات الماشية خلال الفترة بين يناير ويونيو من هذا العام، بفعل توقف الطرق المؤدية إلى الموانئ وارتفاع تكاليف الوقود بنسبة 300 في المئة.

وعلاوة على ذلك، أدّى النزوح الواسع بسبب استمرار الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى تأثر أكثر من 7 ملايين شخص في المناطق الرعوية، خاصة النساء اللاتي يشكلن جزءًا مهما من نشاط الرعي.

وعلى سبيل المثال، تراجع عدد القطعان في منطقة غرب كردفان بواقع 40 في المئة، وفق مؤشرات أظهرتها دراسة لمركز النزاعات البيئية مؤخرا، نتيجة الجفاف والحرب معًا.

ومع ذلك يؤكد التيجاني أن الوزارة تسعى إلى الوصول بالسودان ليكون منافساً على المستوى الإقليمي والدولي في مجال الثروة الحيوانية والموارد السمكية خلال المرحلة المقبلة.

وقال إن “الرؤية تتماشى مع سياسات الوزارة ومع الأهداف الوطنية لتنويع الاقتصاد وتعزيز الأمن الغذائي ووضع السودان في موقع تنافسي عالمي.” وأشار إلى تخطيط الوزارة لفتح أسواق جديدة لصادر اللحوم السودانية الجيدة وخلوها من الأمراض.

وتتضمن الخطط برامج ومشاريع من شأنها تعزيز التعايش السلمي بين المكونات المحلية وتقليل الاحتكاكات حول المراعي، وأن هذه البرامج ستتم بالتنسيق والتعاون مع الشركاء من المنظمات الدولية والإقليمية.

كما تشمل إنشاء شراكات مع القطاع الخاص، والصناديق الإقليمية مثل الصندوق الكويتي وبنك التنمية، فضلاً عن الشراكات مع الدول الشقيقة والصديقة مثل مصر والسعودية وقطر والكويت والبحرين وسلطنة عمان، وفق المنصوري.

وما يزال السودان، رغم الظروف، يحتفظ بمرتبته الأولى عربيًا وأفريقيًا، والسادسة عالميًا في حجم الثروة الحيوانية، التي تسهم بأكثر من 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، و40 في المئة من الإنتاج الزراعي، و25 في المئة من العائدات.

وعلى الرغم من حجم الدمار، يشهد القطاع بعض مظاهر الصمود، فقد نجح السودان في شهر سبتمبر الماضي، في تصدير 4 ملايين رأس ماشية، بزيادة 10 في المئة عن العام السابق، بدعم من الطلب المتزايد في السعودية ومصر.

ووفق وزارة المالية، بلغت صادرات الماشية الحية قبل الحرب 4.72 مليون رأس، وصادرات اللحوم 5.89 مليون طن، وصادرات الجلود 1.75 مليون طن بقيمة 552.46 مليون دولار. إلا أن الحرب خفضت هذه الأرقام إلى أقل من النصف.

وسبق أن أكد وكيل الوزارة عمار الشيخ إدريس، أن هذا التقدم جاء نتيجة جهود مشتركة “دعمنا الجمعيات المحلية في مناطق الإنتاج، خاصة في كردفان.”

وقال في تصريحات صحفية “يتقاسم الرعاة الأعلاف والمراعي، وهذا خفّف الخسائر، كما نفذنا حملات تطعيم مجتمعية غطت 70 في المئة من القطعان في المناطق الآمنة بالتعاون مع منظمة فاو.”

كما شدد على أن الوزارة ماضية في تنفيذ الإستراتيجية الخمسية للنهوض بالقطاع، والتي تشمل إنشاء “مدن للإنتاج الحيواني” وتأسيس مصانع للأعلاف، وتوطين صناعة اللقاحات، وتحسين البيئة الرعوية.

ويرى خبراء أن صمود قطاع الثروة الحيوانية مرتبط بوقف النهب وتأهيل طرق النقل، لكن الخطوات الأولى، كالإستراتيجية الخمسية والشراكات الدولية، تمنح بارقة أمل في أن يستعيد السودان موقعه كأحد أكبر مصدري الماشية في أفريقيا.

ويقول عضو شعبة مصدري المواشي، هشام صالح إن “القطاع دفع ثمن الحرب، فقدنا مسالخ ومحاجر ومراكز بحوث، ونفقت أعداد كبيرة من الماشية، لكن رغم ذلك، أثبت الرعاة والحكومة قدرة لافتة على الصمود”.

العرب

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا