آخر الأخبار

العودة للخرطوم (بين اليقظة والأحلام) !!

شارك

محمد الصادق

يحلم الكثيرين بالعودة إلي ديارهم

تحت ضغوط الإيجارات الغالية

سواء بالويلات أو بدول الجوار

وكذلك بسبب

حالة الملل التي يعيشها الناس

جراء حياة النزوح

حيث المعاناة

من الضيق وشظف العيش

وكل الأوضاع السيئة

في العمل والتعليم و السكن

وهموم الاكل والشرب والإنارة

يحلم كثير من الناس

بأن يعودوا إلي حياتهم وأعمالهم

مثلما كانت عليه الحال قبل الحرب

وكثيرون هم

من تسوقهم العاطفة والحنين

للعودة إلي الديار

وهم يرددون في أحلامهم

ابيات ابن زريق البغدادي:

هَل الزَمانُ مَعِيدٌ فِيكَ لَذَّتنا

أَم اللَيالِي الَّتي أَمضَتهُ تُرجِعُهُ؟

عَسى اللَيالي الَّتي أَضنَت بِفُرقَتَنا

جِسمي سَتَجمَعُنِي يَوما وَتَجمَعُه.

ولكنهم للاسف يستيقظون

من ذلك الحلم الجميل

علي واقع مختلف

واقع مرير عن مدينتهم

فالاخبار الآتية من الخرطوم لا تسر

والقنوات المحلية والعالمية

تعرض مشاهد محزنة ومؤلمة

قبل يومين عرضت قناة الهلال

بعض الذين عادوا

وهم يناشدون البقية أن تأتي

لكي تعود الخدمات

وهو يؤكدون

أنه إن لم يأت كل الناس

لن تعود الخدمات

وهذا طبعا بسبب التخريب المتعمد

الذي طال بنية الخدمات

فلم يكتفي الشفشافة

باخذ الطلمبات والمحولات

بل حتي خراطيش المياه وكيبلات الكهرباء

تم تشليعها واخذها

ووصل الأمر إلي درجة

تشليع الأبواب والنوافذ

وفك الأسقف لأخذ الحديد والزنك

بل وصل الأمر إلي

تهشيم أعمدة الكهرباء

من اجل اخذ السيخ

كذلك تحدثوا عن تراكم النفايات

وانتشار الباعوض والحشرات

نتيجة لتراكم مياه الخريف والاوساخ

وقد عرضت احدي القنوات

حادثة انتشال جثة آدمية

من بئر سايفون

وقيل أن هذه ظاهرة منتشرة

قبل أيام وفرت السلطات ارقام هواتف

للتبليغ عن الألغام والمتفجرات التي لم تنفجر

وحكي لنا أحد الذي غادروا مؤخرا

أن الكثير من شوارع الأسفلت

أصبحت بلا اسفلت

كل هذا يعكس لك

إلي أي درجة وصل التدمير والتخريب

غير أن التحدي الأكبر

يظل هو تحدي الأمن

فقبل عيد الفطر

أوصت السلطات بتجنب التجمعات

وباداء صلاة العيد داخل المساجد

بدلا عن الميادين والساحات

وقبلها جاءت اخبار

عن انتشار عمليات نهب مسلح

تحدث حتي أثناء النهار

▪▪▪▪▪

إذن فالعودة بأعداد كبيرة

لها ميزة المساهمة في دفع نفقات إعادة الخدمات

وفي إعادة الأمن للشوارع

وفي أعمال النظافة ورفع الأنقاض

لكن من ناحية اخري ..

فإن عودة أعداد كبيرة

قبل عودة الخدمات

خاصة خدمات المياه وخدمات الصحة

يمكن أن يؤدي إلي كوارث

أكبر حتي من كارثة الحرب نفسها

لذلك سمعت أحد المسؤولين

يفضل مجيء الشباب في الأول

الآن .. ما نعلمه خلال لقاءاتنا مع الناس

أن هناك الآلاف من نازخي الخرطوم

متحمسون للعودة

وينتوون التنفيذ

بعد العيد مباشرة

لكن لا أحد يعرف كم العدد

هل هو آلاف

ام عشرات الآلاف

ام مئات الآلاف

المدينة كان تعدادها

أكثر من عشرة مليون

وربما اكثر

نحن في السودان ليس لدينا احصاءات دقيقة في أي شيء

لكن الذين التزموا مساكنهم ولم ينزحوا أصلا

هم أقل من ١% من المواطنين

هناك حقيقة يجب أخذها في الإعتبار

أن أعدادا غفيرة من سكان الخرطوم

كانت تسكن بالإيجار وكثير منهم عمال وموظفين

يتبعون للقطاع الخاص

فهؤلاء لن يعودوا قبل عودة

المصانع والشركات الخاصة

فوجود المصانع بالخرطوم

هو بسبب توفر العمالة الرخيصة

فهي لن تعود قبل عودة هؤلاء

الذين التجأ أغلبهم إلي أقاربهم ونسايبهم

ولا يملكون الآن ما يستأجرون به

فالمسألة كأنها جدل بيزنطي

الدجاجة أولا أم البيضة؟!

لكن لنكن واقعيين ..

الناس أصلا لم تأت للخرطوم

لكي يعمّروا ويصلّحوا المدينة

بل جاءوا إليها لأنها أصلا

كانت عامرة وصالحة

جاءها الناس من كل حدب وصوب

ليستمتعوا بخدمات لا تتوفر لديهم

المياه النظيفة والغاز والكهرباء والخبز

وجودة خدمات التعليم والصحة

وتوفر فرص العمل وكسب العيش.

□■□■□■

نذكّر بالدعاء علي الظالمين

فهو دعاء لا شك مستجاب

الذين أخرجوا الناس من ديارهم

بغير حق وسفكوا دماءهم

وانتهكو أعراضهم

وأخذوا حقوقهم

وساموهم سوء العذاب

[email protected]

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا