ابيي: سايمون دينق
سوق “اميت” بمنطقة ابيي الادارية او سوق النعام كما يطلق عليه الاخوة المسيرية، هو سوق حدودي حيوي يضج بالحركة التجارية بين دولتي السودان شماله وجنوبه ويقع على مسافة 10كيلو متر تقريبا شمال مدينة ابيي، تأسس عام 2016 في عهد حاكم ابيي الحالي (شول دينق الاك) عقب الاحداث الدامية التي شهدتها المنطقة.
يوفر هذا السوق لسكان المناطق الحدودية اغلب السلع والمواد الاستهلاكية مثل الذرة والدقيق والفول السوداني وبعض انواع الزيوت، وكل انواع الاقمشة والملبوسات بالاضافة الي ذلك يحتوي السوق دلالة للمواشي (البقر والغنم والحمير)، ولاحقا جرى استحداث فرع خاص بالسيارات المستعملة واشياء أخرى قيمة.
يعمل السوق بالعملتين معا “جنيه جنوب السودان والجنيه السوداني، الي جانب الدولار الامريكي، والاخير ينحصر التعامل به بين تجار العملات وايجار المحلات ولا يدخل في نطاق البيع والشراء المباشر.
كثرت الروايات واختلفت حول الدوافع التي ادت الي قيامه بالرغم من وجود اسواق اخرى شبيهة له في المنطقة من قبل ، غير ان الجميع يتفقون على الاهمية القصوى التي بات يشكله السوق بالنسبة لدولتي السودان في الوقت الحالي.
وبحسب الافادات التي ادلى بها بعض التجار يقولون ان السوق في السابق كان مصدر بضاعته الاساسي هو دولة السودان قبل الحرب، ولكن في الوقت الحالي تبدل الموقف رأسا على عقب واصبحت اغلب البضائع تأتيه من جوبا عاصمة جنوب السودان ما عدا البصل والغنم والفول السوداني (واشياء اخرى).. ما يعني انه في كلا الحالتين يمثل شريان الحياة الحقيقي لا غنى عنه.. وخلافاً الى انه يوفر للمواطنين ما يحتاجونه، فهو سوق مضمون الربح بالنسبة للتجار الاجانب العابرين للحدود وخاصة لدى التجار الصوماليين والاثيوبيين وجنسيات اخرى من الدول المجاورة لجنوب السودان، بل يقال ان سوق اميت هو مصدر الرئيسي للثراء الفاحش الذي ينعم به بعض التجار الاجانب.
في صبيحة يوم الاربعاء 23 اكتوبر 2024 الجاري قمت بزيارة استطلاعية لسوق “اميت” برفقة الزميل الصحفي: ابيي مكواج، وهو من ابناء المنطقة وقد تفضل مشكورا باجراء جميع التسهيلات المطلوبة مع السلطات الرسمية في المدينة تحسبا لاي طارئ غير متوقع وبفضل مجهوداته قابلنا محافظ مقاطعة “اميط اقواك” التي تقع ضمنها سوق اميت، وقد رحب بنا السيد المحافظ: “اجنق كوال داو” خير ترحيب، ليس هذا وحسب، بل وسبقتنا اتصالاته الي ضباطه الاداريين الذين وجدناهم بدورهم في انتظارنا على مدخل السوق، وقد ورحبوا بنا ايضا.
اولى الملاحظات وانا اتجول داخل سوق اميت، فهو يعيش في حالة ركود غير مسبوق له في تاريخه نسبة لندرة السلع التي ما عادت تتوفر فيه كما في السابق بعد انقطاع انسياب البضائع التي كانت تأتيه من السودان، وهذا الانقطاع بسبب الحرب الدائرة هنالك بالاضافة الي توقف طريق جوبا ابيي بفعل مياه الخريف.
الملاحظة الثانية: ان جميع من في السوق يمتلكهم عدم اليقين على ما قد ستؤول اليه الاوضاع في المستقبل القريب وخاصة لا تزال منطقة ابيي بصفة عامة مجهول المصير، لكونها منطقة خلاف وصراع لا يهدأ بين دولتي السودان اذ لم يحسم مصيرها بعد، وتاثير الوضع الملتبس هذا جعل اغلب اصحاب المحلات التجارية في سوق اميت يشيدونها بمواد بناء بدائية قابلة للازالة السريعة متى ما ارادو ذلك بدلا من البناء الثابت، وهذا تفاديا للخسائر او التقليل منها اذا ما حدث اي طارئ في السوق.
التاجر: عبدالرحيم آدم من ابناء شمال السودان يملك متجرا للمنتجات السودانية من المواد الاستهلاكية وله عام ونصف في سوق امييت، سألناه عن بعض المعوقات التي يعانون منها في السوق، فقال ان المشكلة الاساسية هي ندرة البضاعة التي تصل السوق، مما ادى الي ارتفاع اسعار اغلب السلع الرئيسية مثل جركانة زيت الفول السوداني سعة (29) رطل اصبح ثمنها “125” الف جنيه جنوب السوداني خلاف ما كانت عليه سابقا، وكرتون الشاي الحب بلغ ثمنه اكثر من”65″ الف جنيها.
من جانبه، اضاف التاجر الهادي محمد اغبش وهو يشغل ايضا في منصب سكرتير لجنة السلام من طرف المسيرية ان منطقة ابيي عموما تعاني من مشاكل الطرق والانفلات الامني ما يعني ان التهديات الماثلة لا تقتصر على سوق اميت وحده، مشيرا الي ان حرب السودان والصراع الدائر بين عشائر دينكا نقوك وتويج هما السببان الرئسيان للمعاناة التي تعيش فيها المنطقة هذا الي جانب أزمة الطرق التي اغلقت بفعل هطول الامطار والسيول.
ويشير “اغبش” الي ان الوضع الصحي في ادارية ابيي حرج للغاية لان المستشفيات القليلة التي في المنطقة ما عادت تستطيع استيعاب الكم الهائل من النازحين الذين قدموا من دولة السودان .
وناشد “اغبش” المنظمات الانسانية العاملة في ابيي ببذل المزيد من الجهود من اجل انقاذ نازحي حرب السودان وقبلهم ابناء المنطقة على حد وصفه.
صحيفة الموقف