آخر الأخبار

برامج إثيوبية طموحة لإنتاج الكهرباء وتصديرها

شارك الخبر
مصدر الصورة

تعمل إثيوبيا في إطار استراتيجية قومية تهتم بالوفاء بحاجات التنمية من الطاقة الكهربائية، وتعتمد سياساتها على تنويع مصادر الطاقة والاستفادة المثلى من مواردها.

تسعى إثيوبيا في خططها لإنتاج الطاقة إلى استغلال إمكاناتها الطبيعية كافة من مياه ورياح وغيرها ضمن خطط مدروسة وفق برامج متدرجة، وكانت إثيوبيا خلال الأعوام الأخيرة وقعت اتفاقات مع عدد من دول الجوار كالسودان وجيبوتي تتضمن توصيل شبكة موحدة، لتضاف اتفاقات جديدة لاحقة مع كل من كينيا وجنوب السودان وتنزانيا ضمن برامج طموحة، وثمة توجه لإدخال دول أخرى في مراحل لاحقة.

وقال مدير مكتب الاتصال في شركة الكهرباء الإثيوبية موغس مكنن إن الشركة تمكنت خلال الربع الأول من العام المالي الحالي من إنتاج 6456 ميغاوات/ ساعة من الكهرباء للاستهلاك المحلي والدول المجاورة، بزيادة 36 في المئة عن الربع المناظر من العام السابق”، مضيفاً أن “الشركة تمكنت من كسب 31.5 مليون دولار من خلال بيع 497.8 ميغاوات/ ساعة من الكهرباء إلى جيبوتي وكينيا والسودان خلال الربع الأول من العام الحالي”.

وتابع أنه “بناء على خطتنا لتصدير الكهرباء، فإننا خططنا لتصدير 558.3 ميغاوات، وإلى الآن صدرنا 497.8 ميغاوات. وحققنا نسبة 89.1 في المئة من بيع الكهرباء، وفي ما يخص بيان الدخل فبلغ 91.8 في المئة وفقاً للخطة”.

استراتيجية قومية

وكانت إدارة التخطيط المؤسسي لهيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية أعلنت العام الماضي أن قدرة توليد الكهرباء في إثيوبيا وصلت إلى نحو 5200 ميجاوات.

وقال مدير استراتيجية واستثمارات محطات الطاقة في قسم التخطيط المؤسسي بهيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية ماريألم أمدبرهان إنه “في الأعوام الـ10 المقبلة خططت الهيئة لتوليد الطاقة التي يمكن أن تلبي حاجات الاقتصاد الطموح، سواء من المياه والرياح والطاقة الشمسية والبخار تحت الأرض”. وأكد أيضاً أن “الهيئة تعمل في إطار استراتيجية قومية تهتم بالوفاء بحاجات التنمية من الطاقة الكهربائية، وتعتمد في سياساتها على تنويع مصادر الطاقة والاستفادة المثلى من مواردها المتجددة وتحسين كفاءة إنتاجها واستخدامها”.

وضمن خططها، تعمل إثيوبيا على توسيع إنتاجها من الطاقة الكهربائية عبر مصادر متنوعة، في مقدمتها السدود المائية كسد “تيكيزي” في منطقة تيغراي، وسد “بيليس” (Beles) في إقليم أمهرة، إلى جانب سدود “جيلجل جيب 1″ و”جيلجل جيب 2″ و”جيلجل جيب 3” بإقليم أمهرة. ويمثل سد النهضة مقدمة تلك السدود، إلى جانب المشاريع الأخرى لإنتاج الطاقة الكهربائية ضمن خطط مستقبلية لتوليد طاقة تصل قدرتها إلى 37 ألف ميغاواط خلال الـ25 عاماً المقبلة، بحسب تصريحات المسؤولين.

وكان تقرير سابق نشرته شبكة أميركية أفاد بأن “إثيوبيا أكملت أكبر مشروع يعتبر الأول والأضخم من نوعه على مستوى أفريقيا لإنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام الرياح”، ووفقاً للتقرير الذي أوردته شبكة “سي أن أن” الأميركية فإن المشروع المقام في إقليم تيغراي كلف 290 مليار دولار وبإمكانه أن يولد طاقة كهربائية تقدر بـ120 ميغاوات، إلى جانب مشروع ثانٍ في مدينة أداما الواقعة في إقليم أوروميا لإنتاج 153 ميغاوات من الطاقة الكهربائية.

يذكر أن 90 في المئة من القدرة الإنتاجية المركبة في إثيوبيا تأتي من الطاقة الكهرومائية، في حين أن النسبة الباقية (10 في المئة) تأتي من طاقة الرياح والمصادر الحرارية (ثمانية واثنان في المئة على التوالي).

إشراك القطاع الخاص

وكان وزير المياه والري الإثيوبي هبتامو أتيفا قال إن حكومته وضعت خطة لإشراك القطاع الخاص في مجال توليد الطاقة وتوزيعها، فضلاً عن الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، موضحاً أن خطة بلاده تقوم على تصدير 2000 ميغاوات من الطاقة الكهربائية إلى دول الجوار، بالاستفادة من إمكانات الموارد التي تتمتع بها إثيوبيا.

وفي ما يتعلق بالتوليد المائي الذي يشكل النسبة الرئيسة من إنتاج الطاقة، كانت إثيوبيا أعلنت في أغسطس (آب) الماضي أنها قامت بتشغيل توربينين جديدين في مشروع “سد النهضة” الكبير، مما يتيح لها مضاعفة إنتاجها من الكهرباء.

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد افتتح في الـ20 من فبراير (شباط) 2022، مشروع توليد الكهرباء من سد النهضة، إذ بلغت أولى عمليات التوليد ما يعادل 750 ميغاوات عبر تشغيل اثنين من التوربينات يولد كل منهما 375 ميغاوات.

وأضافت الحكومة أن التوربينين الجديدين اللذين بدأ تشغيلهما فعلياً في أغسطس الماضي، ويولد كل منهما 400 ميغاوات، فضلاً عن توربينين سابقين، ارتفعا بإجمالي الإنتاج إلى 1550 ميغاوات من سد النهضة الذي يمثل هدفاً استراتيجياً لإنتاج الطاقة الكهربائية بقدرة مؤملة تبلغ 6000 ميغاوات.

وفي دراسة له “عن توليد الطاقة الكهربائية وخلفيات القرار الإثيوبي”، يقول الصحافي المهتم بقضايا القرن الأفريقي عبدالقادر محمد علي “وفقاً للرؤية الاستراتيجية الإثيوبية، لا تنبع أهمية توليد الكهرباء من سد النهضة في تلبيته للحاجات المحلية من الطاقة الكهربائية فحسب، إذ تصل نسبة غير المتمتعين بها إلى 60 في المئة من سكان البلاد الذين يزيد عددهم على 112 مليون نسمة، بل إن أديس أبابا تعتمد كذلك على السد كمصدر مستقبلي محتمل للعملات الصعبة وللهيمنة الجيوسياسية أيضاً”.

تلبية دول الجوار

وأوضح مدير مكتب الاتصال بشركة الكهرباء الإثيوبية موغس مكنن أن بلاده تظهر حالياً نمواً في قدرتها لإنتاج الكهرباء وتحقيق الدخل من هذا القطاع، لهذا السبب تمكنت من تنفيذ مشاريع في تطوير هذا القطاع لأن حاجة الدول المجاورة للحصول على الطاقة من إثيوبيا تتزايد”.

وأشار إلى أن “الطاقة التي تم تصديرها سابقاً إلى كينيا كانت في مرحلة البيع التجريبي، لكن الآن وبموجب اتفاق تصدير الكهرباء لكينيا يتم تصدير 100 ميغاوات من الطاقة إليها، مما يساعد في زيادة الدخل من مبيعات الطاقة”.

وأضاف، “لقد بدأنا بتصدير الكهرباء إلى كينيا منذ ما يقارب العام، وخلال هذا العام بعنا الكهرباء إليها بصورة تجريبية لفترة قصيرة، ثم انتقلنا إلى البيع الكلي من خلال اتفاق يتم من خلاله توريد 200 ميغاوات من الطاقة، وهذا الاتفاق لم يكُن مبرماً ولكن بعد إبرامنا إياه، فإنها تطالبنا بتوريد 200 ميغاوات من الكهرباء، مما أسهم بصورة ملحوظة في زيادة الدخل”.

وكانت الهيئة أبرمت في أعوام سابقة عدداً من الاتفاقات مع كل من السودان (300 ميغاوات) ودولة جيبوتي (50 ميغاوات) وهي سارية المفعول عبر شبكة كهربائية موحدة.

وتابع مكنن أنه “يتم التحضير لتزويد جنوب السودان وتنزانيا بالطاقة، والخط الممتد إلى كينيا لديه القدرة على نقل ما يصل إلى 2000 ميغاوات منها”، مردفاً أنه “من الممكن الوصول بسهولة إلى تنزانيا لتزويدها بالطاقة، وقد بدأت مفاوضات خاصة لتوفير الطاقة لتنزانيا. وفي ما يتعلق بجنوب السودان فقد تم توقيع مذكرة تفاهم، ويجرى الآن تنفيذ الأعمال الفنية من قبل الخبراء”.

وأوضح أن “تنفيذ تصدير الكهرباء إلى تنزانيا سيتم خلال فترة قصيرة جداً، ولا توجد لدينا أعمال فنية إضافية لأن الخط الممتد إلى كينيا الذي يصدر من خلاله 200 ميغاوات، لديه القدرة على نقل ما يصل إلى 2000 ميغاوات من الطاقة، وبعد انتهائنا من المفاوضات مع تنزانيا لن يبقى فقط سوى توقيع الاتفاق الجديد، ومع جنوب السودان وقعنا مذكرة تفاهم، وبناء على هذه المذكرة يجري تنفيذ الأعمال الفنية”.

نفوذ جيوسياسي

وفي ما يتعلق بأبعاد القرار الإثيوبي في خطط الطاقة، يقول الصحافي عبدالقادر محمد علي “تذكر دراسة صادرة عن مركز الحفاظ على التنوع الجزيئي الدولي (MDPI) المختص بشؤون الطاقة أن أحد طموحات الحكومة الإثيوبية هو تطوير التجارة الدولية وأن تصبح إثيوبيا دولة مصدرة للكهرباء في المنطقة. وتوضح الدراسة الصادرة عام 2021 أنه يمكن للحكومة استخدام عائدات تصدير الكهرباء بالعملة الصعبة لتعزيز النمو الاقتصادي ودعم تطوير نظام الطاقة لديها وتمويل استثمارات الطاقة المتجددة”.

ويضيف عبدالقادر أن “مثل هذه الصادرات في مجالات الطاقة ستضمن لأديس أبابا نفوذاً جيوسياسياً لدى الأطراف المستوردة، باعتبار أن الكهرباء لن تكون أداة حيوية في عملية التنمية في هذه الدول فحسب، بل ستكون أيضاً مرتبطة بحياة الناس اليومية في هذه البلدان بصورة رئيسة، لا سيما بناء القدرات الاقتصادية المتعلقة بالرفاه الاجتماعي بأنواعه المختلفة، مما نشاهد حالاً نموذجية له في استخدام روسيا لصادراتها من النفط والغاز للضغط على الاتحاد الأوروبي”.

هاشم علي حامد محمد كاتب وباحث في شؤون القرن الأفريقي

اندبندنت عربية

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك الخبر

إقرأ أيضا