آخر الأخبار

دخول اتفاقية عنتيبي حيز النفاذ يهدد حصة مصر المائية

شارك الخبر
مصدر الصورة

إبراهيم مصطفى

أيام قليلة ربما تفصل مصر عن أزمة جديدة مرتقبة مع إثيوبيا وعدد من دول حوض النيل، إذ يدخل الاتفاق الإطاري للتعاون بين دول الحوض أو ما يعرف باتفاقية عنتيبي حيز النفاذ في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري وفق الموقع الرسمي لـ”مبادرة دول حوض”، وذلك بعد 14 عاماً من توقيع بعض الدول المطلة على أطول أنهار العالم على الاتفاقية التي تثير جدلاً منذ كانت مجرد فكرة قبل نحو عقدين من الزمان، بسبب مخاوف دولتي المصب مصر والسودان من عدم اعتراف الاتفاقية بالحصص المائية التاريخية لهما، التي تنص عليها عدة اتفاقيات أبرمت القرن الماضي، لكن دول المنبع وعلى رأسها إثيوبيا ترفض تلك المعاهدات وتصفها بالاستعمارية.

وبحسب بنود الاتفاقية فإنها تدخل حيز النفاذ بعد 60 يوماً من تصديق ثلثي دول حوض النيل على الاتفاقية، وكان آخر المصدقين دولة جنوب السودان في 14 أغسطس (آب) الماضي، فيما كانت إثيوبيا أول الموقعين في عام 2010 إلى جانب أوغندا وتنزانيا ورواندا وكينيا وانضمت لاحقاً بوروندي، وبعد ذلك بثلاثة أعوام صادقت حكومتا إثيوبيا ورواندا على الاتفاقية، ثم تنزانيا في 2015 وتبعتها أوغندا في 2019 وبوروندي في 2023، فيما لم تصادق حكومة كينيا حتى الآن.

ومن المنتظر بعد دخول الاتفاقية حيز النفاذ أن تنشأ مفوضية دول حوض النيل التي تعنى بتنظيم وإدارة السياسات الخاصة بإدارة المياه بين الدول الأعضاء، والتي من الممكن أن تحظى باعتراف من الجهات الدولية، مما يعطي أعمالها أبعاداً سياسية وقانونية.

ربع قرن من الخلاف

يرجع تاريخ الاتفاق إلى 25 عاماً مضت، إذ أطلقت الدول الـ10 المطلة على حوض النيل وهي مصر والسودان وإثيوبيا والكونغو الديمقراطية ورواندا وبوروندي وتنزانيا وكينيا وأوغندا وإريتريا، مبادرة تعاون برعاية من الأمم المتحدة والبنك الدولي، عام 2009 وذلك بهدف تنظيم التعاون وإدارة الموارد المائية لنهر النيل.

إلا أن الخلاف ظهر لاحقاً في شأن بنود الاتفاق الإطاري المنظم للكيان الجديد، حين سعت دول المنبع إلى إقامة مفوضية لتحل محل الكيانات السابقة المنظمة للتعاون بين دول حوض النيل، وكان الخلاف الأبرز حول المادة 14 التي تنص على أنه “تتفق دول حوض النيل بروح التعاون على عدم التأثير الكبير في الأمن المائي لأي دولة أخرى في حوض النيل”، لكن مصر والسودان طالبتا بتعديل المادة لتنص على “عدم التأثير بصورة كبيرة في الأمن المائي والاستخدامات الحالية وحقوق أي دولة أخرى في حوض النيل”، في إشارة إلى الحصص المائية الحالية التي نصت عليها الاتفاقيات الموقعة أعوام 1902 و1929 و1959، والتي تنص على حصول مصر على 55.5 مليار متر مكعب سنوياً من مياه النيل، و18.5 مليار متر مكعب سنوياً للسودان.

وبعد 10 أعوام من الجدل بين دول المنبع والمصب وقعت إثيوبيا وتنزانيا وأوغندا ورواندا وكينيا على الاتفاقية التي عرفت باسم “عنتيبي” المدينة الأوغندية التي اجتمع بها وفود تلك الدول، من دون الأخذ في الاعتبار شواغل دولتي المصب. وكان موقف مصر والسودان موحداً برفض التوقيع وتجميد مشاركتهما في مبادرة حوض النيل. وبحسب الهيئة العامة للاستعلامات التابعة لرئاسة الجمهورية المصرية، فإن اعتراض القاهرة على الاتفاقية يرجع إلى وجود ثلاثة بنود خلافية ترفضها مصر، وهي “بند الأمن المائي وعدم الاعتراف بالحصة التاريخية لها في مياه النيل المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب وفق اتفاقية 1959، وبند الإخطار المسبق رقم 12 بتنفيذ أي مشروعات على النيل، وبند التصويت على القرارات بالإجماع بدلاً من الغالبية”.

تفاقم الخلاف

الإعلان عن قرب دخول الاتفاق الإطاري لدول حوض النيل جاء في أكبر محفل سياسي دولي، الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال كلمة إثيوبيا في 28 سبتمبر (أيلول) الماضي، إذ قال وزير خارجية إثيوبيا تاي أتسكي سيلاسي، إن ذلك في أعقاب تصديق إثيوبيا وتنزانيا ورواندا وأوغندا وبوروندي وجنوب السودان وإيداعها لدى الاتحاد الأفريقي، مشيراً إلى أن المعاهدة “ستمهد الطريق للتعاون المستدام والنمو المشترك في جميع أنحاء حوض النهر”. ودعا الدول الأخرى المتشاطئة على النيل إلى الانضمام إلى الإطار التعاوني و”أن تلعب دوراً بناء في ضمان الاستخدام العادل والمعقول لنهر النيل”.

ولم تبد مصر موقفاً رسمياً منذ تصديق جنوب السودان على اتفاقية عنتيبي أو ما ذكره وزير الخارجية الإثيوبي في الأمم المتحدة، لكن اختصاصيين في حديثهم لـ”اندبندنت عربية” أكدوا أن إحياء ملف اتفاق عنتيبي بعد 14 عاماً من توقيعها لا يمكن فصله عن أسباب التوتر بين القاهرة وأديس أبابا خلال الأعوام الأخيرة على خلفية عدم التوصل إلى اتفاق قانوني في شأن سد النهضة الإثيوبي، فضلاً عن تأجج الموقف نتيجة دعم مصر الحكومة الصومالية في مواجهة الاتفاقية التي وقعتها إثيوبيا مع إقليم أرض الصومال الانفصالي، والتي عدتها مقديشو اعتداء على سيادتها ووحدة أراضيها.

وأعلنت وزارة الخارجية المصرية في الـ24 من سبتمبر الماضي رسمياً عن تسليم شحنة مساعدات عسكرية إلى مقديشو لدعم الجيش الصومالي، بعدما وصلت شحنة سابقة كشفت عنها وسائل إعلام بينما لم تعلق القاهرة عليها، وكانت تلك الشحنات أرسلت بعد اتفاق للتعاون العسكري بين البلدين. وتعتزم مصر المشاركة في قوات حفظ السلام الأفريقية في الصومال، بعدما رفضت حكومة مقديشو التمديد للقوات الإثيوبية. كذلك، كان لافتاً تكثيف التنسيق المصري مع إريتريا في الأسابيع الأخيرة، تزامناً مع تقارير عن توتر علاقات أديس أبابا وأسمرة، مما فسره مراقبون بأنه يأتي أيضاً في سياق التوتر المصري- الإثيوبي.

ضغط على مصر

وبحسب نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة فإن مصر والسودان لم يوقعاً على اتفاق عنتيبي، والقوانين الدولية تنص على وجوب موافقتهما على إطلاق مفوضية مياه النيل.
اندبندنت عربية

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك الخبر

إقرأ أيضا