آخر الأخبار

لماذا التردد الأميركي في تمديد معاهدة الحد من الأسلحة الإستراتيجية؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

موسكو- يواجه العالم خطرا، هو الأول من نوعه منذ عقود، مع غياب تام للقيود القانونية على الترسانات النووية لأكبر قوتين عظميين في العالم، في ضوء الغموض الذي يلف مستقبل معاهدة الحد من الأسلحة الإستراتيجية (ستارت الجديدة).

وهذه المعاهدة هي الوحيدة المتبقية التي تحد من ترسانات روسيا و الولايات المتحدة الإستراتيجية، والتي ستنتهي صلاحيتها في الخامس من فبراير/شباط 2026، دون وجود مفاوضات جارية حاليا بشأن اتفاقية لاحقة.

وتهدف المعاهدة إلى الحد من عدد الترسانات النووية المنتشرة لدى كلا البلدين. وتم التوقيع عليها عام 2010 ودخلت حيز التنفيذ عام 2011 لتحل محل "معاهدة ستارت الأولى" لعام 1991، مجددة التزام الطرفين بخفض ترساناتهما النووية الإستراتيجية بشكل قابل للتحقق.

وتحدد المعاهدة سقفا لعدد الرؤوس الحربية النووية المنشورة على الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات، والقاذفات الثقيلة المجهزة بأسلحة نووية.

كما تقيّد عدد أنظمة الإطلاق المنشورة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات، والقاذفات القادرة على حمل رؤوس نووية، بالإضافة إلى الحد من العدد الإجمالي لمنصات الإطلاق والقاذفات، سواء المنشورة أو غير المنشورة.

واقع جديد

في أعقاب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022 و العقوبات الغربية التي فرضت على روسيا جراء ذلك، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "تعليق" بلاده معاهدة ستارت الجديدة، مشيرا إلى مخاوف بشأن الأسلحة النووية البريطانية والفرنسية، والجهود الغربية الرامية إلى تحقيق "هزيمة إستراتيجية" لروسيا في الحرب الأوكرانية.

وتبعا لذلك، أوقف الكرملين عمليات التفتيش الميدانية والإخطارات المتبادلة وحتى المشاركة في المشاورات.

إعلان

ورغم ذلك، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر/أيلول الماضي التزام روسيا بالقيود الكمية الرئيسية للمعاهدة حتى فبراير/شباط 2027 على الأقل، وعرض تمديدا طوعيا لمدة عام واحد للمعاهدة، لكن الولايات المتحدة لم تقدم حتى الآن ردا رسميا رغم إشادة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بها.

وتنتهي المعاهدة رسميا في فبراير/شباط 2026، لكنّ موضوع إبرام اتفاقية جديدة لا يزال مطروحا، رغم التعقيدات التي تحيط به بالنظر إلى اشتراط روسيا مراعاة القدرات النووية لدول أخرى في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، مثل المملكة المتحدة وفرنسا.

مواقف متناقضة

يوضح الخبير الروسي في العلاقات الدولية ديمتري بابيتش أن عدم تمديد المعاهدة يعد أمرا خطيرا، لأن خفض التسلح الإستراتيجي يشكّل عنصرا أساسيا في الحفاظ على الاستقرار بين القوى النووية.

ويضيف بابيتش للجزيرة نت أن غياب المعاهدات يؤدي إلى تزايد انعدام الثقة وخطر سباق تسلح خارج عن السيطرة، مشيرا إلى أن المستقبل يعتمد على استئناف الحوار، واستعداد الأطراف للتنازل بشأن طيف واسع من قضايا الحد من التسلح، ومشاركة الصين، وهو أمر مستبعد حاليا.

ويعتقد الخبير الروسي أن سبب تردد الجانب الأميركي يكمن في رغبة الولايات المتحدة في إدراج الأسلحة غير الإستراتيجية والصين في المعاهدة، بينما تصرّ روسيا على مراعاة الدفاع الصاروخي والفضاء وعوامل أخرى.

ووفقا له، تسعى واشنطن تقليديا إلى إشراك الصين في اتفاقيات الحد من التسلّح المستقبلية، بسبب ما تعتبره نموا سريعا في القدرات النووية لبكين، بالإضافة إلى إصرار واشنطن على أن يتناول أي اتفاق جديد ليس فقط الأسلحة النووية الإستراتيجية، بل أيضا الأسلحة النووية غير الإستراتيجية (التكتيكية)، التي تتمتع روسيا فيها بميزة كبيرة.

وحسب قوله، فإن تمديد المعاهدة يصبّ كذلك في مصلحة واشنطن، لأنها تمنع روسيا من زيادة ترسانتها النووية الإستراتيجية، التي تتجاوز 1550 رأسا نوويا.

علاوة على ذلك، يطمئن التمديد حلفاء الولايات المتحدة إلى أن الحد الكمي الأخير المفروض على القوتين النووية الأميركية و الروسية سيظل ساريا لمدة عام آخر، فضلا عن أن التمديد المؤقت قد يكون بمنزلة إشارة سياسية مفادها أن واشنطن وموسكو لا تسمحان بانهيار آخر ما تبقى من آليات الحد من التسلح القائمة.

حسابات الصقور

من جانبه، يستبعد الباحث بمعهد الدراسات الأوروبية، غريغوري فولكوف، أن توافق الولايات المتحدة على تمديد الحدود المركزية لمعاهدة ستارت الجديدة لمدة عام، "لأن ذلك سيعتبر مكافأة لروسيا ويقيّد التعديلات التي تجريها واشنطن على قوتها النووية الإستراتيجية".

ويضيف فولكوف للجزيرة نت أن موافقة واشنطن على التمديد يعني أن الصين تستطيع المضي قدما في برنامجها النووي واسع النطاق، ويعزز رفضها مناقشة الحد من التسلح دون عواقب.

علاوة على ذلك، سيؤدي تمديد معاهدة ستارت الجديدة إلى التقليل بشكل كبير من احتمالية تمكّن الولايات المتحدة من التفاوض على اتفاقية للحد من التسلح في المستقبل.

ويضيف أن "الصقور" في الإدارة الأميركية يعتبرون أن قبول المقترح الروسي ينطوي على مخاطر جسيمة، كونه سيؤخر الزيادة في القوات النووية الإستراتيجية الأمريكية، وسيصعّب تنفيذ تعديلات حجم القوات المستقبلية على نطاق واسع.

إعلان

كما أن تمديدها ضمن الحدود المركزية سيصب -من وجهة نظر المتشددين في مراكز صنع القرار بالولايات المتحدة- في مصلحة روسيا، إذ يمكّنها من تركيز مواردها على الحرب في أوكرانيا ومواصلة برامجها الإستراتيجية، بينما تبقى الولايات المتحدة مقيدة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا