في مقالها بصحيفة "اليوم"، طرحت الكاتبة الصحفية الدكتورة لمياء البراهيم خيارًا إصلاحيًا يسمح للموظف بالتنازل عن جزء من راتبه أو مزاياه مقابل خفض ساعات عمله، خاصة للموظفين المقبلين على التقاعد ممن لا يرغبون في الخروج المبكر، وكذلك النساء اللاتي يحتجن لوقت أطول في المنزل. وأشارت إلى أن الرواتب المتنازل عنها يمكن أن تسهم في توظيف الشباب لبعض الوقت.
وأكدت البراهيم أن هذه السياسة تستند إلى منطق اقتصادي واجتماعي سليم، ووصفتها بـ "الخيار البسيط القادر على إحداث فارق كبير"، موضحة أنها تتيح للموظفين مرونة أكبر، وتساعد المقبلين على التقاعد أو من يحتاجون لوقت إضافي في المنزل على الاستمرار بالعمل ضمن منظومة الموارد البشرية.
توضح الكاتبة أن هذه السياسة تمنع تسرب الخبرات عبر الاستقالات المبكرة، كما تتيح استخدام المبالغ المتنازل عنها لتوظيف الشباب. وترى أن هذا الخيار يقدّم مكاسب مضاعفة للدولة، إذ يمنع نزيف الخبرة ويبقي الموظف في منظومة العمل، وفي الوقت نفسه يفتح المجال أمام فرص عمل جديدة للشباب.
سلطت البراهيم الضوء على التجارب العالمية، مثل الاتحاد الأوروبي وهولندا وبريطانيا، التي تطبق أنماط عمل مرنة. وأشارت إلى إمكانية معالجة المخاوف المتعلقة بالتقاعد أو الالتزامات طويلة الأجل عبر مبدأ "النسبة والتناسب – Pro-rata"، وهو نموذج معمول به في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).
حذّرت الكاتبة من المخاطر المحتملة في حال تطبيق المرونة دون ضوابط واضحة، مؤكدة ضرورة ربط المرونة بمؤشرات أداء قابلة للقياس، وتحديد سقف نسبي للموظفين الذين يمكن أن يشملهم هذا النظام داخل كل إدارة، مع مراجعة دورية كل ستة أشهر للتأكد من الالتزام بالمهام.
اختتمت البراهيم مقالها بالتأكيد على أن الدوام المخفض مقابل راتب أقل ليس رفاهية بل "استثمار ذكي"، يحفظ رأس المال البشري من التسرب، ويخلق فرصًا جديدة للشباب، ويحقق التوازن بين العمل والحياة. وأضافت أن هذه السياسة تمنح الموظف الشعور بأنه شريك في المنظومة لا عبء عليها، مشددة على أن "الإنسان السعودي هو الثروة الحقيقية التي تبنى عليها رؤية 2030"، مستشهدة بقول ولي العهد: "طموحنا أن نبني وطنًا أكثر ازدهارًا، يجد فيه كل مواطن ما يتمناه".