آخر الأخبار

رحلة الصمود.. عندما تبحر جنوب أفريقيا نحو غزة المحاصرة

شارك

كيب تاون– في مياه البحر الأبيض المتوسط الهائجة، وتحديدا قبالة السواحل التونسية، تستعد سفن أسطول الصمود العالمي للانطلاق بعد غد الأحد في رحلة تاريخية نحو قطاع غزة المحاصر.

وتشير الساعة إلى مساء الخامس من سبتمبر/أيلول 2025، والاستعدادات الأخيرة تجري على قدم وساق لما يُعتبر أكبر جهد بحري مدني لتحدي الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ 18 عاما.

وعبر خطوط الهاتف التي تربط بين تونس وجنوب أفريقيا، تتدفق أصوات المشاركين الجنوب أفريقيين في هذه المهمة التاريخية، أصوات تحمل في نبراتها مزيجا من التصميم والقلق، من الأمل والخوف، من الحماس والوعي العميق بخطورة ما هم مقدمون عليه.

وعلى متن سفن ثلاث، يقف 10 جنوب أفريقيين، بينهم حفيد نيلسون مانديلا، حاملين معهم ليس فقط 15 طنا من المساعدات الإنسانية، بل رسالة واضحة من القارة التي هزمت الأبارتايد .

الرحلة التي بدأت من برشلونة في 31 من أغسطس/آب الماضي، شهدت تأجيلا لمدة 3 أيام بسبب الأحوال الجوية السيئة، قبل أن تستعد للانطلاق أخيرا من موانئ تونس في 7 من سبتمبر/أيلول. ويمتد المسار المخطط له على مسافة تزيد على 1200 كيلومتر بحري من تونس إلى غزة، في رحلة تستغرق عادة بين 7 و8 أيام في الظروف العادية. لكن هذه ليست رحلة عادية، فالأسطول يتجه نحو مياه يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي الذي أعلن صراحة أنه سيعترض أي محاولة للوصول إلى غزة.

وعلى متن السفن الثلاث، يسافر أكثر من 200 ناشط من 44 دولة حول العالم، بينهم 45 طبيبا وعاملا في المجال الصحي، و35 أكاديميا وباحثا، و25 صحفيا وإعلاميا لتوثيق الرحلة، و40 ناشط حقوق إنسان. وتشمل الحمولة 15 طنا من المساعدات الطبية والتعليمية، بما في ذلك أدوية أساسية، ومعدات طبية، وكتب مدرسية، وألعاب للأطفال.

ويضم الوفد الجنوب أفريقي الكامل 10 أشخاص يمثلون تنوع البلاد العرقي والديني والجغرافي، بالإضافة إلى شخص واحد ينضم إلى فريق الدعم القانوني، من بينهم نكوسي زويليفيليلي (حفيد نيلسون مانديلا وعضو البرلمان الجنوب أفريقي) والدكتورة زهيرة سومار الناشطة في حركة التضامن مع فلسطين، والأكاديمي جاريد ساكس، وناشط من "يهود جنوب أفريقيا من أجل فلسطين حرة" وزوكيسوا وانر الكاتبة والصحفية الحائزة على جوائز، وإلهام معفق هاتفيلد مؤسسة منظمة دعم الإغاثة في الكوارث، والدكتورة فاطمة هندريكس أخصائية العلاج المهني والباحثة، وإرشاد أحمد شوتيا وفاضل بهرا ونورين سالوجي ورياض مولا.

مصدر الصورة سومار أمّ 3 أطفال تترك بيتها في جنوب أفريقيا لتبحر نحو مياه خطيرة قد لا تعود منها (الجزيرة)

دوافع الرحلة ومعنى التضامن

عبر الهاتف من تونس، يتدفق صوت الدكتورة زهيرة سومار، الناشطة التي قضت سنوات في الاحتجاجات الأسبوعية والمظاهرات تضامنا مع فلسطين. وفي نبرة صوتها هدوء يخفي وراءه عاصفة من المشاعر، وهي تشرح دوافعها للانضمام إلى هذه الرحلة الخطيرة.

إعلان

"لقد قررت الإبحار في الأسطول من أجل عمل مباشر أكثر لأسباب محددة جدا" هكذا تقول سومار وصوتها يحمل حزما واضحا "أولا، لأنه شكل من أشكال النشاط. ثانيا، إنه شكل غير عنيف من النشاط. وثالثا، لأن الأشياء المعتادة التي كنا نقوم بها خلال العامين الماضيين وقبل ذلك، مثل الاحتجاجات والمقاطعة والضغط على الحكومة ومناشدة الشركات. وبينما نجحت هذه الأساليب وأحدثت بعض التغيير، فلم تتمكن من وقف إبادة جماعية في عامين ولم تتمكن من منع ووقف مجاعة من صنع الإنسان والتجويع ".

ويتوقف صوتها لحظة -في حديثها مع الجزيرة نت- وكأنها تجمع أفكارها، قبل أن تضيف "الأسطول عمل غير سياسي وغير عنيف. إنه فقط لكسر الحصار وفتح الممر الإنساني، وهو ما يتماشى مع القانون الدولي ومع قرار محكمة العدل الدولية عام 2024″.

ويرتفع صوتها قليلا عندما تعترف "الانضمام للأسطول نابع من اليأس. إنه نابع من يأس مطلق لنا كبشر لأننا لا نستطيع تحمل الوقوف ومشاهدة ما يحدث لفترة أطول".

وهذا اليأس الذي تتحدث عنه سومار ليس ضعفا، بل قوة محركة، كما يتضح من نبرة صوتها الحازمة. إنه الدافع الذي يحول المواطنين العاديين إلى أبطال غير عاديين، ويجعل أمّ 3 أطفال تترك بيتها في جنوب أفريقيا لتبحر نحو مياه خطيرة قد لا تعود منها فـ"نحن لسنا أشخاصا استثنائيين. لسنا أبطالا. لا يوجد شيء مميز بي. لا أحمل مهارات فريدة خاصة لا يملكها أحد في هذا العالم. أنا إنسانة عادية. أنا زوجة، أنا أم، أنا ابنة، أنا أخت. أعمل، أعتني بعائلتي، وأعيش، وأعيل، وأنا مسلمة".

وفي مكالمة هاتفية أخرى من تونس، يتحدث جاريد ساكس، الحاصل على دكتوراه من جامعة كولومبيا في دراسات الشرق الأوسط وجنوب آسيا وأفريقيا. ويحمل صوته ثقل المسؤولية التي يشعر بها تجاه قضية قد تكلفه الكثير من ناحية علاقاته مع بعض أفراد مجتمعه فـ"إنه يعطيني مسؤولية للعمل ضد هذا تحديدا وتحدي تلك الرواية التي تقول بطريقة ما إن إسرائيل تتحدث باسم جميع اليهود، أو اليهود بشكل عام. إسرائيل لا تفعل ذلك".

ويقول ساكس للجزيرة نت، وفي صوته حزم واضح "كما رأينا، العديد والعديد من اليهود، خاصة خارج إسرائيل، يرفضون الصهيونية، يرفضون ما تفعله إسرائيل، ويرفضون بالتأكيد هذه الإبادة الجماعية ".

ساكس، الذي أسس منظمة خيرية للأطفال وعمل مع أبرز الحركات الاجتماعية في جنوب أفريقيا لأكثر من 20 عاما، يشعر بثقل خاص على كتفيه، كما يتضح من نبرة صوته المتأملة "بالنسبة لي، أشعر أن لدي مسؤولية للعمل. وقد كنت أحاول القيام بذلك لسنوات عديدة، لكن خاصة منذ السابع من أكتوبر. وخلال العامين الماضيين، حاولنا بشدة في مساحات التضامن الفلسطيني لإنهاء هذه الإبادة الجماعية، لإنهاء هذه الحرب، لوقف التجويع. ولم نحقق ذلك".

ومن تونس أيضا، يأتي صوت زوكيسوا وانر الكاتبة والصحفية الحائزة على جوائز عالمية، وهي تتحدث بنبرة تحمل مزيجا من التأمل والعزيمة. وهذه المرأة البالغة 48 عاما، والتي أعادت وسام غوته الألماني المرموق احتجاجا على موقف ألمانيا من فلسطين، تجد نفسها اليوم تكتب فصلا جديدا من نضالها.

إعلان

"قراري بالإبحار كان في وقت محدد" كما تقول وانر للجزيرة نت وفي صوتها نبرة تأملية، مضيفة "حسنا، لم أكن أعرف أنه سيكون هناك أسطول، لكن إذا كان هناك وقت محدد أو شيء حفزني للقيام بذلك، فقد كان حقا سلسلة من المحادثات مع آخرين، لكن أعتقد أن الشيء الوحيد الذي أثر بي حقا كان عندما كنت في البرازيل وأدركت أن نفس المشاكل التي تواجهها البرازيل ونفس المشاكل التي تواجهها جنوب أفريقيا، جميعا متمركزة، تأتي جميعا من نفس المكان، وهو حقا مثل الرأسمالية والجشع للمزيد والمزيد من المال من قبل أشخاص معينين على حساب الأفقر وتجريم الفقراء".

لقد كان الاكتشاف الذي غير نظرة وانر للعالم مرعبا في بساطته وعمقه، كما يتضح من نبرة الصدمة في صوتها فـ"لم أدرك أن هناك هذه العصابات في مجتمعاتنا، أفريقيا. كل هذه المجتمعات لا تملك أسلحة فعلا. بالمثل، هناك أسلحة في الأحياء الفقيرة في البرازيل، وتلك الأسلحة لا تأتي من هناك. الأشخاص الذين يجلبون ويلقون تلك الأسلحة هم أيضا نفس الذين يختبرون هذه الأسلحة على الفلسطينيين".

ويتوقف صوتها لحظة، وكأنها تستوعب ثقل ما تقوله، قبل أن تضيف بنبرة حازمة "وهكذا غزة، وقد قلت هذا مرات كثيرة من قبل، إنها نقطة الصفر، لكنها مؤشر على مشكلة أكبر نواجهها كعالم، وهناك حاجة لإعادة التفكير في نظام كيفية قيامنا بالأشياء لأنه الآن، غزة اليوم، يمكن أن تكون قريتي الصغيرة أو قريتك غدا".

مصدر الصورة حفيد مانديلا أصبحت الكوفية الفلسطينية جزءا لا يتجزأ من هويته (الجزيرة)

إرث مانديلا والتضامن التاريخي

في قلب هذه المجموعة المتنوعة، يقف زويليفيليلي مانديلا عضو البرلمان عن حزب المؤتمر الوطني. وقد وصل إلى تونس قادما من الدوحة الخميس الماضي، حاملا معه إرث جده العظيم ورسالة واضحة. وهذا الرجل البالغ 51 عاما، والذي يحمل على كتفيه ثقل التاريخ والتوقعات، ليس مجرد ناشط آخر على متن السفينة بل رمز حي لاستمرارية النضال ضد الظلم والعنصرية.

"مهمتنا إنهاء الحصار الذي دام 18 عاما" يقول مانديلا الحفيد في تصريحات صحفية قبل الانطلاق، وهو يرتدي الكوفية الفلسطينية التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من هويته، إن "جدي علمنا أن حريتنا لن تكتمل دون حرية الفلسطينيين. واليوم، نحن نجسد هذه الكلمات بأفعالنا" واصفا الوضع الفلسطيني بأنه "أسوأ من الأبارتايد" ويرى في هذه الرحلة استمرارا طبيعيا لنضال الأجيال السابقة في جنوب أفريقيا.

وتمتد العلاقة بين جنوب أفريقيا وفلسطين لعقود، مبنية على تجربة مشتركة في مواجهة الأنظمة العنصرية. وخلال عهد الأبارتايد، كان هناك تعاون عسكري ونووي بين نظام الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا وإسرائيل التي دعمت النظام العنصري وطورت تقنيات القمع المستخدمة ضد السود. وفي المقابل، تبنى المؤتمر الوطني دعما مبكرا للقضية الفلسطينية منذ الستينيات، واعتبر النضال الفلسطيني جزءا من النضال ضد الاستعمار، ورفض التطبيع مع إسرائيل خلال فترة الأبارتايد.

وكان مانديلا الأصل واضحا في موقفه من فلسطين فـ"حريتنا غير مكتملة دون حرية الفلسطينيين" قالها عام 1997 مضيفا "نعرف جيدا أن حريتنا غير مكتملة دون حرية الفلسطينيين". ولم تكن هذه الكلمات مجرد شعارات، بل انعكست في أفعاله.

وقد التقى الزعيم مانديلا ياسر عرفات في لوساكا خلال فبراير/شباط 1990، بعد 16 يوما فقط من إطلاق سراحه من السجن. وزار الجزائر وهو يرتدي الكوفية الفلسطينية في مايو/أيار 1990 مستقبلا عرفات في جنوب أفريقيا عدة مرات.

وقد اتخذت الحكومة الجنوب أفريقية موقفا واضحا وحازما من القضية حيث قطعت العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول 2023، ورفعت دعوى الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية في ديسمبر/كانون الأول من نفس العام، وتقدم دعما رسميا لأسطول الصمود العالمي. ويعكس هذا الموقف الرسمي موقفا شعبيا واسعا، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن 87% من الجنوب أفريقيين يؤيدون القضية الفلسطينية.

الاستعداد للمواجهة

بالنسبة لسومار، كمسلمة وأم وزوجة وابنة، واجهت تحديا أخلاقيا عميقا قبل اتخاذ قرار الانضمام للأسطول، كما يتضح من نبرة التردد الأولى في صوتها عبر الهاتف فـ"من مسؤوليتي الإسلامية أن أتحدث مع عائلتي، أن أحصل على موافقة من أعضاء معينين في عائلتي. ولدَيّ واجب ومسؤولية تجاههم وأفكر في أطفالي بهذا الصدد قبل أن أشرع في مثل هذه الرحلة". ولم تكن المحادثات سهلة، كما يتضح من نبرة الألم في صوتها فـ"عائلتي لم تقل نعم من البداية. زوجي وأمي بالتأكيد لديهما الكثير من القلق عندما يتعلق الأمر بهذا. ولقد عبرا عن قلقهما خاصة وأن لدي 3 أطفال صغار للاعتناء بهم ويحتاجون لأمهم".

إعلان

ولكن الدافع كان أقوى من الخوف، كما يتضح من تغير نبرة صوتها إلى الحزم والعزيمة حيث "شرحت هذا لزوجي وأمي وأفكر لو كان هذا طفلي. لو كان طفلي يمر بهذا، فماذا سأفعل؟ وماذا سأتوقع من العالم أن يفعل؟ وكيف سأكون مستعدة لأن أفعل؟ هذا كان العامل المحفز لي لأخذ هذا الخطر". وتضيف بصوت يحمل مزيجا من الذنب والتصميم "عندما ننظر إلى الفلسطينيين في غزة، أعني، هذا ما يواجهونه كل ثانية باستمرار، لعامين متتاليين وما بعد ذلك، حتى عندما لا يكونون في إبادة جماعية. أشعر بالأنانية، لهذا أنا هنا الآن".

ساكس أيضا واجه تحديا مع عائلته، لكن بطريقة مختلفة، كما يتضح من نبرة الحزم في صوته عبر الهاتف، ويقول "أعرف أن بعض الناس حاولوا طلب الإذن من عائلاتهم وأشياء من هذا القبيل، لكنني فقط أخبرت عائلتي، أمي خاصة، أنني سأفعل هذا. لقد قررت بالفعل. وأخبرتها أنني سأفعل هذا. فقالت لي: هل هناك أي شيء يمكنني فعله لإقناعك بعدم فعل هذا؟ قلت لا. لذا لم تحاول إقناعي رغم انزعاجها وقلقها".

وليست الحياة على متن سفن أسطول الصمود رومانسية كما قد تبدو من بعيد. ففي مساحة محدودة، يتشارك أكثر من 200 شخص من خلفيات ثقافية ولغوية مختلفة المأكل والمشرب والمأوى. والغرف ضيقة، والأسرّة بطابقين، والخصوصية معدومة تقريبا فـ"تخيل أن تعيش أو تذهب في عطلة مع أشخاص لا تعرفهم" كما تقول الدكتورة سومار وصوتها يحمل نبرة من التعب المسبق "يمكن أن يكون مرهقا أو مقلقا أو أن هناك توترا. أضف إلى ذلك، أنه محفوف بالمخاطر. إنه خطير".

ولكن هذه التحديات تتضاءل أمام الهدف الأكبر، كما تؤكد سومار بصوت حازم فـ"هذه ليست عطلة نذهب إليها أو رحلة ترفيهية بأي حال من الأحوال. قد تبدو رائعة وعظيمة، لكنها ليست كذلك. نحن نواجه مخاطر كثيرة. في البحر، بمجرد أن نقترب من غزة ستكون رحلة صعبة، مع الكثير من التعقيد على طول الطريق".

ويخضع جميع المشاركين لتدريب مكثف على المقاومة السلمية وكيفية التعامل مع الاعتقال المحتمل. والهدف واضح: عدم إعطاء القوات الإسرائيلية أي ذريعة لاستخدام العنف فـ"نحن ملتزمون بالمقاومة السلمية" كما يؤكد ساكس بصوت حازم عبر الهاتف و"إذا اعترضتنا القوات الإسرائيلية، فسنقاوم بالكلمة والموقف، لا بالعنف. نحن مدربون على كيفية الاستجابة كمشاركين وسنستجيب بطريقة غير عنيفة تماما وسنفعل كل ما بوسعنا للتأكد من أن أيا من أفعالنا لا يمكن أن تُفسر خطأ حتى عن قصد كشكل من أشكال العنف أو العداء".

وانر، التي تحمل نظرة متفائلة رغم الواقع القاسي، تتحدث بصوت يحمل مزيجا من الأمل والواقعية فـ"القارب سيُعترض فعلا على الأرجح، وأنا متفائلة، ولهذا أكتب، وأتحدث باستمرار، نفسي المتفائلة تعتقد أنه لو كانت هناك نصف ثانية فرصة لكسر الحصار فعلا والوصول لغزة يعطينا الكثير من الفرص. لذا، أعرف أن العالم يراقب، وأعتقد رمزيا، حتى لو لم نصل هناك، أعني المثالي بالطبع هو الوصول هناك. والعالم يراقب، إنه انتصار بحد ذاته".

مصدر الصورة وانر: كسر الحصار عن غزة يجب أن تقوم به الحكومات لا المدنيون (الجزيرة)

رسائل الأمل والتحدي للعالم

الحصار المفروض على غزة منذ عام 2007 يُعتبر من قبل معظم خبراء القانون الدولي انتهاكا صارخا لعدة مبادئ أساسية. فـ اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 تحظر في مادتها 33 العقاب الجماعي، وتلزم في مادتها 55 قوة الاحتلال بضمان الإمدادات الغذائية والطبية. وفي قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل عام 2024، أمرتها محكمة العدل الدولية بضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة وعدم منع أي أعمال قد تشكل إبادة جماعية.

ويحظى الأسطول بتغطية إعلامية واسعة، مع 25 صحفيا وإعلاميا على متن السفن، وتغطية مباشرة من 15 قناة تلفزيونية دولية، وأكثر من 10 ملايين مشاهدة للمحتوى المتعلق بالأسطول على وسائل التواصل، ووسم "أسطول الصمود" يتصدر تويتر في 15 دولة. ويعكس هذا الاهتمام الإعلامي الواسع الأهمية الرمزية والسياسية للرحلة.

وتتباين ردود الفعل الدولية، فتركيا تقدم دعما رسميا وتسهيلات لوجستية، وتونس سمحت بالانطلاق من موانئها، كما تقدم أيرلندا والنرويج دعما برلمانيا ومدنيا. وفي المقابل، تهدد إسرائيل بالاعتراض والاعتقال، وتدعو الولايات المتحدة لعدم المضي في المهمة. أما الاتحاد الأوروبي فمنقسم، مع دعوات لحل سلمي وتأكيد على ضرورة وصول المساعدات لغزة، وتدعم جامعة الدول العربية الأسطول بالكامل وتدين الحصار الإسرائيلي.

إعلان

لكن وانر لا تتردد في انتقاد الحكومات التي تتفرج على المأساة، وصوتها يحمل نبرة من الغضب المكبوت فـ"كما ذكرت، هذا ليس من المفترض أن يكون عمل المدنيين. إنه شيء يجب أن تقوم به الحكومات. لا أفهم كيف. وعلى سبيل المثال، حكومتنا تستعد لمجموعة العشرين وهناك إبادة جماعية تحدث. ولا أستطيع فهم ذلك. ولذا أتمنى أن يدفع هذا الحكومات، لكنه يدفعنا نحن الناس لمحاسبة حكوماتنا وأن نقول: ماذا تفعلون؟ لماذا لا تفعلون شيئا؟".

ويحمل ساكس -الذي يمثل منظمة "يهود جنوب أفريقيا من أجل فلسطين حرة" رسالة خاصة للمجتمعات اليهودية حول العالم، وصوته يحمل نبرة من الإلحاح فـ"نحن منظمة مناهضة للصهيونية تدعم شعب فلسطين ونضالهم من النهر إلى البحر. الرسالة التي نحاول إرسالها أولا هي أن الإبادة الجماعية تحدث، ونحن نقول ليس خطأ فقط، بل هو مثير للاشمئزاز فعلا أن تدعي إسرائيل أنها تتصرف نيابة عن اليهود، وعندما تتصرف حقا فقط من أجل السلطة واحتلال الأرض، تماما مثل النظام الفاشي، ادعى النازيون أنهم يتصرفون نيابة عن جميع اليهود أيضا".

ويضيف بصوت يحمل إيماناً عميقاً "المزيد من اليهود في جميع أنحاء العالم يدركون شر الصهيونية، ويدركون أنه يجب تدميرها، ليس فقط لغرض دعم الشعب الفلسطيني، ولكن أيضا لإنقاذ عالمنا الذي يُدمر بشرور الصهيونية التي ترتبط بشرور الاستعمار والإمبريالية والإمبريالية الأميركية".

وتختتم سومار بالرسالة الأساسية للأسطول، وصوتها يحمل عزيمة لا تتزعزع، فتقول "الرسائل الرئيسية التي نريد جميعا أن نحملها لشعب غزة هي أننا هنا، نراكم، لن نتوقف، سنستمر في العودة، يمكنهم إيقافنا كما يريدون، سنستمر في العودة، وسنعود أكبر كل مرة، حتى يتوقف هذا، وحتى تتحرر فلسطين. إن الرسالة التي نريد أن نرسلها للفلسطينيين في غزة، وجميع الفلسطينيين: نحن لن نكون أحرارا حتى تتحرر فلسطين".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا