في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، رسم الكاتب يوعانا غونين صورة لما وصفه بالقسوة التي أصبحت متجذرة في المجتمع الإسرائيلي من خلال 3 مشاهد مختلفة.
وقال الكاتب إن الصور الثلاث تعكس "تعفن القوة والسلطة والقلب" في إسرائيل ، وتوضح حجم الانحدار الأخلاقي الذي وصل إليه المجتمع ومدى الاستهانة بحياة الآخرين وكرامتهم.
الصورة الأولى عبارة عن مشهد التقطه نشطاء منظمة "حاخامات من أجل حقوق الإنسان"، يُظهر جنديا إسرائيليا في الضفة الغربية مرتديا خوذة وسترة واقية ونظارة شمسية، مغطيا وجهه بقناع في شكل جمجمة.
وحسب الكاتب، فإن هذا الجندي يجسد الموت وليس الإنسانية، ووجوده لا يهدف لحماية النظام أو الأمن، بل يساند المستوطنين في طرد الفلسطينيين من أراضيهم في بلدة الخضر قرب بيت لحم ، رغم أن المزارعين يمتلكون تصاريح رسمية.
ويرى الكاتب أن ارتداء القناع ليس مجرد نزوة شخصية، بل هو تعبير صارخ عن الهدف الحقيقي للاحتلال، وهو تحويل حياة الفلسطينيين اليومية إلى رعب مستمر بالاعتقالات الليلية، والحواجز الخانقة، والاعتداءات المتكررة، وتوفير الحماية للمستوطنين المتطرفين.
الصورة الثانية هي عبارة عن مقطع انتشر قبل أيام في إسرائيل، حيث يظهر والد وزيرة حماية البيئة عيديت سيلمان وهو يسخر من امرأة مسنّة تعاني من الرعاش، وذلك أثناء مشاركتها في وقفة احتجاجية قرب بيت الوزيرة للمطالبة بالإفراج عن الأسرى.
حين واجهته بقولها "ألا تخجل من ابنتك؟" رد عليها بتقليد رعشتها بطريقة ساخرة ومهينة، في مشهد يجسد -وفقا للكاتب- ثقافة سياسية تُعلي من شأن السلطة وتحتقر التعاطف، وهي سمةٌ مُميّزة للحركات الفاشية.
ويقارن الكاتب بين سلوك والد الوزيرة والجندي المقنّع، مؤكدا أن كليهما يتلذذ بتجريد الآخر من إنسانيته، سواء عبر قناع يثير الخوف، أو من خلال إهانة الآخرين والسخرية منهم.
أما الصورة الثالثة فقد نشرها الصحفي الإسرائيلي حانوخ داوم للتشكيك في التقارير عن انتشار المجاعة في غزة ، وتُظهر الصورة المولّدة بالذكاء الاصطناعي امرأة فلسطينية بأربع أياد، وقطتين برأس واحد، وديناصورا في الخلفية.
علق داوم ساخرا بأن "المجاعة في غزة تزداد سوءا"، وأضاف "شخصيا، أشفق بشكل خاص على الدجاجة الغريبة في الخلفية".
ويؤكد الكاتب أن هذه الصورة التي حظيت بآلاف التعليقات الساخرة ورسائل الإعجاب بين الإسرائيليين على مواقع التواصل، ليست مجرد نكتة، لكنها انعكاس لثقافة إنكار واسعة تحوّل المعاناة إلى موضوع للضحك والتسلية.
ويخلص الكاتب إلى أن هذه المشاهد الثلاثة التي تعكس فساد القوة وفساد السلطة وفساد القلب، تمثّل "بورتريها للمجتمع الإسرائيلي المعاصر، الذي حوّل القسوة إلى أيديولوجيا وأصبح غارقا في هاوية مظلمة".