كما افتُتح عام 2025 في القدس بانتهاكات إسرائيلية طالت البشر والحجر والشجر، يُسدَل الستار عن آخر شهر في هذا العام بالانتهاكات ذاتها، ولعلّ مجازر الهدم الي سُجلت فيه كانت الأضخم مقارنة ببقية أشهر العام.
ففي شهر ديسمبر/كانون الأول هدم الاحتلال 46 منشأة في محافظة القدس، 6 منها اضطر أصحابها لهدمها بأيديهم قسرا لتجنب دفع الغرامات الباهظة في حال أقدمت جرافات بلدية الاحتلال على تنفيذ الهدم.
ولعلّ مجزرة الهدم التي شهدها حي وادي قدّوم ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى في 22 من الشهر الجاري كانت الأبشع، بعد هدم جرافات بلدية الاحتلال 12 شقة سكنية في "بناية الوعد"، التي يقطنها مئة مقدسي بادعاء بنائها دون الحصول على التراخيص اللازمة.
كما تعرّض 120 محلا تجاريا على طول طريق (قلنديا، كفر عقب، سميرا ميس) شمال القدس لعمليات هدم جزئية، تمثلت بهدم أجزاء من المحال أو لافتاتها أو جرف أبوابها وواجهاتها الأمامية، وذلك خلال اقتحام واسع نفذته قوات الاحتلال في 23 ديسمبر/كانون الثاني.
وتوزّع الهدم في البلدات والأحياء الواقعة داخل الجدار العازل بين بلدة جبل المكبر وسلوان والعيساوية وباب العمود وصور باهر، بالإضافة إلى كل من قلنديا وكفر عقب وسميرا ميس وحزما ومخماس والجديرة ورافات وبِدّو وضاحية السلام ورأس خميس والسواحرة وأبو ديس وبئر نبالا خارج الجدار.
وفي المسجد الأقصى المبارك تصاعدت الانتهاكات داخل الساحات المقدسة مع احتفال اليهود بعيد الأنوار (الحانوكا)، وخلال 6 أيام من الاقتحامات الخاصة بهذا العيد تمكّن 2805 مستوطنين من تدنيس الساحات بحماية شرطة الاحتلال.
وعلى مدار الشهر اقتحم المسجد 6260 متطرفا ومتطرفة، ويأتي شهر ديسمبر في المرتبة الخامسة من حيث أعلى رقم للاقتحامات خلال عام 2025، إذ سُجل أعلى رقم للاقتحامات في العام الماضي خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول، حيث بلغ 10849 متطرفا، وهو الشهر الذي حلّت فيه مناسبتان يهوديتان هما يوم الغفران (كيبور) وعيد العُرش (سوكوت).
وبالعودة إلى عيد الأنوار (الحانوكا) فإن عدة انتهاكات سُجلت خلاله، بدءا من تكرار إشعال الشموع 3 مرات في الساحات، كما أدخل المقتحمون "التيفلين" (اللفائف السوداء الخاصة بالصلوات والطقوس الدينية) و"الطاليت" (الشال الذي يرتديه اليهود أثناء أداء الصلوات).
وأدى المستوطنون صلاة "بركات الكهنة" وطقس "السجود الملحمي" (الانبطاح الكامل، واستواء الجسد على الأرض ببسط اليدين والقدمين والوجه)، ويمثل هذا أقصى درجات الخضوع، واقتحم المسجد عدة حاخامات، وشهدت الساحات الشرقية حلقات غناء ورقص صاخبة، وغيرها من الانتهاكات.
وعلى مدار الشهر شهدت ساحات أولى القبلتين اعتداءات أخرى، من بينها تنظيم الجماعات المتطرفة اقتحاما ضمّ يهودا متدينين وعلمانيين، أقام بعضهم طقوسا دينية داخل المسجد، في حين تعمّد العلمانيون الاقتحام بملابس غير محتشمة ولا تليق بقداسة المكان.
وشهدت ساحة البراق الملاصقة لجدار الأقصى الغربي انتهاكات كثيرة على مدار ديسمبر، من بينها اقتحام ألف قِسّ مسيحي قدموا من أميركا، وأدوا خلال اقتحامهم صلوات ووضعوا بين الحجارة قصاصات تحمل أسماء القتلى الإسرائيليين في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وفي إطار انتهاك الحريات اعتقلت قوات الاحتلال 59 مواطنا في محافظة القدس، بينهم 6 قاصرين و3 نساء، كما أصدرت المحاكم 15 أمر اعتقال إداري أحدها بحق الطفل حسن الخطيب (16 عاما) من مخيم قلنديا والذي جُددت له هذه العقوبة للمرة الرابعة على التوالي ولمدة 4 أشهر.
كما أصدرت محاكم الاحتلال حكما بالسجن مدى الحياة على الأسير الجريح هايل ضيف الله (59 عاما) من قرية رافات شمال غرب القدس، إثر تنفيذه عملية دهس ضد جنود في 11 سبتمبر/أيلول 2024.
وبينما خضع مقدسيان لعقوبة الحبس المنزلي أحدهما طفل، فإن أوامر الإبعاد اقتصرت على إبعاد حارس المسجد الأقصى وهبي مكيّة عن المسجد لمدة 6 أشهر، وإبعاد الأسير المحرر علاء نجيب عن الأقصى أيضا للمدة ذاتها.
ولم يسلم مقر الرئاسة التابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من الاعتداءات في نهاية العام كما في بدايته، إذ اقتحمت شرطة الاحتلال رفقة طواقم البلدية المقر وفتشته بعد مصادرة هواتف الحراس، ولم تغادر الطواقم قبل رفع العلم الإسرائيلي على المقر.
وعلى صعيد الاعتداءات التي نفذها المستوطنون بحق ممتلكات المواطنين فأقدموا على قطع 80 شجرة زيتون مثمرة في قرية مخماس شمال القدس، كما نفذوا اعتداءات شبه يومية على تجمعي "خلّة السدرة" شمالي القدس، و"الحثرورة" شرقيها.
واستولى المستوطنون بقوة الاحتلال أيضا على 3 عقارات تعود لعائلة الرجبي في حي بطن الهوى ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، ويترصد خطر الإخلاء القسري بأكثر من مئة مقدسي بات إخلاؤهم لصالح جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية أمرا وشيكا في الحي ذاته.
كما منح وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بلدية الاحتلال في القدس ميزانية تُقدَّر بمليونين و360 ألف دولار أميركي، من أجل تدعيم شبكة كاميرات المراقبة في القدس.
المصدر:
القدس