عشية رأس السنة الميلادية، وبينما تستعد مدن العالم لاستقبال عام 2026 بالاحتفالات والأضواء، ظهر "بابا نويل" في قطاع غزة بصورة مغايرة، واقفا وسط دمار واسع خلفته حرب الإبادة المستمرة منذ عامين.
وفي القطاع الذي تحول إلى منطقة منكوبة، وغابت عنها مظاهر الاحتفال، وحلت مكانها أنقاض أبنية مدمرة، فيما لا تزال جدرانها المتكسرة وأسياخها الحديدية البارزة شاهدة على حجم الدمار.
وسط هذا المشهد، ارتدى الموسيقِي الفلسطيني عزت القواسمي، زي "بابا نويل"، وعزف ألحانه فوق الركام وبين خيام نازحين فقدوا منازلهم جراء الحرب، ومع انسياب الموسيقى، بدأ الأطفال يخرجون تباعا من بين الخيام والأزقة، يقتربون بحذر في البداية، قبل أن يتجمعوا حول العازف، في مشهد أعاد إليهم، ولو للحظات، ملامح من طفولة غائبة.
ومع اتساع الدائرة، أخذ "بابا نويل" ينادي الأطفال، داعيا إياهم للخروج من خيامهم للحصول على هدية بسيطة لم تتجاوز بالونات ملونة، لكنها كانت كافية لتحويل المكان إلى مساحة فرح عابرة.
وعلى وقع الموسيقى، صفق بعض الأطفال، بينما لاحق آخرون البالونات المتطايرة فوق الخيام، لترتسم على وجوههم ابتسامات خاطفة كسرت ثقل ما خلفته الحرب من جوع وتهجير ودمار.
وقال القواسمي: "أردنا مع بداية العام الجديد نعمل شيء يُفرح الناس، ويفتح لهم الأمل، ويعطيهم رؤية أوضح للحياة المستقبلي بعد الحرب والدمار".
وأضاف: "جئنا نعزف من فوق الدمار كي نوصل رسالة بأن الحياة يمكن أن تستمر"، مشيرا إلى أنه تعمد الظهور بشخصية "بابا نويل" بكل تفاصيلها بهدف إدخال الفرح إلى قلوب الناس ومنحهم أملا جديدا بالحياة، خاصة في ظل حياة الخيام والنزوح وانعدام الأمان.
وأوضح القواسمي أن الرسالة الأساسية من هذه المبادرة هي التأكيد على أن الأيام المقبلة يمكن أن تكون أفضل، ومضى قائلا: "بعد سنتين من الإبادة، لا يوجد مدارس، ولا أماكن ترفيه للأطفال، وانعدمت حياة الطفولة تقريبا، لذلك قررنا أن نفرح أطفالنا بشيء يحبونه، ونعطيهم هدايا".
وتؤكد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن الأطفال في قطاع غزة هم الفئة الأكثر تضررًا مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل، مشيرة إلى أن أطفال القطاع المحاصر يواجهون خطر الموت جوعا يوميا.
ويعيش آلاف الفلسطينيين في مخيمات نزوح وخيام مؤقتة بقطاع غزة، بعد تدمير منازلهم جراء القصف الإسرائيلي خلال حرب الإبادة، في ظل نقص حاد في المأوى وانعدام البدائل السكنية الآمنة، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
المصدر:
القدس