آخر الأخبار

غزة في الصحافة العالمية: أنقاض الذاكرة ووجع النزوح

شارك

حدث الساعة

تحت وطأة ركام خلفته آلة الحرب، تطل من قطاع غزة قصص إنسانية تتجاوز في تفاصيلها أرقام الضحايا وبيانات الخسائر المادية، لترسم لوحة قاتمة لحياة تفككت أوصالها ببطء. لم تكن التقارير الصحفية العالمية التي رصدت هذه التحولات مجرد توثيق لدمار الأبنية، بل كانت نبشاً في جراح الهوية الفلسطينية التي باتت معلقة بين خيام النزوح وأنقاض المنازل التي لم تعد موجودة. في هذا المشهد، تبرز تجربة الفلسطينية ديانا شمس وعائلتها كنموذج صارخ لمرارة الفقد التي وثقتها صحيفة "واشنطن بوست". فبعد رحلة مضنية من النزوح المتكرر هرباً من الموت، اصطدمت العائلة بواقع يفوق احتمال الثبات، إذ تحول بيتهم الذي كان يمثل إرثاً عائلياً ومستودعاً للذكريات إلى تلال من الركام بفعل القصف الإسرائيلي.

تزداد مأساة عائلة شمس قسوة بوقوع هذا الاستهداف في الساعات الأخيرة التي سبقت سريان وقف إطلاق النار، ما جعل الشعور بالخسارة ممزوجاً بمرارة التوقيت. بالنسبة لديانا، لم يكن البيت مجرد جدران وسقف، بل كان الجذور التي تربطها بالأرض، وضياعه دفعها لإعادة النظر في فكرة البقاء التي طالما تشبثت بها، لتصبح الهجرة خياراً مراً يفرضه واقع لم يعد يمنح سكانه سوى الرماد.

من غياهب المعتقلات إلى رماد الفقد: قصة هيثم سالم

وفي زاوية أخرى من هذا المشهد المأساوي، تبرز قصة هيثم سالم التي نقلتها "نيويورك تايمز" كواحدة من أكثر الروايات إيلاماً في تاريخ الصراع المعاصر. هيثم، الشاب الثلاثيني، لم يفقد منزله فحسب، بل فقد حياته كما يعرفها تماماً. بدأت رحلة عذابه عند حاجز عسكري أثناء محاولته النزوح، حيث اعتقلته القوات الإسرائيلية ليقضي أحد عشر شهراً خلف قضبان سجون "سدي تيمان" و"عوفر" و"النقب". هناك، في تلك الزنازين، واجه هيثم صنوفاً من التعذيب الجسدي والنفسي بلغت به حد تمني الموت للفكاك من سطوة الألم.

لكن المأساة الكبرى كانت تنتظره خارج أسوار السجن، فبعد الإفراج عنه ضمن صفقة تبادل، لم يجد هيثم زوجته ولا أطفاله الثلاثة في انتظاره، بل علم أنهم قضوا جميعاً في قصف إسرائيلي استهدفهم خلال غيابه. اليوم، يقف هيثم وحيداً وسط الدمار، ولا يملك من عالمه الراحل سوى صور رقمية مخزنة على هاتفه المحمول، هي كل ما تبقى له من أرشيف عائلة كاملة محيت من السجل المدني وبقيت غصة في قلبه.

سراب السلام تحت وطأة الحصار والسيول

وفي مواجهة الخطاب السياسي الدولي الذي يروج لآفاق السلام بعد وقف القتال، كتبت آية الحطاب من قلب غزة في صحيفة "الغارديان" مقالاً يعري الهوة بين التصريحات الدبلوماسية والواقع المعيش. ترى الحطاب أن الحديث عن السلام يبدو ترفاً لا يدركه سكان القطاع الذين يغرقون في تفاصيل يومية منهكة، حيث يفتقرون لأبسط مقومات الحياة كالمياه الصالحة للشرب، والكهرباء، والاتصال بالعالم الخارجي.

وتشير الكاتبة إلى أن الانهيار الاقتصادي الحاد وغياب الأمان حوّل حياة الناس إلى صراع مستمر من أجل البقاء، حيث تضطر عائلات بأكملها للسكن في بيوت متصدعة مهددة بالانهيار فوق رؤوسهم في أي لحظة. ومع حلول الشتاء، تكتمل فصول المعاناة بانجراف خيام النازحين وسط السيول والأوحال، ما يجعل الحديث عن "الاستقرار" مجرد شعار فارغ أمام واقع يفرضه الحصار المطبق والخوف الدائم من المجهول.

أزمات عابرة للحدود: السودان في عين الإبادة ونيجيريا في مهب التهديد

بينما تتجه الأنظار نحو غزة، حذرت مجلة "فورين بوليسي" من أن العالم يتجاهل مأساة قد تكون الأسوأ عالمياً في السودان. فبعد سقوط مدينة الفاشر في دارفور، تصاعدت المخاوف من ارتكاب قوات الدعم السريع لانتهاكات جسيمة ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية. هذا التدهور المتسارع يضع المجتمع الدولي أمام اختبار أخلاقي وإنساني جديد في ظل صراع مدمر يهدد بتمزيق النسيج الاجتماعي للسودان وإغراقه في موجات لجوء لا تنتهي.

وعلى صعيد آخر، تطرقت مجلة "تايم" إلى التوترات الدبلوماسية بين نيجيريا والولايات المتحدة حول ملف الحريات الدينية. وفي حين ينفي الرئيس النيجيري بولا تينوبو الاتهامات الأمريكية بوجود اضطهاد ديني، يشير الخبراء إلى واقع أمني معقد يفرضه نشاط الجماعات المتشددة. والمفارقة هنا تكمن في أن غالبية ضحايا هذه التهديدات الأمنية هم من المسلمين، ما يجعل الجدل حول الحريات الدينية يتداخل بشكل معقد مع أزمات الأمن القومي في أكبر دول القارة السمراء سكاناً.

تحركات دبلوماسية واقتصاديات متعثرة: من لندن إلى طهران

في الشأن السياسي الدولي، كشفت صحيفة "تايمز" البريطانية عن تحركات خلف الكواليس تقودها العائلة الملكية لترميم وتعزيز العلاقات مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وتأتي هذه التحركات في إطار ترتيبات دقيقة لزيارة مرتقبة للملك تشارلز الثالث إلى واشنطن، وهي الزيارة التي تعد الأولى لعاهل بريطاني منذ نحو عقدين من الزمن، وتهدف إلى تأكيد "العلاقة الخاصة" بين البلدين في ظل تقلبات السياسة الدولية.

أما اقتصادياً، فقد رصدت صحيفة "فايننشال تايمز" خبو بريق واحدة من أعرق الصناعات اليدوية في العالم، وهي صناعة السجاد الإيراني. فبسبب العقوبات الدولية الخانقة والقيود المالية، تراجعت هذه الصناعة بشكل حاد، مما أفسح المجال لمنافسين دوليين وإقليميين للاستحواذ على حصة إيران التقليدية في الأسواق العالمية. هذا التراجع لا يمثل خسارة مالية فحسب، بل يعد طمساً لجزء من الهوية الثقافية والحرفية التي ميزت إيران لقرون، ليصبح السجاد الإيراني ضحية جديدة للنزاعات الجيوسياسية التي تعيد تشكيل خارطة الاقتصاد العالمي.

المصدر: الحدث/ صحافة عالمية

الحدث المصدر: الحدث
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا