في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
استعرضت صحيفة نيويورك تايمز قصة الطفلة الغزية هدى أبو النجا التي كانت مصابة باضطراب مزمن في الجهاز الهضمي (السيلياك)، وقالت إن معاناتها الصحية تحولت إلى مأساة إنسانية في ظل الحصار والحرب والجوع في قطاع غزة.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم بن هابارد وبلال شبير- أن هذه الطفلة أمضت أشهرا وهي تبحث عن الغذاء والرعاية الطبية اللذين تحتاجهما لمواجهة سوء التغذية في ظل إغلاق إسرائيلي تام لحدود غزة.
وكانت هدى (12 عاما) تعاني من اضطراب مزمن في الجهاز الهضمي يتطلب نظاما غذائيا خاصا خاليا من الغلوتين، لكن إغلاق المعابر والقيود الشديدة على دخول الغذاء والدواء جعلت الحصول على هذا النوع من الطعام شبه مستحيل.
وعلى مدى أشهر، فقدت هدى ثلث وزنها وتدهورت حالتها الصحية بشكل متسارع، فكانت أطرافها نحيلة، وأضلاعها بارزة، وتحول شعرها البني إلى ما يشبه القش، وقالت يوما لأحد المصورين، وهي مستلقية على سرير المستشفى مع صعوبة في الكلام "قبل هذا كنت جميلة، لكن في الحرب أصبت بسوء التغذية، كل يوم أشعر بالموت".
ورغم دخولها المستشفيات ومراكز علاج سوء التغذية عدة مرات -كما تقول الصحيفة- كان تحسنها مؤقتا، إذ كانت تنتكس فور عودتها إلى حياة النزوح والخيام، وسط نقص حاد في الغذاء والبروتينات، ونظام صحي منهك لا يملك الإمكانات اللازمة لعلاجها، وحيث الندرة وغلاء الأسعار والجوع ينهشون سكان غزة كلها.
ووضع تقرير الصحيفة الأميركية حالة هدى في سياق أوسع من أزمة إنسانية غير مسبوقة في غزة، حيث حذرت منظمات دولية من مجاعة "مصنوعة بيد الإنسان"، وارتفعت أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد.
وأثارت صور أطفال يعانون من سوء تغذية شديد قلقا عالميا بشأن الطريقة التي تخوض بها إسرائيل حربها في غزة، وبحلول الذكرى الثانية للحرب في أكتوبر/تشرين الأول، نسبت السلطات الصحية في غزة 461 حالة وفاة إلى سوء التغذية، بينهم 157 طفلا، وقد ارتفعت وتيرة الوفيات هذا العام، كما تقول الصحيفة.
ويؤكد أطباء مختصون أن هدى كان يمكن إنقاذها لو توفر الغذاء المناسب والرعاية الطبية الكافية أو أتيح لها الخروج للعلاج بالخارج في الوقت المناسب، خاصة أن حالتها شخصت بمرض "السيلياك" الذي يجعل الجهاز المناعي يتفاعل مع الغلوتين ولا يمتص العناصر الغذائية، وبالتالي كأن جسدها يجوع من الداخل، كما توضح الصحيفة.
وبحلول يونيو/حزيران كانت هدى مريضة إلى درجة أن أطباءها أوصوا بإرسالها للعلاج خارج غزة، لكنها ظلت تنتظر المغادرة دون قبول، وقالت لمصور فلسطيني إنها أصبحت "هيكلا عظميا"، وأضافت "كنت مثل أي طفل عادي، ألعب وأفعل كل شيء. أتمنى أن أتعالج وأسافر إلى الخارج لأعيش مثل الأطفال في الدول الأخرى".
ورغم تقديم طلب رسمي لإجلائها طبيا، علِقت الإجراءات وسط تعقيدات الحرب والبيروقراطية، ولم تصل الموافقة إلا بعد فوات الأوان، فتوفيت هدى نتيجة مضاعفات صحية مرتبطة بسوء التغذية الحاد والعدوى، ودفنت بهدوء، في وقت كانت فيه الجهات الدولية لا تزال تنسّق سفرها للعلاج خارج غزة.
وتختصر قصة هدى -حسب الصحيفة- معاناة آلاف الأطفال في غزة، وتحولها من حالة طبية فردية إلى شهادة قاسية على آثار الحصار والجوع على الفئات الأضعف، وعلى ثمن التأخير والعجز الدولي في الاستجابة لأزمة إنسانية متفاقمة.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة