على بعد أيام قليلة من لقاء مرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ اتهم هذا الأخير حركة حماس برفض تسليم سلاحها خلافًا لاتفاق وقف النار، وسط حديث عن رفض إسرائيلي للانتقال إلى المرحلة الثانية قبل نزع سلاح حماس.
وتأتي تصريحات نتنياهو عقب إعلان إصابة جندي إسرائيلي بانفجار، قالت حماس إنه ناجم عن قنابل زرعتها قوات الاحتلال في منطقة تخضع لسيطرته الكاملة.
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن نتنياهو سيطلب دعم ترمب لتحويل الخط الأصفر إلى منطقة حدودية جديدة، ما يعني رغبة إسرائيلية في قضم أراضٍ من قطاع غزة، وهي توجهات يبدو أنها تصطدم بمعارضة أميركية معلَنة تسعى للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
شروط إسرائيل التعجيزية
وعن تعاطي الاحتلال مع مقتضيات الاتفاق بمراحله المختلفة، يقول حسام الدجني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة في قطاع غزة، إن الموقف الإسرائيلي حتى الآن يقوم على المناورة ووضع الصعوبات والعراقيل أمام إتمام المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.
ويشير في حديث إلى تعطيل إسرائيل إدخال المساعدات وعرقلة البدء في إعادة الإعمار، واستمرارها في السيطرة على أجزاء واسعة من قطاع غزة، وتلويحها بعدم الانتقال إلى المرحلة الثانية إلا بعد تنفيذ "شروط تعجيزية".
ويوضح الدجني أن إسرائيل تبحث عن ذرائع لإفشال الاتفاق في مرحلته الثانية، خاصة بعد تيقنها من أنها خرجت من دائرة الخطر المتمثلة في العقوبات الدولية والأوروبية، وتراجع الاحتجاج الدولي ضدها، واستعادتها معظم المختطفين أحياءً وأمواتًا باستثناء جثمان واحد لا يزال في القطاع.
ويشدد على أن تحررها من هذه الإكراهات يجعل أمامها خيارات للتصعيد ووضع عراقيل إضافية.
وضمن هذا الإطار، يقرأ الدجني تصريحات وزير الأمن يسرائيل كاتس بشأن إعادة الاستيطان، قبل أن يتراجع عنها تحت ضغط الإدارة الأميركية، لافتًا إلى وجود تلميحات جدية داخل إسرائيل لتحويل "الخط الأصفر" إلى حدود دائمة.
داخليًا، يرى أن المرحلة الثانية والثالثة تتطلبان توافقًا وطنيًا فلسطينيًا، محذرًا من أن التنافس على إرضاء واشنطن عبر تقديم التنازلات لن يخدم المشروع الوطني الفلسطيني.
من جهته، يلفت ستيف جيل، المستشار السابق في البيت الأبيض، إلى أن الكثير من الآمال كانت معلقة على أن يؤدي تبادل الرهائن والأسرى إلى وقف القتال والانطلاق نحو السلام، إلا أن هذه الآمال تحطمت بسبب العراقيل المرتبطة بمستقبل حكم غزة وضمان عدم إعادة تسلحها أو انخراطها في أعمال جديدة، على حد قوله.
ويضيف في حديث أن "هذا الملف يمثل حجر العثرة الأساسي، في ظل عدم إظهار حماس مؤشرات على التخلي الكامل عن دورها، مقابل إصرار إسرائيلي على أن هذه الخطوة ضرورية للمضي قدمًا".
وعمّا إذا كان ترمب قد يوافق على مطالب إسرائيل بعدم الانسحاب من الخط الأصفر إلا بعد نزع السلاح، يقول جيل إنه لا يعتقد ذلك، مشيرًا إلى أن ترمب مصمم على إضعاف حماس كقوة عسكرية، لكنه غير متأكد من انسجامه مع خطط إعادة ترسيم الحدود التي يريدها نتنياهو.
ويضيف أن تقليص سلطة حماس تدريجيًا قد يكون ممكنًا.
ويرجح جيل أن يمنع ترمب نتنياهو من أي عودة إلى الحرب، موضحًا أن الرئيس الأميركي سيمارس ضغوطًا في هذا الاتجاه في الكواليس وليس على الملأ، بهدف خفض التصعيد في غزة وعدم العودة إلى القتال.
لا صدامات بين ترمب ونتنياهو
بدوره، يقول إمطانس شحادة، مدير برنامج دراسات إسرائيل في مركز مدى الكرمل، في حديث إن الحديث عن خلافات بين ترمب ونتنياهو لا يعني بالضرورة حدوث صدام سياسي حقيقي، معتبرًا أن نتنياهو يوظف أحيانًا هذه الإشكاليات لتسويق نفسه داخليًا أمام قواعد اليمين، بوصفه زعيمًا لا يرضخ للإملاءات الأميركية.
ويشير شحادة من حيفا، إلى أن نتنياهو سبق أن اختلق صدامات مماثلة مع الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، بهدف تعزيز موقعه الداخلي، مؤكدًا أنه لا يتوقع تصدعًا حقيقيًا مع ترمب، بل رفعًا لسقف المطالب للوصول إلى حل وسط.
ويوضح أن نتنياهو يعمد إلى إشعال جميع الجبهات استباقًا للقاء ترمب بهدف المقايضة بينها، متحدثًا عن وجود إجماع داخل الحكومة الإسرائيلية على هذه الملفات المتعلقة بغزة وعدم وجود معارضة برلمانية حقيقية ولا حتى شعبية لأمور كهذه.
ويضيف أن هناك توافقًا بين المؤسسة السياسية والعسكرية ووزارة الأمن على عدم الانسحاب من الخط الأصفر وضرورة نزع سلاح حماس، مؤكدًا في المقابل أن الانتقال إلى المرحلة الثانية لا يخدم مصلحة نتنياهو السياسية، وقد يشكل ضررًا له.
المصدر:
القدس