يعكس إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي إنهاء "التمشيط" خلف "الخط الأصفر" تحولا في نمط وجوده الميداني في قطاع غزة، ويفتح باب التساؤلات حول طبيعة السيطرة المقبلة على الأرض، وحدود ارتباط هذه الخطوة بمسار المرحلة الثانية من اتفاق وقف الحرب.
ويفصل "الخط الأصفر" بين الجزء من غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والمنطقة العازلة التي يسيطر عليها جيش الاحتلال، والتي تمثل 53% من مساحة قطاع غزة، وتم تمييزه على الأرض بواسطة كتل خرسانية صفراء.
وعسكريا، يُستخدم مصطلح "التمشيط" للإشارة إلى عملية تفتيش منظم للمناطق بعد السيطرة عليها. ويشير إنهاؤه عادة إلى الانتقال من وجود عسكري كثيف إلى نمط سيطرة أقل حدة، يقوم على المراقبة والتدخل المحدود، مع بقاء القوات قادرة على التحرك عند الحاجة.
وقد يعني الإعلان الإسرائيلي -وفق مراقبين- انتقالا محتملا من مرحلة عسكرية إلى أخرى، من دون أن يعني ذلك بالضرورة انسحابا من المناطق التي دخلها.
ووفق المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، فإن إنهاء التمشيط الإسرائيلي قد يحمل 3 مسارات محتملة، إذ قد تُخفض إسرائيل قواتها البرية نسبيا وتعيد انتشارها على الأطراف.
وكذلك، قد تغير نمط القتال عبر الاعتماد على عمليات نوعية، مثل الغارات الجوية والاستهدافات المركزة، بدلا من الاحتلال المباشر، وقد يمهد الإعلان أيضا لتصور إسرائيلي يقوم على تثبيت "شريط أمني" داخل القطاع، مع الإبقاء على حرية الحركة العسكرية داخله.
ويكشف هذا التحول عن تكهنات تتعلق بالمرحلة الثانية من الاتفاق، إذ تشير تقارير إعلامية إلى احتمال تقليص نقاط التمركز داخل الأحياء، مقابل تشديد التحكم بالمحاور الحيوية، مثل الطرق والمناطق التي تضمن المراقبة. كما يُتوقع أن تعتمد إسرائيل سياسة الاقتحام بدل البقاء الدائم.
قد ينعكس ذلك على حركة المدنيين، التي قد تتوسع شكليا لكنها ستظل محصورة ضمن مناطق محدودة.
كما قد تحد هذه الخيارات من حرية حركة شاحنات المساعدات، عبر إبقائها في نقاط معينة تحول دون وصولها إلى جميع المحتاجين، في وقت يعني فيه استمرار الغارات أو الاستهدافات بقاء مستوى الخطر مرتفعًا.
ومن زاوية أخرى، قد تندرج فكرة "الشريط الأمني" التي تطرحها إسرائيل ضمن مساعيها "لرفع جاهزيتها الدفاعية" عن البلدات الواقعة في غلاف غزة.
أما سياسيا، فيرى مراقبون أن إعلان إنهاء التمشيط، بالتزامن مع النقاشات الجارية في ميامي بالولايات المتحدة، يبعث بإشارة إلى الوسطاء قد تسهم في دفع تنفيذ المرحلة الثانية قدما.
لكن هذا الإعلان قد يشكل في الوقت نفسه أداة ضغط تفاوضي، تُظهر من خلالها إسرائيل دعمها الإجرائي لمسار الوساطة دون التنازل عن شروطها أو عن تصورها لشكل وجودها المستقبلي في غزة.
ومع سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، انسحب جيش الاحتلال جزئيا إلى "الخط الأصفر"، لكنه يستهدف الفلسطينيين بمحيط الخط في خروقات خلّفت نحو 400 شهيد، وفق مصادر رسمية بالقطاع.
المصدر:
القدس