آخر الأخبار

مواطنون بنابلس يواجهون التهجير وهدم منازلهم بقرارات إسرائيلية

شارك

لا حيلة بيد الفلسطيني أشرف حطاب بعد نحو 5 سنوات من الإجراءات القضائية سوى تنفيذ قرار الاحتلال الإسرائيلي بإخلاء منزله تمهيدا لهدمه، فأي مخالفة سيعاقب عليها بتغريمه ماليا بآلاف الدولارات، وسيبقى الهدم قائما.

وطوال تلك السنوات ظل حطاب ومواطنون آخرون يقارعون الاحتلال وقراراته التعسفية لهدم منازلهم في منطقة التعاون العلوي في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، بذريعة وقوعها بمناطق "ج" الخاضعة لسيطرة الاحتلال الكاملة وفق اتفاقية أوسلو.

وتؤكد الحقائق على الأرض أن "عدم الترخيص" و"مناطق سي" وغيرها، ليست إلا ادعاءات إسرائيلية، وأن عمليات الهدم المستمرة والمتصاعدة بالضفة والقدس هدفها المصادرة والاستيطان وسلب الفلسطينيين أرضهم.

وقبل أيام أُبلغ المواطن حطاب عبر محاميه بقرار المحكمة الإسرائيلية العليا القاضي بهدم بيته و5 منازل أخرى في المنطقة المستهدفة، وذلك استنادا لقرار عسكري "بوقف البناء" أخطر الاحتلال به الأهالي عام 2021.

ويقول حطاب إنه باشر بالاعتراض على إخطار الهدم لدى محاكم الاحتلال (المركزية بالقدس والمحكمة العليا)، التي أقرت بالهدم الفعلي والفوري، رافضة كل المبررات والاعتراضات التي قدمها محاميهم. لكن وبعد استئناف "تمكن المحامي من تمديد تنفيذ الهدم حتى نهاية الشهر الجاري".

وفور تسلم حطاب القرار الإسرائيلي سارع لإخلاء "بيت العمر" المكون من 3 طوابق وتزيد مساحته على 260 مترا مربعا، ويقطنه 10 من أفراد عائلته، بينهم والداه المسنان، ويضيف "تشتت عائلتنا، أنا ووالدي وشقيقي؛ فأمي وأبي استأجرا منزلا شرق المدينة، وأخي سكن بحي المخفية وسطها، وأنا لجأت للعيش مؤقتا لدى أنسبائي، ريثما أجد منزلا لاستئجاره".

ويتابع حطاب -بعدما زفر وهو يلقي على منزله نظرات الوداع- أن اللقاء الذي كان يجمعهم يوميا بمنزل العائلة تحول لزيارات خاطفة ومتباعدة، وزادت تكاليف وأعباء الحياة الاجتماعية والمادية "والأخطر هو الأعباء النفسية، فهذه أول مرة أعيش التهجير القسري، وأشعر بالقهر فعلا".

وبتكلفة بلغت نحو 300 ألف دولار، شيد حطاب منزله الجديد "حجرا على حجر"، بعد أن ظل يعيش في الإيجار 30 عاما، ويضيف "سكنته قبل 5 سنوات، ووالديّ سكنا شقتهما قبل أشهر، وبعد أن التأم شملنا، فرقنا الاحتلال ثانية بقراره الجائر".

ويستهجن حطاب صمت الاحتلال وعدم منعه المواطنين بناء منازلهم لحظة تشييدها قبل نحو 15عاما، ولم يخطر بوقف البناء حينها، ليأتي قرار الهدم بعد كم من الخسائر تكبدوها.

ويرجع ذلك إلى الخطر الاستيطاني المستمر والآخذ بالتوسع في مستوطنة براخا التي يرقبها من شرفة منزله، خاصة بعد الحرب الأخيرة على غزة.

ويقول إن الاحتلال لم يكتف بقرار الهدم، بل منعهم -عبر إجراء "وقف تنفيذ" لمدة 5 سنوات- من إعمار الأرض والاستفادة منها بأي شكل، لا بتجريفها أو نبشها بالفأس ولا حتى بإزالة الركام بعد الهدم، "وأي أحد يخالف سيتم تغريمه نحو 30 ألف دولار".

وفوق كل ذلك، تكبد حطاب تكاليف عالية وصلت إلى 10 آلاف دولار ثمنا لرسوم المحكمة الإسرائيلية وأتعاب المحامي. وأوضح أن أحد الجيران حين حاول الاعتراض على قرار الهدم دفع نحو 5 آلاف دولار لإجراءات المحكمة، لكن "الاحتلال احتجزها بدلا لتكاليف الهدم".

تشتت عائلتنا، أنا ووالدي وشقيقي؛ فأمي وأبي استأجرا منزلا شرق المدينة، وأخي سكن بحي المخفية وسطها، وأنا لجأت للعيش مؤقتا لدى أنسبائي، ريثما أجد منزلا لاستئجاره.

ويعكف الاحتلال على هدم 16 منزلا في منطقة التعاون العلوي، وغير بعيد منها هدم العام الماضي 6 منازل أخرى في حي "نابلس الجديدة"، ولا يزال يخطر بهدم عشرات البيوت هناك.

وفي المقابل تشهد مستوطنة براخا -الجاثمة فوق أراضي الفلسطينيين والقريبة من المنطقة المستهدفة بالهدم- تسارعا غير مسبوق في البناء.

ومِثل حطاب، سارع المواطن ليث العابد وعائلته (والده وشقيقه) للملمة أثاث منازلهم الثلاثة المستهدفة والرحيل عنها قبل تنفيذ الهدم.

ويقول العابد إن الاحتلال أخطرهم بالهدم مرتين العام الماضي، لكنه لجأ للاستئناف اعتراضا على القرار، غير أن المحكمتين الإسرائيليتين (المركزية والعليا) رفضتا ذلك وأقرتا الهدم.

ويوضح العابد أنه حاول الاستفادة مما يعرف "بهامش الخطأ" في خريطة المكان وتفاصيله، بالاعتماد على مركز متخصص للبحث في حيثيات ذلك، فتبين أن أرضهم تقع ضمن مناطق "ب" الواقعة ضمن السيطرة الفلسطينية، وبالتالي لا مبرر للاحتلال بالهدم، ومع ذلك رفضت المحاكم مناقشة ملف الاعتراض وأخطرتهم بالهدم.

وناشد الجهات المسؤولة "وصاحبة القرار" عدم التسليم بقرارات الاحتلال والضغط عليه لتحديد مواقع الأراضي وتصنيفاتها بشكل دقيق بين مناطق "ج" و"ب".

كما دعا المجالس القروية والبلدية للعمل بكل الطرق على توسيع المخططات الهيكلية لمحاولة إنقاذ تلك الأراضي، "لأن ما نمر به اليوم يمكن وباعتبارات الاحتلال وإجراءاته العسكرية أن يواجهه كل فلسطيني بالضفة الغربية".

وذكر تقرير -صدر قبل شهرين- لهيئة الجدار والاستيطان الفلسطينية (جهة رسمية) أن الاحتلال درس منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ما مجموعه 355 مخططا هيكليا لغرض بناء 37 ألفا و415 وحدة استيطانية بالضفة الغربية والقدس، وهدم في المقابل 3679 منشأة فلسطينية، بينها 1288 منزلا مأهولا.

ويقول منسق العمل الجماهيري في هيئة الجدار والاستيطان، عبد الله أبو رحمة، إن الحكومة الإسرائيلية تفعل كل ما بوسعها للإضرار بالفلسطيني، عبر الهدم أو الاعتداءات المتكررة، أو سرقة المواشي ومصادرة الأرض والتوسع الاستيطاني، وكل ذلك يأتي في سياق ممنهج لتهجير المواطنين.

ويضيف أبو رحمة أنه "صار ملحوظا استهداف الاحتلال للمباني الإسمنتية المكلفة، ولم يعد يكتفي بهدم التجمعات البدوية والمنشآت الزراعية التي كنا نعيد البناء فيها بنفس اليوم ونتحدى الاحتلال بتثبيت المواطن في مسكنه".

ولفت إلى أن ما يجري الآن هو تنفيذ لمخططات حزب "الصهيونية الدينية" التي تعمل بقوة لتهجير الفلسطينيين، ويعد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أبرز قياداتها، حيث أصبحت "تُسرّع عمليات الهدم، مستهدفة المواطن والتجمعات البدوية والقرى والحكومة وأموال المقاصة (الضرائب التي تجنيها إسرائيل من الفلسطينيين) والسلطة الفلسطينية ككل".

ولم يُخف أبو رحمة أن الفلسطينيين يمرون بوضع "صعب جدا"، وأنهم كهيئة فلسطينية يحاولون المساعدة بإمكانياتهم البسيطة، ماديا وعبر الدعائم القانونية، ويتساءل "ماذا نفعل إذا كان القاضي هو الجلاد، وهو المستوطن نفسه؟".

القدس المصدر: القدس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا