بعد اقتحام استمر ساعات لقرية قلنديا شمال القدس، شرعت جرافات الاحتلال بهدم منزل المواطن سامر حميدة (49 عاما)، بادعاء بنائه دون ترخيص في منطقة صُنفت حسب اتفاقية أوسلو بمنطقة "ج" (تخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة، من حيث الأمن والإدارة المدنية، بما يشمل التخطيط والبناء واستغلال الأراضي والموارد الطبيعية).
ورغم تقدم محامي حميدة بالتماس للمحكمة لتجميد الهدم والنظر في إجراءات التراخيص اللازمة لحماية المنزل، إلا أن الجيش لم يلتفت للالتماس وشرعت الجرافات بهدمه.
وقال شقيق سامر مراد حميدة إن منزل شقيقه شُيّد قبل 10 أعوام ويسكنه منذ ذلك الحين، وهو مكون من طابقين تبلغ مساحة كل منهما 220 مترا مربعا، ويعيش فيه 35 فردا بينهم 15 طفلا.
وأوضح مراد أن جيش الاحتلال فاجأ العائلة باقتحام المنزل في تمام التاسعة من صباح هذا اليوم وأمر بإخلائه بنية الهدم، مضيفا "قلنا للضابط أننا نسير في إجراءات الحصول على رخصة للبناء، فقال لنا تواصلوا مع محاميكم".
"لدينا قرار من سموتريتش"
ورغم تقدم المحامي بالتماس عاجل للمحكمة وإرسال نسخة منه للعائلة وتواصله مع الضابط بشكل شخصي، إلا أن الضابط قال لمراد "اعتبرها أرضا عسكرية.. مصادرة عسكريا ولدينا قرار من سموتريتش بالهدم".
ولم يكتفِ جيش الاحتلال بإعدام ذكريات ومستقبل سامر وعائلته، بل تعمد عقاب من تواجد من المواطنين للتضامن جماعيا، من خلال استهدافهم بالقنابل الصوتية والغازية والضرب بالهراوات ورش غاز الفلفل وفقا لحميدة.
وأكد هذا المواطن أن الاتصال مقطوع مع شقيقه صاحب المنزل منذ ساعات الصباح، لأنه يرفض مغادرة محيط منزله الذي يخضع للهدم، كما يرفض الجيش السماح لأقاربه بالوصول إليه.
واختزل وصف حالة شقيقه النفسية بعبارة "سامر محبط جدا.. الله يكون بعونه".
وختم مراد حديثه بالقول إن منزل شقيقه محمد مهدد بالهدم أيضا كونه يقع في المنطقة المصنفة "ج"، وإنه تلقى إخطارا بهدمه قبل 15 عاما، وما تزال العائلة عاجزة عن استصدار التراخيص اللازمة لحمايته من الهدم.
أما المواطن شريف عوض الله، الذي يعتبر أحد أكبر سكان قرية قلنديا سنّا وأحد أصحاب الأراضي المهددين بالإخلاء منها لصالح المشاريع الاستيطانية، فقال إن منزل سامر يقع في منتصف القرية وليس بعيدا عن المنشأة التي ستقام من أجل حرق وتدوير النفايات.
وأضاف هذا المسن أن عشرات العائلات ستهجر قسرا من أجل هذا المشروع بعد تحريك الجدار العازل وضم مزيد من الأراضي إلى حدود بلدية القدس.
قضم مزيد من الأراضي
وأشار عوض الله إلى خطورة المشروع الاستيطاني الضخم الذي يستهدف أراضي قلنديا، والمتمثل بتوسعة مستوطنة "عطروت" وبناء 9 آلاف وحدة استيطانية جديدة على أراضي مطار القدس الدولي والأراضي المحيطة به.
وختم هذا المسن حديثه بالتطرق إلى مساحة أراضي قرية قلنديا البالغة 4 آلاف دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع)، يعيش سكانها على مساحة 8 آلاف منها فقط بعد مصادرة الأراضي وعزلها خارج الجدار، ويؤكد هذا المسن أن مساحة العيش ستضيق أكثر على ألفي مواطن ينحدرون من قلنديا وذلك بعد قضم مزيد من الأراضي وحصرهم في مساحة لا تتعدى 300 دونم.
يذكر أنه في طلع شهر نوفمبر/تشرين ثاني المنصرم اقتحم موظفو "سلطة أراضي إسرائيل" قرية قلنديا، وسلموا أهلها قرارَي إخلاء لمبنيين وأراض زراعية خلال 20 يوما تمهيدا للشروع بالمشاريع الاستيطانية التي تستهدف القرية.
وجاءت هذه الخطوة بعد توقيع وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش في شهر أبريل/نيسان الماضي قرارا بتفعيل أوامر مصادرة قديمة استهدفت قلنديا في عامي 1970 و1982.
ومن المفترض أن تُعقد جلسة نقاش في لجنة التخطيط والبناء يوم غد الأربعاء للترويج لحي عطروت الاستيطاني الجديد الذي سيضم 9 آلاف وحدة سكنية، على موقع مطار القدس الدولي.
ويحمل المخطط وفقا لموقع منظمة "السلام الآن" الإلكتروني سمات تُذكّر بمخطط E1 من حيث تداعياته على مستقبل المنطقة وبناء الدولة الفلسطينية، إذ سيقع الحي الجديد في قلب منطقة حضرية فلسطينية مكتظة بالسكان، تمتد بين رام الله وكفر عقب شمالا، مرورا بمخيم قلنديا للاجئين والرام وبيت حنينا، وبئر نبالا.
وفي سياق متصل هدمت جرافات الاحتلال صباح اليوم إسطبلا للخيول في بلدة جبل المكبر جنوب البلدة القديمة، كما هدمت صالة أفراح قيد الإنشاء وأخطرت بهدم منازل أخرى في قرية رافات شمال غرب القدس.
وعلى صعيد الانتهاكات في المسجد الأقصى اقتحم ساحاته في فترتي الاقتحامات الصباحية والمسائية 370 مستوطنا احتفالا بثاني أيام عيد الأنوار (الحانوكاه) اليهودي.
المصدر:
القدس