آخر الأخبار

شتاء قاس يضاعف معاناة سكان غزة في ظل استمرار آثار العدوان

شارك

أدى المنخفض الجوي العميق الذي يضرب قطاع غزة إلى تفاقم المعاناة الشديدة التي يعيشها السكان، وذلك بالتزامن مع استمرار الآثار المدمرة للحرب الإسرائيلية التي استمرت لأكثر من عامين. لقد تسببت الحرب في تدمير معظم المباني السكنية والبنية التحتية والمرافق الأساسية، مما عرض السكان لفترات طويلة من سوء التغذية والمجاعة.

ارتفعت حصيلة ضحايا المنخفض الجوي، الذي أُطلق عليه اسم "بيرون"، إلى 14 شخصًا، من بينهم أطفال ونساء. وقد نجمت هذه الوفيات عن تأثيرات الأحوال الجوية القاسية والبرد الشديد، بالإضافة إلى الانهيارات الجزئية والكلية للمنازل والمباني على رؤوس ساكنيها بسبب الأمطار الغزيرة، فضلاً عن انجراف وتدمير خيام الإيواء المتداعية.

عادة ما يكون المناخ الشتوي في قطاع غزة باردًا ورطبًا نسبيًا، حيث تتراوح درجات الحرارة بين 7 و 16 درجة مئوية خلال شهري ديسمبر ويناير. ومع ذلك، قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً إلى أقل من 5 درجات في بعض الليالي. وقد تشهد فترات المنخفضات الجوية درجات حرارة أكثر انخفاضًا.

بدأت معاناة الفلسطينيين في غزة مع النزوح وانعدام المساكن عندما طالب الاحتلال بإخلاء الجزء الشمالي من القطاع في أكتوبر 2023. وقد تكرر هذا الأمر بشكل شبه أسبوعي لفترات طويلة من الحرب، بينما عمل الاحتلال على تدمير شبه كامل للمناطق التي ينزح منها السكان.

يقول سليمان، البالغ من العمر 45 عامًا، إنه يسكن في شقة مستأجرة بعد أن دمر الاحتلال بناية عائلته بالكامل، ثم بناية أقاربه التي نزح إليها في شهور الحرب الأخيرة. ورغم نجاته من ويلات الخيام في الوقت الحالي، إلا أن عائلته تأثرت بشكل كبير من المنخفض الجوي الحالي. ويكشف سليمان أن شدة الرياح والأمطار أدت إلى اقتلاع نافذة كبيرة في الشقة التي يستأجرها وسقطت فوق سرير ينام عليه أطفاله.

ويضيف سليمان: "كان الله في عوننا وعون الناس في الخيام. كل ما لدى أي شخص في غزة حاليًا من بطانيات ومفارش هو كل ما يملكه. وشراء حاجيات جديدة صعب جدًا ومكلف جدًا. وبمجرد ابتلال هذه الأمتعة يعني البرد الشديد. لا توجد وسائل لتجفيف البطانيات حاليًا سوى الشمس، وهي غائبة بسبب المنخفض والأمطار الغزيرة". ويؤكد أن الحصول على الدفء حاليًا صعب جدًا، وأن الأمر لا يتعلق بثمن الكهرباء أو الغاز أو أي محروقات، بل بالنار والحطب والأخشاب، وهي وسائل بدائية للتدفئة. ولكن من لديه فائض خشب أو حطب يدخره لإعداد الطعام اليومي، هذا إذا تمكن أصلًا من إشعال نار في ظل هذه الظروف.

لطف ربنا أنهم لم يكونوا في الغرفة في ذلك الوقت، النافذة كبيرة ولو سقطت على رجل كبير لقتلته

تقول فاطمة إن فترة الشتاء والأمطار والطقس البارد طالما كانت مفضلة لديها طوال السنوات الماضية، وأنها كانت دائمًا ما تسخر من الأشخاص الذين يحبون فصل الصيف. ولكن منذ بدء الحرب وفقدان الناس لكل شيء، أصبح الشتاء بالنسبة لها كابوسًا. وتوضح فاطمة أنها تعيش في بقايا بيتها الذي تضرر بشكل كبير وبقي أكثر من نصفه بقليل، مشيرة إلى أنها سعيدة وتحمد الله أنها لم تضطر للعيش في الخيام. إلا أنها أصبحت قلقة جدًا بعدما سقطت العديد من الشقق والمباني في غزة جراء الأمطار الغزيرة خلال الأيام الماضية.

وتضيف فاطمة: "أفكر خلال فترات الليل واشتداد الأمطار: هل سيسقط علينا السقف؟ هل سنصبح عالقين تحت ركام المنزل دون وسائل لإنقاذنا مثلما حصل مع عشرات الآلاف من الناس طوال الحرب؟ هل سنموت من البرد تحت الحجارة ببطء؟ خلال الأيام الماضية تكون هذه أفكاري طوال الليل حتى أسقط في النوم".

يعتبر وليد أن فكرة البقاء في خيمة خلال مثل حالات المنخفض الشديد الحالية ليست سيئة بشكل تام، بل قد تكون أفضل نظرًا لأوضاع الأبنية الحالية وتصدعها الشديد بفعل القصف الشديد والارتدادات التي حصلت لها خلال السنتين الماضيتين. ويؤكد وليد أن الفكرة هي الحفاظ على الخيمة دون بلل داخلي أو دخول المياه لها، وهذه أمور يحددها موقع الخيمة وهل هي ضمن منطقة تتجمع فيها الأمطار، أو في مكان جريان المياه من المناطق المرتفعة إلى المناطق المنخفضة. ويشير إلى أنه في حال الحفاظ على الخيمة جافة من الداخل يمكن الحفاظ على حرارة من يبيت فيها خلال الليل بتركها مغلقة مع استخدام البطانيات الثقيلة.

ويضيف وليد أن اختيار المكان المناسب للخيمة ليس متاحًا لمعظم الناس، فالمناطق في غزة مزدحمة والمخيمات مكتظة ويتم عملها بشكل عشوائي أينما توفرت أراضٍ فارغة أو مرافق قريبة من أسواق أو محطات مياه وغيرها من الأمور الأساسية. ويذكر أن تحقيق هدف إبقاء الخيمة جافة يواجه صعوبات متعلقة بحالة الخيمة نفسها وهل هي عازلة للمياه أو يتوفر لها أغطية بلاستيكية "شادر" فوق الخيمة لحمايتها من المياه في الشتاء وحتى الشمس الحارقة في الصيف التي تعمل على ضعف نسيجها القماشي.

ويقول وليد: "معظم الناس عمر خيمتها سنتان من الحرب وفك وتركيب الخيمة أكثر من مرة، هذه الخيام تعرضت لحرارة الصيف مرتين، ولمواسم الأمطار والرياح لثلاث مرات.. طبيعي أنها ستغرق، مش طبيعي لو ما غرقت". ومنذ بدء المنخفض الجوي، ارتفع عدد المباني التي كانت متضررة من قصف الاحتلال الإسرائيلي وانهارت جراء الأمطار الغزيرة، إلى 16 مبنى منذ بدء المنخفض الأربعاء، وفق معطيات رسمية ومصادر أمنية.

عاش مئات آلاف النازحين الفلسطينيين أوقاتًا صعبة داخل خيام مهترئة بمختلف مناطق القطاع، مع استمرار تأثير المنخفض "بيرون" على القطاع، حيث أغرقت مياه الأمطار وجرفت السيول واقتلعت الرياح أكثر من 27 ألف خيمة، وفق بيان صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

القدس المصدر: القدس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا