توفي طفلان فلسطينيان، يوم الجمعة، نتيجة البرد الشديد في أماكن نزوحهم بمدينة غزة، حيث وصلوا إلى مستشفى الشفاء وقد فارقوا الحياة، ليرتفع بذلك عدد ضحايا المنخفض الجوي الذي يضرب القطاع منذ يوم الأربعاء إلى ثمانية.
لليوم الثالث على التوالي، تسببت العاصفة "بيرون" في تفاقم معاناة الناجين من الحرب الإسرائيلية على غزة.
أفاد مصدر طبي بأن الطفلة هديل حمدان، البالغة من العمر 9 سنوات، وصلت إلى مستشفى الشفاء متوفاة، بعد أن فارقت الحياة نتيجة البرد القارس وسوء الأحوال الجوية.
وبحسب المصدر وشهود عيان، كانت الطفلة وعائلتها يقيمون في مدرسة تحولت إلى مركز للنزوح، وسط ظروف قاسية ونقص في وسائل التدفئة.
كما ذكر المصدر نفسه أن الرضيع تيم الخواجا، الذي يعيش مع عائلته في بقايا منزلهم المتضرر جراء قصف إسرائيلي سابق في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، توفي نتيجة البرد الشديد.
بهاتين الوفاتين، يرتفع العدد الإجمالي لوفيات الأطفال بسبب البرد في غزة منذ بداية المنخفض الجوي يوم الأربعاء إلى ثلاثة، حيث أكد مدير عام وزارة الصحة في غزة، منير البرش، أنه تم تسجيل حالة وفاة واحدة لطفلة نتيجة تداعيات المنخفض والبرد خلال اليومين الماضيين.
ويوم الخميس، توفيت الطفلة الرضيعة رهف أبو جزر في مدينة خان يونس جنوب القطاع، بسبب البرد وغرق خيمتها بمياه الأمطار.
أكد البرش أن هذا المنخفض القطبي هو "الأشد على الأطفال والنساء الذين يعيشون في خيام ممزقة، وأصبحوا في العراء مبتلين بمياه الأمطار، بعد انهيار خيامهم".
وأوضح أن هناك 44 ألف سيدة فلسطينية حامل يعشن داخل مخيمات النزوح، حيث تتفاقم المعاناة مع استمرار المنخفض الجوي والبرد القارس، وفي ظل فقدانهن للرعاية الأولية الخاصة بالأم والطفل.
وأضاف: "مشاهد الخيام الممزقة والغارقة بمياه الأمطار والأطفال الذين تتساقط على رؤوسهم الأمطار، تمثل وصمة عار على العالم أجمع".
وأشار إلى أن البرد والأمطار تحولا إلى عامل موت جديد يودي بحياة الفلسطينيين في غزة.
كما لفت إلى أن "أعدادا كبيرة من الأطفال وصلت إلى المستشفيات وهم يعانون من اضطرابات في التنفس وانخفاض في درجة الحرارة وضربات القلب"، نتيجة البرد وتداعيات المنخفض.
وجدد التأكيد على أزمة الأدوية والمستلزمات الطبية التي تعاني منها وزارة الصحة، مشيرا إلى أن ألف صنف من الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية غير متوفر في المستشفيات بسبب الحصار الإسرائيلي.
وكانت وزارة الصحة في غزة قد ذكرت يوم الأحد أن "52 بالمئة من قائمة الأدوية الأساسية و71 بالمئة من قوائم المستهلكات الطبية و70 بالمئة من المستهلكات المخبرية رصيدها صفر".
وتمنع إسرائيل دخول كميات كافية من الأدوية والمستلزمات الطبية والمواد الغذائية إلى غزة، حيث يعاني نحو 2.4 مليون فلسطيني أوضاعا مأساوية، في انتهاك للبروتوكول الإنساني لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين حماس وإسرائيل في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2025.
وحذر البرش من ازدياد عدد الوفيات نتيجة البرد القارس إذا استمرت الظروف القاسية على ما هي عليه.
من جهتها، أعلنت وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة عن تسجيل "12 حادثة انهيار لمبانٍ متضررة سابقاً، نتيجة الأمطار الغزيرة والرياح الشديدة، ما أدى إلى استشهاد 8 مواطنين بينهم أطفال وإصابة آخرين" منذ بدء المنخفض الجوي.
وأفادت الوزارة بوجود عدد من المفقودين تحت أنقاض منزل قصفته إسرائيل سابقاً، وانهار يوم الجمعة على قاطنيه بسبب الأمطار الشديدة.
ومع دخول الاتفاق حيز التنفيذ، عاد الفلسطينيون للسكن في منازلهم التي قصفتها إسرائيل خلال الحرب أو على أنقاضها، في ظل عدم توفر بدائل، خاصة البيوت المتنقلة.
وعلى الرغم من المخاطر الكبيرة، يؤكد الفلسطينيون أن العيش داخل المنازل المتضررة يبقى أقل قسوة من البقاء في الخيام المصنوعة من الأقمشة البالية، والتي لا تحمي من مياه الأمطار في الشتاء ولا تقي من البرد.
وأشارت الوزارة إلى أن غرف العمليات في الأجهزة المختصة تلقت أكثر من 4300 نداء استغاثة من الفلسطينيين في مختلف محافظات غزة منذ يوم الأربعاء.
وتابعت: "تعمل طواقم الدفاع المدني بمساندة جهاز الشرطة على إنقاذهم ومساعدتهم بالتعاون مع طواقم البلديات، على الرغم من الإمكانات المحدودة والمعدات المتهالكة".
وناشدت الوزارة المجتمع الدولي والمؤسسات المعنية بالتحرك العاجل لإدخال مواد الإغاثة والإعمار في ظل الحاجة الماسة للسكان في القطاع نتيجة الظروف الكارثية التي يمرون بها.
وعاش مئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين أوقاتاً صعبة داخل خيامهم المتواضعة في مختلف مناطق القطاع ليلة الخميس- الجمعة، مع استمرار تأثير العاصفة "بيرون".
وتعيش حوالي 250 ألف أسرة في مخيمات النزوح في قطاع غزة، حيث يواجهون البرد والسيول داخل خيام مهترئة، وفقاً لتصريحات سابقة للدفاع المدني.
وكانت مئات الخيام قد غرقت يوم الخميس في مناطق مختلفة من القطاع، مع استمرار تأثير هذه العاصفة.
وعلى الرغم من انتهاء الحرب، لم يشهد الوضع المعيشي للفلسطينيين في غزة أي تحسن بسبب القيود المشددة التي تفرضها إسرائيل على دخول شاحنات المساعدات، في انتهاك للبروتوكول الإنساني للاتفاق.
وأسفرت الحرب الإسرائيلية على غزة، التي بدأت في 8 أكتوبر 2023 بدعم أمريكي واستمرت لعامين، عن أكثر من 70 ألف قتيل وما يزيد عن 171 ألف جريح، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى دمار طال 90 بالمئة من البنية التحتية المدنية.
المصدر:
القدس