الحدث الاقتصادي
أوصى لقاء حواري موسّع نظمته سلطة النقد لمناقشة مشروع قانون خفض استخدام النقد، اليوم الأثنين في رام الله، باعتماد فترة انتقالية تدريجية لتطبيق القانون، بما يراعي خصوصية القطاعات المختلفة.
كما أوصى، بمراجعة سقف المعاملات النقدية بما يتناسب مع طبيعة الأنشطة الاقتصادية، وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي وتعزيز الوصول إلى الخدمات المالية والمصرفية، وخفض الرسوم المرتبطة بالدفع الإلكتروني، وتوفير حلول دفع رقمية ميسّرة وذات تكاليف معقولة، وتعزيز حماية البيانات المالية وضمان حصر صلاحيات الاطلاع والمعالجة بما يحافظ على السرية المصرفية، ورفع جاهزية البنية التحية الرقمية، وإطلاق برنامج وطني للتوعية والتدريب يستهدف التجار والمواطنين والفئات غير المُمكنة رقميا، وإدخال التعديلات المقترحة على مشروع القانون ورفعها الى مجلس الوزراء.
وناقش اللقاء، الإطار القانوني والآثار الاقتصادية لمشروع قانون خفض استخدام النقد، بمشاركة واسعة من ممثلي الوزارات والمؤسسات الرسمية، وممثلي القطاعات الاقتصادية والمالية والقانونية والسياسية، إلى جانب ممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني والخبراء المتخصصين.
وافتتح اللقاء محافظ سلطة النقد يحيى شنار، الذي أكد أن هذا اللقاء الحواري يأتي في إطار التحضيرات لإعداد تشريع اقتصادي يمهد لمواكبة التطورات المالية العالمية.
وأوضح شنار، أن القطاع المصرفي الفلسطيني، ورغم ما واجهه من تحديات خلال السنوات الماضية، حافظ على استقراره وقدرته التشغيلية بفضل بنية تحتية مالية رقمية متطورة أسستها سلطة النقد ضمن رؤية استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز الكفاءة والأمان ومواكبة التحول للاقتصاد الرقمي وتوفير الرفاهية للمواطنين.
وأشار إلى أن مشروع قانون خفض استخدام النقد يشكّل خطوة تنظيمية مهمة لمعالجة تحديات التعامل بالنقد وتعزيز الشفافية وحماية المواطنين والتجار، دون التأثير على التعاملات النقدية الاعتيادية، كما أكد حرص سلطة النقد على إشراك مختلف القطاعات في صياغة المشروع وإلى نشرها مشروع القانون عبر منصة وزارة العدل ومنصة سلطة النقد الإلكترونية، بهدف السماح للجمهور إبداء ملاحظاتهم ومخاوفهم، إيماناً بأن نجاح أي تشريع اقتصادي يعتمد على الشراكة المجتمعية.
وشمل اللقاء الحواري ثلاث جلسات رئيسية تناولت عدد من المحاور المتعلقة بالقانون، ففي الجلسة الأولى، التي أدارها طاهر المصري من الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، جرى استعراض معمّق لبنود مشروع القانون وتحليل مدى انسجامه مع التشريعات النافذة والآثار القانونية المترتبة عليه، بمشاركة وكيل وزارة العدل المستشار أحمد ذبالح، ونقيب المحامين فادي عباس، ومساعد عميد كلية الحقوق والإدارة العامة بجامعة بيرزيت محمود علاونة، الذين قدموا قراءات شاملة للجوانب القانونية والتشريعية ذات الصلة.
أما الجلسة الثانية، التي أدارها الخبير الاقتصادي مؤيد عفانة، فقد خُصصت لبحث الانعكاسات الاقتصادية والمالية لتطبيق القانون ومدى جاهزية البنية التحتية التقنية. وشارك في الجلسة نائب محافظ سلطة النقد محمد مناصرة، ورئيس مجلس إدارة جمعية البنوك ماهر المصري، وممثلة القطاع الخاص مها أبو شوشة، والخبير المالي محمد سلامة. وقد قدّم المتحدثون رؤى حول تأثير القانون على الدورة الاقتصادية وكفاءة المعاملات المالية ومستوى التوعية المجتمعية.
وفي الجلسة الثالثة، التي أدارها الإعلامي الاقتصادي طلعت علوي، تم تسليط الضوء على التحول الرقمي باعتباره مسؤولية وطنية مشتركة، وعلى دور القطاعات الرسمية والمالية في تطوير بنية رقمية متقدمة. وشارك في هذه الجلسة وزير الاقتصاد الوطني محمد العامور، ووزير العدل المستشار شرحبيل الزعيم، ومحافظ سلطة النقد يحيى شنار، ووكيل وزارة المالية مجدي الحسن، حيث استعرضوا جهود سلطة النقد وخططها الهادفة لتعزيز خدمات الدفع الإلكتروني والجاهزية الرقمية في فلسطين.
كما شهد اللقاء مداخلات الحضور من مختلف القطاعات، حيث تم مناقشة آرائهم وملاحظاتهم حول بنود مشروع القانون وتطبيقاته العملية، ما أسهم في إثراء النقاش وتوسيع نطاق المشاركة في صياغة التوصيات الختامية.
وأكد المشاركون، أن نجاح التحول نحو اقتصاد رقمي يتطلب شراكة متواصلة بين سلطة النقد والقطاعين العام والخاص، ومراعاة احتياجات المواطنين، مع التشديد على أن القانون ينظم المعاملات الكبيرة ولا يستهدف التعاملات اليومية الاعتيادية.
يذكر أن مشروع القانون ينص على منع الدفع النقدي في المعاملات التي تتجاوز قيمتها عشرين ألف شيقل أو ما يعادلها بالعملات الأخرى، مع منح سلطة النقد صلاحية تعديل هذا السقف بالتنسيق مع وزارة المالية والجهات ذات العلاقة. كما يخوّل مشروع القانون سلطة النقد وضع حدود قصوى للقروض النقدية، والتبرعات والهبات النقدية، ومعاملات القطاعات الحساسة مثل العقارات والسلع الفاخرة، لضمان الشفافية وتقليص فرص غسل الأموال.
وحددت سلطة النقد سقف التعامل النقدي بـعشرين ألف شيقل، استنادا للدراسات والمؤشرات الخاصة بالقطاع المصرفي الفلسطيني، حيث أن 96% من الإيداعات النقدية بعملة الشيقل تقل عن عشرين ألف شيقل.
وبحسب سلطة النقد، سيسهم القانون في خفض التكاليف والمخاطر المرتبطة بالنقد، فعمليات التعامل بالنقد أعلى تكلفة من الناحية الأمنية، النقل، التخزين، التأمين، وبفرض سقف نقدي، تقل هذه المخاطر.
ويتضمن مشروع القانون فرض غرامات مالية تتراوح بين 5% و15% من قيمة المعاملة النقدية المخالفة، وتُضاعف العقوبة في حال التكرار أو التحايل على أحكام القانون. كما يمنح مشروع القانون فترة ستة أشهر لتوفيق الأوضاع بما يتناسب مع أحكامه، على أن تتولى سلطة النقد الإشراف على التنفيذ بالتنسيق مع وزارتي المالية والاقتصاد الوطني والجهات الرقابية ذات العلاقة، لضمان التطبيق الفعلي والمنظم للقانون.
المصدر:
الحدث