آخر الأخبار

ماذا وراء اجتماع "بلير" في رام الله وعلاقته بخطة إنهاء حرب غزة؟

شارك

اتجهت الأنظار خلال الأيام الأخيرة إلى تحركات رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، الذي زار رام الله، وأكد محللون أنها مرتبطة بالقرار الأممي المنشئ لقوة دولية في قطاع غزة، وتنفيذ خطة أمريكية لمستقبل القطاع بجانب مسارات الإصلاح داخل السلطة الفلسطينية.

وخلال لقاء في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، بحث نائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ وبلير، الأحد، تطورات الوضع الفلسطيني في غزة والضفة الغربية المحتلة بعد تبني مجلس الأمن قرارا بشأن إنشاء قوة دولية بغزة، ضمن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار.

وذكر الشيخ في تدوينة عبر منصة "إكس" أنه التقى بلير وممثلا عن الحكومة الأمريكية (لم يسمّه) وبحث معهما "آخر التطورات المتعلقة بمرحلة اليوم التالي (بغزة) عقب صدور قرار مجلس الأمن، إضافة إلى بحث القضايا المرتبطة بغزة والضفة، والمتطلبات الأساسية نحو تحقيق حق تقرير المصير والدولة".

والأسبوع الماضي، اعتمد مجلس الأمن الدولي بالأغلبية مشروع قرار أمريكي بشأن إنهاء الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة (يحمل رقم 2803)، يأذن بإنشاء قوة دولية مؤقتة حتى نهاية 2027.

ويأتي القرار تمهيدا لمرحلة ثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الساري منذ 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تتضمن وفق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حكما انتقاليا مؤقتا تديره لجنة فلسطينية مستقلة بإشراف هيئة دولية يترأسها ترامب بمشاركة قادة آخرين يعلن عنهم لاحقا، بينهم توني بلير.

قال مدير مركز القدس التابع لجامعة القدس أحمد رفيق عوض، إن مباحثات بلير في رام الله "لها علاقة مباشرة بما يسمى باليوم التالي في قطاع غزة، استنادًا إلى القرار الأممي عن غزة"، موضحا أن السلطة الفلسطينية مطالبة بالقيام بدور واضح في القطاع يتطلب إصلاحات ضرورية قد تستغرق 3 سنوات.

وأضاف عوض في حديثه للأناضول، أن السلطة "بدأت بالفعل بخطوات في هذا الاتجاه، مثل تشكيل لجنة خبراء خاصة بقطاع غزة؛ وهو ما يشير إلى استعدادها للمهام المتوقعة منها في المرحلة المقبلة"، معتقدا أن الاجتماعات الفلسطينية مع بلير "تأتي لتأسيس هذا الدور وتوضيح طبيعته وحدوده".

وأفاد بأن بلير "يطرح أسئلة تتعلق بمدى قدرة السلطة الفلسطينية على المساهمة في أي ترتيبات مستقبلية، وكيف يمكن أن تكون عامل بناء وليس هدم".

وأشار عوض إلى اتجاهات ترشح بلير ليكون "الشخصية المؤثرة في مجلس الأمن الدولي إذا تم تشكيل القوة الدولية المقترحة بغزة، وبالتالي هو معني بمعرفة إلى أي مدى يمكن للسلطة أن تشارك وما الذي يجب تطويره داخلها".

ولفت إلى الرفض الإسرائيلي لعودة أي دور للسلطة الفلسطينية بغزة، قائلا: "هذا الأمر يجعل من اللقاء محاولة لاستكشاف الممكن، وليس تقديم خطة جاهزة".

وحذّر من أن "أي ترتيبات لا تحظى برضا الفلسطينيين قد تنهار"، أضاف عوض: "دون موافقة الفلسطينيين أو أحد مستوياتهم على الأقل لن تتقدم أي خطة؛ لأن الأطراف الدولية المشاركة في الاستقرار أو الداعمة ماليًا قد ترفض إذا رأت الفلسطينيين يرفضون القرار".

وخلص إلى أن زيارة بلير "تحمل رسالة مفادها أن المجتمع الدولي معني بالفلسطينيين، لكن طبيعة هذا الاهتمام وحجمه يخضعان لواقع الضغوط، وللقدرة على تنفيذ التغييرات المطلوبة داخل السلطة".

من جانبه، تحدث مدير مركز يبوس للدراسات سليمان بشارات، عن أن زيارة بلير "تأكيد لخطة أمريكية اقتصادية سياسية متعلقة بغزة سبقت خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب".

وشرح بشارات للأناضول: "هناك خطتان أمريكيتان تسيران بالتوازي، الخطة العلنية التي خرجت باسم ترامب وتتضمن 20 بندًا تتعلق بوقف الحرب وتبادل الأسرى ونزع سلاح المقاومة وتحويل الخطة إلى قرار في مجلس الأمن".

والأخرى "خطة ظل تعمل عليها واشنطن بصمت"، وفق بشارات الذي اعتبر أن بلير "يمثل الشخصية الأبرز التي تعمل عليها"، مشيرا إلى أن وجود جاريد كوشنر المبعوث الأمريكي صهر ترامب، في تفاصيل الخطة "يعزز هذا التصور".

وتابع: "زيارات كوشنر المتتالية إلى تل أبيب والمستوطنات المحاذية لغزة جزء من إشراف مباشر يمهد لتحويل غزة إلى ما يسمى ريفيرا غزة، وهو تصور استثماري اقتصادي بالغ الوضوح".

وأوضح بشارات أن بلير قدم إلى رام الله لتحقيق عدة أهداف "أبرزها الحصول على قبول رسمي من السلطة الفلسطينية، لضمان موافقة قيادتها على مسار اليوم التالي لغزة، لأن أي خطة لن تكون قابلة للتطبيق دون قبول فلسطيني مباشر".

وذكر أن بلير يريد إشراك السلطة الفلسطينية ضمن رؤية جديدة، لكنه استدرك أن "السؤال المطروح: ما هو الدور المقبول إسرائيليًا وأمريكيًا؟ وما طبيعة المشاركة التي سيتم السماح بها؟".

واتهم بشارات بلير بقيادة "محاولة التفاف" على مواقف عربية رافضة لإدارة غير فلسطينية للقطاع، لا سيما من مصر وقطر، بالإضافة إلى موقف الفصائل الفلسطينية المسلحة.

وعن الموقف الأمريكي، قال بشارات إن سلوك واشنطن "ما يزال غير واضح بشأن شكل المرحلة الثانية من اتفاق وقف الحرب بغزة، ولذلك يعمل بلير على استمزاج الأفكار وجمع المواقف استعدادًا لبلورتها".

وزاد: "زيارة بلير تأتي في إطار البحث عن الركائز الأساسية التي يمكن البناء عليها؛ خصوصًا أن الانتقال للمرحلة الثانية ما يزال مؤجلاً بانتظار بلورة تفاهمات أوضح".

وأنهى اتفاق وقف النار، إبادة جماعية ارتكبتها إسرائيل في غزة منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 واستمرت عامين، خلفت أكثر من 69 ألف شهيد فلسطيني، وما يزيد عن 170 ألف جريح، ودمارا هائلا طال 90 بالمئة من البنية التحتية المدنية في القطاع.

زيارة بلير تحمل رسالة مفادها أن المجتمع الدولي معني بالفلسطينيين.
القدس المصدر: القدس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا