الحدث الفلسطيني
حذّر أربعة من أبرز الخبراء القانونيين في “المعهد الإسرائيلي للديمقراطية”، وهم: البروفيسور مردخاي كرمنيتسر، والبروفيسور عمحاي كوهين، والبروفيسور يوفال شاني، والدكتور أمير فوكس، من التداعيات الخطيرة لمشروع قانون “عقوبة الإعدام للأسرى الفلسطينيين” الذي صادقت عليه الكنيست بالقراءة الأولى.
وجاء في المذكرة القانونية التي أعدّها الأربعة في وقت سابق أن المشروع “يتعارض بصورة جوهرية مع القيم الديمقراطية ومع مبدأ قدسية الحياة وكرامة الإنسان”، محذرين من أنه سيضع “إسرائيل” في مصافّ الدول التي تمارس العقوبات الأكثر قسوة في العالم.
وأشار الخبراء إلى أن القانون المقترح لا يستند إلى أي مبرر مهني أو أمني، وأن فكرة الردع التي تتذرع بها الحكومة “مجرد وهم سياسي”، إذ إن العقوبة لن تردع منفذي العمليات الفلسطينية، بل قد تؤدي إلى تصعيد العنف وزيادة عمليات الأسر والمساومة والانتقام. واستند التقرير إلى مواقف سابقة لجهاز “الشاباك” وللأجهزة الأمنية الإسرائيلية، التي عارضت منذ عام 2018 تشريعًا مشابهًا، وحذّرت من أن “الإعدام سيؤدي إلى تمجيد المنفّذين في نظر جمهورهم وتحويلهم إلى رموز”.
وفي الجانب القانوني، أوضحت المذكرة أن مشروع القانون “ينتهك التزامات إسرائيل الدولية”، وبخاصة اتفاقية جنيف الرابعة التي تكفل للمحكومين بالإعدام حقّ طلب العفو أو تخفيف الحكم، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يحظر فرض الإعدام على جرائم لم تكن تستوجبه في السابق. ويرى الخبراء أن سنّ هذا القانون سيعرّض تل أبيب لعزلة ومساءلة دولية أمام محكمة العدل الدولية، في ظلّ المداولات الجارية حول وضع الضفة الغربية، إذ سيُستخدم كدليل إضافي على أن إسرائيل تمارس “سيادة بحكم الأمر الواقع” على الأراضي المحتلة وتخرق القانون الدولي الإنساني.
ويحذر معدّو التقرير من أن صياغة القانون ذات طابع عنصري وتمييزي، إذ تستهدف عمليًا الفلسطينيين فقط، لأنها تنص على إعدام من يقتل إسرائيليًا بدافع قومي أو كراهية للشعب اليهودي، بينما تستثني اليهود الذين ينفذون جرائم مماثلة بدوافع أيديولوجية، مثل مجزرة الحرم الإبراهيمي التي نفّذها باروخ غولدشتاين.
ويشيرون إلى أن هذا النص “يحمل في جوهره روح تمييز عرقي”، ويحوّل التشريع الإسرائيلي إلى أداة لمعاقبة العرب وحدهم. كما ينتقد التقرير البنود التي تتيح إصدار حكم الإعدام بأغلبية قضائية ومن دون إمكانية العفو أو تخفيف العقوبة، معتبرًا أنها “تقوّض الضمانات القانونية وتفتح الباب أمام أخطاء قضائية لا يمكن تصحيحها”، خاصة في المحاكم العسكرية التي تعتمد على اعترافات تُنتزع في ظروف قاسية من التحقيق.
ويذكّر معدّو المذكرة بأن إسرائيل لم تنفّذ أي حكم إعدام منذ العام 1962، وأن فرض هذه العقوبة الإلزامية سيشكّل سابقة خطيرة تمسّ أساس النظام القضائي الإسرائيلي نفسه. ويرى الخبراء أن تمرير القانون لن يضر فقط بالجانب الحقوقي، بل سيؤدي إلى انعكاسات سياسية وأمنية خطيرة، إذ سيخلق حوافز لدى الفصائل الفلسطينية لأسر جنود أو مستوطنين إسرائيليين بغية المساومة على إلغاء أحكام الإعدام أو تأجيل تنفيذها.
كما سيُضعف التعاون الأمني لإسرائيل مع حلفائها الغربيين ويقوّض مكانتها في المحافل الدولية. وفي ختام تقريرهم، شدّد كرمنيتسر وكوهين وشاني وفوكس على أن مشروع القانون “غير أخلاقي، وغير قانوني، وعديم الجدوى الأمنية”، مؤكدين أن تبنّيه سيكرّس صورة إسرائيل كدولة تستخدم الإعدام كأداة انتقام سياسي.
المصدر:
الحدث