رغم جراح حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة التي لم تندمل بعد، وما خلفته من عائلة ممزقة بين قتيل ومصاب ونازح، استطاعت الفلسطينيتان رلى مصلح وياسمين عابد انتزاع لحظة انتصار صغيرة وسط محيط من الألم الكبير.
فبعد عامين من حرب تسببت في دمار واسع، وفقدان موجع للأهل والمأوى، اعتلت رلى وياسمين منصة التخرج في جامعة الأقصى بمدينة خان يونس جنوبي غزة، وهما ترتديان ثوب التخرج وتُطوقهما ذاكرة الفقد والصمود.
لم يكن تخرجهما حدثا اعتياديا، بل مواجهة لكل أشكال العجز من انقطاع الكهرباء والإنترنت وشح الكتب، إلى النزوح والإصابات الجسدية التي لم تثنهما عن مواصلة تعليمهما.
وهكذا غدا نجاحهما شهادة حية على إصرار جيل يحاول انتزاع مستقبله من تحت الركام.
والجمعة، احتفلت جامعة الأقصى بتخريج 150 طالبا وطالبة من قسم اللغة الإنجليزية في كلية الآداب، في حفل غلبت عليه مشاعر الفرح الممزوجة بالألم، عقب عامين من الحرب والدمار.
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أدت حرب الإبادة إلى تدمير 165 مدرسة وجامعة ومؤسسة تعليمية تدميرا كاملا، فيما تعرضت 392 منشأة تعليمية لأضرار جزئية، ما شل القطاع التعليمي في غزة.
وبسعادة بالغة على هامش حفل التخرج، تحدثت رلى عن رحلة نجاحها قائلة: "اليوم أنا خريجة، هذه قصة صمود وتحد بعد معاناة الحرب والمأساة والويلات، بعد أن فقدت أمي وأختي وعددًا من أفراد عائلتي".
وتضيف: "تحدينا كل الصعوبات المأساوية من انقطاع الكهرباء والإنترنت، ونقص الكتب والدفاتر وحتى الأقلام، لكن الأمل ظل حيا رغم كل ما مررنا به".
وتابعت مستذكرة: "كنت أقضي ساعات طويلة بلا اتصال بالجامعة أو الأساتذة، وأقطع مسافات كبيرة للوصول إلى أماكن يتوفر فيها الإنترنت لأرسل مهامي الدراسية وأتابع محاضراتي".
من جهتها، تقول ياسمين: "كان من المفترض أن أتخرج عام 2023، لكن بقيت بعض المواد، ومع ذلك تمكنت اليوم من تحقيق حلم انتظرته طويلا".
وتوضح: "تعرضت لإصابة خطيرة خلال الحرب، لذلك يطلقون علي (الشهيدة الحية)".
وتتابع: "الإصابة كانت في الرأس، وأثرت على التوازن والحركة والكلام، وهذا ما عطل تخرجي في الفصل الأخير، لكني واصلت الدراسة، وبعد عامين أخذتهما الحرب من عمري، ها أنا أتخرج اليوم".
وتزيد ياسمين: "غدا يُصادف ذكرى استشهاد والدي وأخي الأكبر".
وتشير إلى أنها عاشت في شمال غزة منذ بداية الحرب، وتضيف: "واجهت صعوبات كبيرة بسبب انقطاع الإنترنت، لكن ذلك لم يدفعني للتوقف عن الدراسة، ورغم المجاعة والمعاناة بقينا صامدين".
وفي 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بدأ سريان المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته "حماس" بوساطة مصرية قطرية تركية وبإشراف أمريكي، والذي استند إلى خطة للرئيس دونالد ترامب.
وأوقف اتفاق وقف إطلاق النار حرب إبادة جماعية إسرائيلية على غزة بدأت في 8 أكتوبر 2023 وخلفت نحو 69 ألف قتيل فلسطيني وأكثر من 170 ألف مصاب، معظمهم أطفال ونساء، مع إعادة إعمار قدرت الأمم المتحدة تكلفتها بنحو 70 مليار دولار.
المصدر:
القدس