آخر الأخبار

جريدة القدس || طمون.. بلدة زراعية على خط النار

شارك الخبر

 تقف بلدة طمون، جنوب طوباس، شاهدة على التحديات اليومية والظروف القاسية التي تواجهها البلدات والقرى الفلسطينية في مناطق التماس مع الاحتلال ومستوطنيه، وترسم بدماء أبنائها وتضحياتهم ملامح صمود لا ينكسر، من أجل حماية أراضيها ومواجهة هذا الواقع المرير.

هذه البلدة الزراعية التي تشكل البوابة الشرقية للضفة الغربية، حيث تلامس حدودها نهر الأردن، لطالما تميز موقعها الاستراتيجي والجغرافي بالحيوية، لكنه تحول إلى مصدر معاناة مستمرة بين قيود الاستيطان، وعزلة الجدار الذي يمزق أوصالها، فيما تحولت معظم أراضيها الخضراء إلى ساحات عسكرية مغلقة.

وفي الآونة الأخيرة، شهدت البلدة اقتحامات متكررة لقوات الاحتلال التي تستهدفها أو تعبر من خلالها نحو مواقع أخرى في المحافظة، مخلفةً وراءها أضراراً جسيمة في ممتلكات الأهالي وأرواحهم وأراضيهم ومزروعاتهم، إضافة إلى تدمير البنية التحتية والمرافق العامة.

ويقول رئيس المجلس البلدي، ناجح بني عودة، في حديث لـ "ے": "مجرد مرور الجيش والمستوطنين عبر أطراف البلدة أو الأحياء السكنية يخلف أضراراً كبيرة، ويحوّل طمون إلى نقطة تماس مع الاحتلال، ما يتسبب في تكبدها خسائر بشرية ومادية، كما يؤدي إلى حرمان المزارعين من الوصول إلى أراضيهم للاعتناء بمحاصيلهم ومواشيهم".

ويضيف: "كما أن هذه الممارسات والاعتداءات المتزايدة في ظل الوضع الراهن، أو أي عملية أمنية في المنطقة ينتج عنها انتقام من أهالي البلدة، بحجة قربها من الموقع المستهدف، ما يزيد من تعقيد الحياة هنا ويفرض واقعاً صعباً على الأهالي". 

وتعد طمون ثاني أكبر تجمع سكاني في محافظة طوباس، حيث يقطنها نحو 16 ألف نسمة، وتصل مساحة أراضيها الإجمالية إلى حوالي 93 ألف دونم، إلا أن السكان محرومون من استخدام معظم هذه المساحات، بحجج تقسيمات الاحتلال وتصنيفات المناطق (أ، ب، ج) وجدار الفصل العنصري الذي يعزلها، عدا عن القواعد العسكرية والمستوطنات الجاثمة على أراضيها، وفق بني عودة.

ويوضح بني عودة: "لم يتبقَ للبلدة سوى نحو 20 ألف دونم فقط من مساحة الأراضي الزراعية متاحة للاستخدام، فيما يُحرم الأهالي من الوصول إلى المساحة الأكبر خلف الجدار أو بحجة التدريبات العسكرية والمناطق المغلقة، كما تمت مصادرة جزء من هذه الأراضي لإقامة المستوطنات الزراعية ومعسكرات للجيش، ما يعيق المواطنين عن استغلال أراضيهم الزراعية ذات الخصوبة العالية".

ويشير إلى أن طمون تعتبر بلدة زراعية في المقام الأول، حيث يعتمد معظم سكانها على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل، إلى جانب وجود شريحة من العاملين والموظفين الحكوميين، الذين تأثرت أوضاعهم المعيشية في ظل الحرب القائمة على الوطن، وسياسة فرض الحواجز والإغلاقات في محافظات الضفة.

وقال: "في السنوات الأخيرة الماضية، قمنا بحفر آبار جوفية في منطقة "سهل البقيعة" المتبقية لبلدتنا، ما حوّل الزراعة فيها من بعلية إلى مروية، كما أسهم في زيادة إنتاجية البلدة التي تعتبر والمناطق المجاورة سلة غذاء الضفة الغربية من الخضروات والثمار المتنوعة، وهذا ساعد أيضاً في إيجاد مصادر دخل جديدة للمواطنين الذين فقدوا اعمالهم".

ويتعرض مربو الثروة الحيوانية الذين يمثلون أكبر تجمع شرقي طمون وطوباس ويملكون ما بين 20-30 ألف رأس من الأغنام، إلى أضرار متعددة إثر اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه المتواصلة على هذه المراعي، وتدمير الخيام والبيوت المتنقلة وترحيل أصحابها منها، بحسب بني عودة.

وأردف: "كما تعاني البلدة من الاستيطان الرعوي، حيث يأتي المستوطنون ليستولوا على مساحات واسعة من الأراضي، ويمنعون المزارعين من استخدامها كمراعي، فيما يعتدون عليهم ويقتلون مواشيهم ويدمرون أراضيهم، ما يسبب خسائر كبيرة لمربي المواشي ويضطرهم أحياناً إلى التخلي عن مهنتهم الأساسية".

ويستطرد رئيس المجلس البلدي: "ولكن رغم هذه الخسائر المستمرة، لا يزال المزارعون ومربو المواشي متمسكين بأرضهم ويواصلون العمل فيها، كما أن البلدية بالتعاون مع كافة الجهات المحلية ذات الاختصاص تسعى إلى تعزيز صمود المواطنين من خلال تقديم الدعم اللازم لهم قدر الإمكان".

وقال: "رغم إمكانياتنا المحدودة، نسعى جاهدين إلى دعم صمود أهالي البلدة، لاسيما المزارعين ومربي المواشي المتضررين، من خلال توفير المعدات الزراعية والبيطرية، إضافة إلى الخدمات الصحية والمواد التموينية، وإيجاد أسواق لمنتجاتهم الزراعية والحيوانية، لضمان الحفاظ على أراضيهم واستمرار بقائهم فيها".

ويردف بني عودة: "وفي ظل الوضع الراهن، أصبحت البلدية تتحمل أعباء كبيرة في تقديم العون والدعم للأسر المحتاجة إلى جانب دورها الخدماتي، لكن مصادر دخلها محدودة، ولا تكفي لتلبية كافة احتياجات البلدة"، مطالباً الحكومة بضرورة دعم البلديات في مصاريفها التشغيلية خاصة في هذه الظروف الصعبة، ما يساهم في تعزيز دورها كداعم رئيسي للسكان.

كما يدعو المؤسسات الداعمة المحلية والدولية إلى مساندة طمون وتقديم الدعم اللازم لمشاريعها الزراعية والاقتصادية، وذلك لتحسين سبل المعيشة للسكان ومساعدتهم على مواجهة التحديات التي تحيط بهم.

 

 

 

القدس المصدر: القدس
شارك الخبر

إقرأ أيضا