عقب حادثة اغتيال ولي عهد النمسا فرانز فرديناند بسراييفو وفشل المفاوضات مع الصرب، لم تتردد إمبراطورية النمسا المجر في إعلان الحرب على صربيا يوم 28 يوليو (تموز) 1914 متسببة بذلك في اندلاع نزاع عالمي. فبشكل سريع، ردت موسكو وأعلنت الحرب على فيينا بسبب تأكيد القيصر الروسي نيقولا الثاني على مواقفه الداعمة للشعوب السلافية. ومع إعلان روسيا الحرب على النمسا، تم تفعيل سياسة التحالفات بأوروبا ليتوسع بذلك النزاع نحو مناطق أخرى.
وبهذه الحرب، لم يصمد الجيش النمساوي طويلاً وتحول تدريجياً لعبء على حليفه الألماني. وبعد سنوات من الحملات الفاشلة، تلقى النمساويون أواخر الحرب ضربات أنهت وجودهم العسكري بالبحار.
مع دخولها للأراضي الصربية، آمنت النمسا بإمكانية تحقيقها نصرا سريعا والتفرغ فيما بعد للروس. إلى ذلك، تبددت الأحلام النمساوية بشكل سريع.
فمنذ البداية، مني النمساويون بخسائر فادحة خاصة بمعركة سير (Cer) وكولوبارا (Kolubara). وبفضل ذلك، تمكن الصرب من وقف الهجوم وطرد النمساويين من أراضيهم بحلول ديسمبر (كانون الأول) 1914. وعلى الجبهة الروسية، تدخل النمساويون بشكل مباغت بالأراضي الأوكرانية، التي كانت جزءاً من روسيا، مؤمنين بسهولة التغلب على الروس. وبالأشهر التالية، تلقى النمساويون خسائر جسيمة واضطروا للتراجع لمسافات كبيرة. وبفضل التدخل الألماني، نجحت النمسا في فرض بعض الاستقرار بالجبهة الروسية.
وطيلة فترة الحرب، واجهت النمسا مصاعب عديدة بمختلف الجبهات. فضلاً عن ذلك، تعقدت وضعيتها أكثر عقب دخول إيطاليا الحرب لجانب فرنسا وبريطانيا وروسيا حيث وجد النمساويون أنفسهم أمام جبهة قتال جديدة بالجنوب.
وأواخر الحرب، عاشت النمسا على وقع ارتفاع عدد القتلى وتفشي المجاعة ونقص الغذاء والدواء حيث تراجعت الحصص الغذائية اليومية للجنود، على الجبهة، الذين شبهوا حينها بالهياكل العظمية المكسوة بالجلد. من جهة ثانية، عاشت البحرية النمساوية بدورها على وقع واقع سيئ. فبعد أن ظلت حبيسة البحر الأدرياتيكي طيلة الحرب بسبب الحصار الإيطالي والبريطاني بالمتوسط، فقدت البحرية النمساوية أهم سفنها الحربية بطرق بسيطة أثارت غضب النمساويين وأججت من عدائهم للنظام.
مع قرب استسلامها، تخوفت النمسا من إمكانية وقوع أسطولها البحري بقبضة الحلفاء. وبدلاً من ذلك، فضلت النمسا تسليم عدد من سفنها بشكل مجاني لدولة السلوفينيين والكروات والصرب، حديثة النشأة، التي ظهرت فوق عدد من الأراضي النمساوية السابقة. ومن ضمن هذه السفن الحربية تواجدت السفينة فيريبوس يونيتيس (Viribus Unitis) التي مثلت سفينة عملاقة بلغ وزنها 20 ألف طن ومزودة بأربعة مدافع عيار 305 ملم و12 مدفعا عيار 150 ملم و12 مدفعا عيار 70 ملم.
إلى ذلك، عرفت هذه البارجة الحربية نهاية غير متوقعة، على الرغم من عدم مشاركتها بأية معركة هامة طيلة الحرب العالمية الأولى، بعد مضي ساعات عن تسليمها لدولة السلوفينيين والكروات والصرب. فخلال الليلة الفاصلة بين يومي 31 أكتوبر (تشرين الأول) و1 نوفمبر (تشرين الثاني) 1918، تسلل عسكريان إيطاليان لميناء بولا (Pula) ووضعا شحنة متفجرة أولى على جانب السفينة وأخرى أسفل دكة الميناء. وحسب ما كان مقرراً، ستنفجر هاتان الشحنتان بشكل تلقائي في حدود الساعة السادسة والنصف صباحاً.
إلى ذلك، لم يتمكن الإيطاليان من الهرب حيث ألقي القبض عليهما من طرف قوات دولة السلوفينيين والكروات والصرب. وعقب استجوابهما، أقر الرجلان بالمتفجرات وموعد التفجير.
وبحلول الموعد المحدد، لم تنفجر هاتان القنبلتان. ولهذا السبب، شكك المسؤول العسكري جانكو فوكوفيتش (Janko Vuković) في حقيقة تصريحات المعتقلين الإيطاليين. لاحقاً، اصطحب هذا المسؤول العسكري نحو 400 جندي على متن السفينة للتأكد من عدم وجود أية قنبلة بها.
بحلول الساعة السادسة وأربعة وأربعين دقيقة، انفجرت القنابل بشكل متأخر متسببة في تدمير البارجة فيريبوس يونيتيس وغرقها وتخريب إحدى الناقلات العسكرية الأخرى. وفي الأثناء، أسفرت هذه الحادثة عن مقتل ما يزيد عن 300 عسكري كان من ضمنهم جانكو فوكوفيتش.
مع نهاية الحرب، عاد العسكريان الإيطاليان لبلادهما. وبإيطاليا، حصل هذان الرجلان على تكريم رسمي إضافة لأهم وسام عسكري بالبلاد.
المصدر:
العربيّة