من بين شوارع محافظة البحيرة شمال مصر خرجت قصة جديدة من قصص الكفاح والطموح، بطلها عامل نظافة بسيط يدعى محمد عثمان سلام، يبلغ من العمر 48 عامًا، ويعمل في النظافة منذ أكثر من عقدين.
بدأت قصة محمد عندما تحدى قسوة الحياة وصعوبة مهنته، ورفض أن يستسلم للواقع، فحمل على عاتقه حلمًا أكبر، وسعى وراء التعليم بإصرار وعزيمة حتى حصل مؤخرًا على درجة الماجستير في القانون، ويستعد حاليا لنيل الدكتوراه.
وروى العامل البسيط قصته لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت"، فقال إنه بدأ مسيرته العملية عام 1999 في مجلس مدينة البحيرة كعامل نظافة، مكتفيًا حينها بشهادة الدبلوم، مضيفا أنه لم يتوقف عند هذا الحد، بل كان يرى أن التعليم هو سلاحه الوحيد لتغيير حياته.
وأضاف أنه كان يعمل منذ الصباح الباكر في شوارع المدينة، ورغم مشقة العمل كان يحرص يوميًا على المذاكرة من الثامنة حتى العاشرة مساءً، مشيرا إلى أنه لم يشعر يومًا أن عمله في النظافة قد يعيبه أو يعيق طموحه، بل كان سببًا في تعليمه قيمة الحياة، ودافعًا قويًا له لتغيير وضعه.
وقال إنه في العام 2011، التحق بكلية الحقوق "جامعة الإسكندرية" عبر نظام التعليم المفتوح، وبعد خمس سنوات من الدراسة المتواصلة حصل على درجة الليسانس عام 2016، ليواصل بعدها دراسته العليا وينال دبلومين في القانون الإداري والقانون العام، قبل أن يتوج مسيرته بالحصول على الماجستير في القانون.
وأكد سلام أن طموحه لن يتوقف عند هذا الحد، حيث يطمح في استكمال مشواره حتى الحصول على الدكتوراه.
ولا يقتصر إنجاز محمد سلام على نجاحه الشخصي فقط، بل يراه ممتدًا في أبنائه الأربعة "محمود وشادية وإيمان ورحمة"، موضحا أن جميع أبنائه التحقوا بالتعليم ويحالفهم التفوق في جميع مراحله.
قصة محمد سلام لاقت صدى وتفاعلا واسعًا داخل محافظة البحيرة وخارجها، لتتوجها الدكتورة جاكلين عازر، محافظ البحيرة، بتكريمه رسميًا، كما أصدرت توجيهات بتوفيق أوضاعه ومنحه عملًا إداريًا يتناسب مع مؤهلاته العلمية ومكانته، في خطوة وُصفت بأنها رسالة قوية بأن الدولة تقدر أبناءها وتحتفي بنجاحاتهم.
وتقرر أن ينتقل محمد سلام لاستلام عمله الجديد كباحث قانوني في المحافظة حتى يكون لديه الوقت الكافي لاستكمال حلمه في الحصول على الدكتوراه.