آخر الأخبار

من الطربوش إلى الروبوت.. عندما ينادي الذكاء الاصطناعي في أسواق المغرب

شارك

في زحمة الأسواق الشعبية المغربية، حيث تختلط أصوات الباعة بروائح العطور والتوابل، ربما لا يخطر ببال أحد أن الذكاء الاصطناعي أصبح هناك جزءًا من الحياة اليومية. ولم يعد حكرًا على المهندسين في وادي السيليكون أو الشركات المتعددة الجنسيات، بل صار أداة جديدة في يد بائع الزيت والعطور، وبائعة الخبز البلدي، وتاجر الإلكترونيات في "درب غلف" في الدار البيضاء أو "سوق الحد" في أكادير.

وراء هذا المشهد الشعبي، تتحرك ثورة تقنية صامتة.

فوفقًا لتقرير البنك الدولي، من المتوقع أن تُضيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي أكثر من 15 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030. أما في العالم العربي، فتقدّر شركة "بي دبليو سي" (PwC) مساهمة الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد الإقليمي بنحو 320 مليار دولار خلال السنوات المقبلة، منها 15 مليار دولار في منطقة شمال أفريقيا وحدها.

لكن بعيدًا عن الأرقام، يعيش المغرب تجربة أكثر إنسانية— ذكاء اصطناعي "بنكهة الزنقة".

وليد.. بائع العطور الذي يكتب مثل المحترفين

في درب السلطان بالدار البيضاء، يقف وليد، شاب في الثلاثينيات يبيع الزيوت والعطور الطبيعية. لم يُكمل دراسته، لكنه اكتشف بالصدفة أداة تُدعى "كوبي إيه آي" (Copy.ai)، وهي منصة قائمة على الذكاء الاصطناعي مخصّصة لإنشاء نصوص تسويقية، ومحتوى لوسائل التواصل، أو حتى مسودات لمقالات ومدونات، وتساعده على كتابة منشوراته الدعائية على فيسبوك باللهجة المغربية.

يقول وليد مبتسمًا: "أنا ماشي فهّام فهاد التكنولوجيا، ولكن كيعجبني كيفاش كتعاونّي نكتب بحال المحترفين".

وليد لا يعرف أن هذه الأداة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، لكنه يستخدمها يوميًا. بالنسبة له، هي مجرد وسيلة لتقريب منتجه من الزبائن بلغة يفهمونها.

مصدر الصورة حسب دراسة لمركز أكسفورد إنسايتس لعام 2024، يحتل المغرب مرتبة متقدمة عربيًا في مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي (غيتي)

فاطمة.. عروض حسّانية بلمسة رقمية

من الجنوب، في مدينة العيون، تحوّلت فاطمة من بائعة في السوق البلدي إلى "مصممة عروض" من دون أن تدري.
تستخدم منصة "غاما آب" (Gamma.app) لإعداد شرائح تعرض فيها وصفاتها الحسّانية الأصيلة بطريقة جذابة. لا تعرف معنى "واجهة المستخدم" (UX) أو "تصميم واجهات"، لكنها تبهر زبائنها بعروض تبدو كأنها من إنتاج وكالة تسويق رقمية.

سفيان.. عندما يصبح الروبوت بائعًا خبيرا

في درب غلف، أحد أشهر أسواق الإلكترونيات في المغرب، يعتمد سفيان على المنتج الأشهر في مجال الذكاء الاصطناعي وهو شات جي بي تي (ChatGPT) في عمله اليومي. يسأله عن الفروقات التقنية بين الكابلات والمنافذ، ويطلب منه ترجمة المواصفات من الصينية إلى الدارجة المغربية.

إعلان

“هذا الروبوت هو اللي فهّمني الفرق بين "ديسبلاي بورت" (DisplayPort) و"إتش دي إم آي" (HDMI)، يقول ضاحكًا.

ما يفعله سفيان ليس استثناءً، فحسب دراسة لمركز "أكسفورد إنسايتس" (Oxford Insights) لعام 2024، يحتل المغرب مرتبة متقدمة عربيًا في مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي. كما أظهرت بيانات "ستاتيستا" (Statista) أن نحو 60% من الشباب المغربي استخدموا أدوات ذكاء اصطناعي في حياتهم اليومية— من الدراسة إلى التجارة الصغيرة.

ذكاء "الحيلة" المغربية

هذه القصص وغيرها من المشاهدات في هذه الأماكن الشعبية، تكشف عن نوعٍ آخر من الابتكار: ابتكار من الأزقة لا من الأبراج والمكاتب والمختبرات.
ذكاء اصطناعي يتكيّف مع اللهجة، ومع الواقع، ومع "الحيلة" المغربية التي تحول الهاتف إلى مكتب مصغّر، والروبوت إلى شريك في الرزق.

ربما لا يملك هؤلاء الباعة شهادات عليا، لكنهم يملكون ما هو أثمن، إنه الذكاء الفطري الذي يلتقط الفرص من الهواء، ويحوّل الخوارزميات إلى أدواتٍ للعيش.

وهكذا، في أسواق المغرب، يتقاطع "الطربوش" مع "الروبوت" لتكتب هذه الأزقة فصلها الخاص من قصة الذكاء الاصطناعي.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار