وقع مجلس المنافسة والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بالرباط، يومه الخميس 25 دجنبر 2025، اتفاقية تعاون تهدف إلى تقوية التنسيق والتكامل المؤسساتي بين هاتين الهيئتين الدستوريتين المستقلتين، في المجالات المرتبطة بترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة، وضبط الممارسات الاقتصادية، وتطوير الحكامة الجيدة، وفق بلاغ توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه.
وتندرج هذه الاتفاقية في إطار الاختصاصات الدستورية والقانونية المخولة للمؤسستين، حيث أبرزت الوثيقة أنها تعكس إرادة مشتركة لتوحيد الجهود الرامية إلى الوقاية من الممارسات المخالفة لمبادئ المنافسة الحرة والمشروعة في العلاقات الاقتصادية، وتعزيز نزاهة الأسواق، وترسيخ قواعد التدبير الاقتصادي والإداري السليم، إلى جانب محاربة مختلف الاختلالات ذات الصلة، بما يخدم المصلحة العامة.
ويلتزم الطرفان بمقتضى هذا الاتفاق، بالعمل على تعزيز الوقاية من الممارسات المنافية للمنافسة ومن أفعال الفساد وزجرها، عبر اعتماد مقاربة منسقة وتكاملية، وتصميم برامج مشتركة للتكوين وتبادل الخبرات في مجالات ضبط المنافسة والوقاية من الفساد وأخلاقيات الأعمال والحكامة، مع تنظيم أنشطة توعوية وندوات وملتقيات وورشات عمل حول مواضيع الاهتمام المشترك.
وأفاد المصدر ذاته أن الاتفاقية تضمن تقوية تبادل المعلومات والمعطيات المتعلقة بالممارسات التجارية، والحالات التي تنطوي على مخاطر محتملة تمس بالمنافسة أو بنزاهة الأسواق، كما كشف المسؤولون عن إحداث آلية مشتركة للتنفيذ والتتبع، تروم ضمان تنسيق منتظم وفعال بين المؤسستين في إعداد وتنفيذ وتقييم برامج ومخططات العمل الكفيلة بتفعيل هذه المقتضيات.
مصدر الصورة
وتشكل هذه الخطوة النوعية مسارا لتعزيز التعاون والتكامل المؤسساتي، حيث شدد المتحدثون على دورها في دعم بناء اقتصاد وطني أكثر شفافية وتنافسية، قائم على مبادئ النزاهة والمسؤولية، بما يعزز الثقة في آليات تنظيم السوق وحماية المصلحة العامة.
وفي كلمة له، اعتبر رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها محمد بنعليلو أن توقيع مذكرة التفاهم مع مجلس المنافسة يجسد إرادة مشتركة لترسيخ التعاون وتوحيد الجهود في قضايا تمس جوهر الحكامة الاقتصادية، معبرا عن اعتزازه البالغ بأهمية هذه اللحظة وما تحمله من دلالة مؤسساتية قوية.
وأكد المسؤول ذاته أن هذا التوقيع ليس إجراء شكليا، بل يعد محطة نوعية تعبر عن وعي مشترك بكون ترسيخ النزاهة لا يمكن أن يتحقق عبر تدخلات معزولة، بل يتطلب تكاملا مؤسساتيا قادرا على مواكبة تعقيد العلاقات الاقتصادية وتداخل المخاطر المرتبطة بها، مع الربط بين ضبط السوق وحماية المنافسة والوقاية من الفساد.
وأوضح المتحدث أن الفساد بالمفهوم المعياري المعتمد في المنظومات الدولية الحديثة لم يعد مقتصر على تدبير الشأن العام، بل يشمل أيضا ممارسات القطاع الخاص حين تنحرف عن قواعد النزاهة وتكافؤ الفرص، سواء عبر “الشطط في استغلال مواقع النفوذ أو الامتياز” أو من خلال “وضعيات الاحتكار والهيمنة” أو عبر ممارسات تمس جوهر المنافسة الحرة والمشروعة داخل العلاقات الاقتصادية.
وشدد رئيس الهيئة على أن التعاون مع مجلس المنافسة يشكل لبنة أساسية في بناء مقاربة وقائية متكاملة تقوم على تنسيق التحليل وتبادل المعطيات وتوحيد الرؤية، مبرزا أن تعزيز نزاهة الأعمال يمر حتما عبر تنسيق الجهود بين الهيئات الدستورية المعنية بما يسمح بتقاطع التحليل وتكامل المعطيات.
وأشار المسؤول ذاته إلى ضرورة بناء مقاربات وقائية تضع حدا للتداخل الخطير بين الفساد الاقتصادي والممارسات المنافية للمنافسة، لافتا إلى أن المذكرة لا تؤسس فقط لإطار تعاون تقني بل تعكس بعدا رمزيا للانتقال من منطق التدخل المنعزل إلى العمل المؤسسي المتكامل خدمة لاقتصاد تنافسي عادل ومستدام.
مصدر الصورة
المصدر:
العمق