آخر الأخبار

نبذ جبهة البوليساريو يكشف مناورات الجزائر في المنتدى الروسي الإفريقي

شارك

كثّفت الجزائر تحركاتها الدبلوماسية داخل القارة الإفريقية، واضعة قضية الصحراء المغربية في صدارة مباحثاتها مع عدد من شركائها التقليديين؛ وذلك على خلفية استبعاد جبهة “البوليساريو” الانفصالية من أشغال المؤتمر الوزاري الروسي الإفريقي المنعقد بالعاصمة المصرية القاهرة.

وأعاد هذا الاستبعاد، الذي فرضته موسكو بحصر المشاركة في الدول الإفريقية الأعضاء في الأمم المتحدة، الملف إلى واجهة النقاشات الجانبية للمنتدى المنعقد على مدى يومي 19 و20 دجنبر الجاري في نسخته الثانية.

وفي هذا السياق، بحث أحمد عطاف، وزير الشؤون الخارجية الجزائري، مساء الجمعة الماضي بالقاهرة، مع سلمى أشيبالا موسافيي، وزيرة العلاقات الدولية والتجارة لجمهورية ناميبيا، سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، إلى جانب تبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا الإفريقية الراهنة.

ووفق بيان لوزارة الخارجية الجزائرية، شدد الجانبان على أهمية مواصلة التشاور والتنسيق السياسي من أجل “ترسيخ التوافقات القائمة”، لا سيما بشأن ما وصفاه بـ“القضايا العادلة”؛ وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ونزاع الصحراء، مبرزا حرص الطرفين على توحيد المواقف داخل المحافل الإقليمية والدولية إزاء هذه الملفات.

في هذا الصدد، قال سعيد بوشاكوك، باحث مهتم بقضايا التنمية والشؤون الإفريقية، إن الغاية الأساسية من تنظيم المنتدى الاقتصادي والتجاري، كباقي المنتديات المماثلة، هي البحث عن سبل التعاون والشراكات بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

ولفت بوشاكوك، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “هذه الفعاليات تمثل فضاء لإنتاج الثروة وتقريب وجهات النظر، بما يسهم في بناء تكتلات اقتصادية على أساس المنافع المشتركة”.

وأوضح الباحث المهتم بقضايا التنمية والشؤون الإفريقية أن روسيا تقتصر في تعاملها على الدول الإفريقية الأعضاء في الأمم المتحدة فقط، مشيرا إلى أن “نزاع الصحراء المفتعل يظل إطارا حصريا للأمم المتحدة ويتوافق مع مواقف الاتحاد الإفريقي، كما جرى التأكيد عليه في مؤتمر نواكشوط؛ ما يجعل أي محاولات لتجاوز هذا الإطار غير قابلة للنجاح”.

وأكد المصرح لهسبريس أن اللقاء الأخير بين وزيري الخارجية لكل من الجزائر وناميبيا يعكس، في جوهره، إفلاس محاولات النظام العسكري الجزائري لتحريك هذا الملف، وتعد مجرد محاولات يائسة وفاشلة؛ نظرا لتحجر المواقف وعدم مواكبتها التحولات الكبرى في الجغرافيا السياسية والتحالفات الدولية التي تعيد رسم موازين القوى في القارة.

واسترسل المحلل السياسي قائلا: “لقد ثبت أن الجزائر طرف رئيسي في تمديد وإطالة أمد النزاع، على الرغم من المبادرات الحكيمة للمملكة المغربية قيادة وشعبا لبناء جسور الثقة والمصالح المشتركة على قاعدة ‘لا غالب ولا مغلوب’، أي دون رابح أو خاسر؛ وهو ما يضع ضرورة إيجاد حلول واقعية على رأس أولويات المنطقة”.

وشدد سعيد بوشاكوك على أن استمرار الجزائر في هذا النهج سيجعلها تتحمل مسؤولية تاريخية أمام المجتمع الدولي، بما قد يضر بمصالحها وموقعها في العلاقات الدولية، خاصة في ظل نظام عالمي جديد قائم على تحالفات مختلفة وموازين قوى متغيرة؛ الشيء الذي يستلزم الواقعية والبعد الاستراتيجي في بناء التكتلات وتحديد المواقف السياسية لدول القارة.

من جانبه، سجل الشيخ بوسعيد، باحث في القانون العام مهتم بنزاع الصحراء المغربية، أن غياب جبهة “البوليساريو” عن أشغال المؤتمر الروسي- الإفريقي، الذي انعقد بالقاهرة يومي 19 و20 دجنبر الجاري، يعكس التوجه الواضح لموسكو في حصر المشاركة على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أو المعترف بها دوليا.

وأضاف بوسعيد، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذا الموقف يؤكد التزام روسيا بشراكات فعلية ومستقرة مع القارة الإفريقية، بعيدا عن أية مزايدات أو ضغوطات سياسية.

وأبرز الباحث في القانون العام المهتم بنزاع الصحراء المغربية أن “المؤتمر، الذي شهد مشاركة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووفود ممثلة عن 50 دولة إفريقية إلى جانب منظمات قارية ودولية، استهدف تعزيز التعاون الروسي الإفريقي في مجالات الاستثمار والطاقة والبنيات التحتية والتبادل التجاري، فضلا عن مناقشة قضايا السلم والأمن، ومتابعة توصيات الدورة الأولى التي انعقدت في سوتشي الروسية شهر نونبر 2024”.

وأوضح المتحدث ذاته أن استبعاد “البوليساريو” من هذا المنتدى يعكس عمق متانة العلاقات الروسية المغربية، ويؤكد مكانة المملكة كشريك استراتيجي مهم ضمن الشراكة الروسية الإفريقية؛ وهو ما يعزز توجه موسكو نحو شراكات اقتصادية وسياسية مستقرة، بعيدا عن أي محاولات لإدراج أطراف غير معترف بها دوليا.

وتابع بوسعيد قائلا إن “تحركات الجزائر لاستنفار حلفائها التقليديين في إفريقيا، وعلى رأسهم مثلث جنوب إفريقيا- نيجيريا- ناميبيا، لم تجد صدى في ظل التمسك الروسي بمبدأ التعامل مع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة فقط؛ الشيء الذي يوضح فشل المساعي الجزائرية لتضمين “البوليساريو” ضمن المنتدى”.

وأكد الباحث أن هذا الواقع الدولي يعكس أيضا اعتراف أغلب الدول الكبرى بجدية المبادرة المغربية للحكم الذاتي، لا سيما الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا؛ بالإضافة إلى سحب بعض الدول الإفريقية اعترافها بالكيان الوهمي وافتتاح قنصليات لها بالأقاليم الجنوبية للمملكة، خاصة في مدينتي العيون والداخلة.

وخلص الشيخ بوسعيد إلى أن هذه التطورات تؤكد أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي أصبحت المخرج الواقعي الوحيد للنزاع، وأن التحركات الجزائرية القائمة على المناورات لم تعد تجد صدى لدى المجتمع الدولي؛ ما يستدعي مراجعة سياساتها بما يتوافق مع التحولات الجيوسياسية الراهنة.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا