آخر الأخبار

القضاء الإسباني يبرئ مهاجرين وينهي الإدانة بالشهادات المجهولة في قضايا قيادة القوارب

شارك

قضت محكمة لاس بالماس الإسبانية ببراءة شابين من أصول أفريقية كانا قيد الاحتجاز الاحتياطي منذ شهر أبريل الماضي، بعد اتهامهما بقيادة قارب هجرة غير شرعية وصل إلى سواحل فويرتيفنتورا وعلى متنه خمسون مهاجراً، حيث خلصت المحكمة في حكمها الصادر بتاريخ السادس عشر من دجنبر الجاري إلى عدم وجود أدلة كافية لإدانتهما، مؤكدة أن مجرد تصريح شاهد محمي دون وجود عناصر أخرى تعززه لا يمكن أن يشكل أساسا كافيا لإصدار حكم بالإدانة.

واعتبرت الأوساط القانونية أن هذا الحكم يمثل سابقة قضائية ثانية من نوعها في جزر الكناري، مما يساهم في تثبيت معيار قانوني يمنع إدانة المهاجرين بناء على شهادات مجهولة المصدر فقط، حسب ما أوردته صحيفة إلباييس الإسبانية.

وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها أن شهادة الشاهد المحمي مثلت الدليل الوحيد والأساسي للاتهام، وهو ما لا يرقى إلى العتبة المطلوبة لكسر قرينة البراءة التي يتمتع بها المتهمون، خاصة في ظل غياب مؤشرات موضوعية أخرى تدعم تلك الأقوال. وأشار المصدر إلى أن القضاة لاحظوا وجود تناقضات جوهرية في إفادات الشهود المحميين، لا سيما فيما يتعلق بعدد الأشخاص الذين كانوا يتولون قيادة القارب، في حين استندت عملية التعرف الفوتوغرافية على معيار لون البشرة فقط، وهو ما اعتبرته المحكمة معياراً غير كافٍ لتحديد الجناة بدقة.

أوضحت المحامية المدافعة عن الشابين المنحدرين من مالي والسنغال، أن موكليها قدما من مناطق ريفية ولم يسبق لهما رؤية البحر في حياتهما قبل ركوب ذلك القارب المطاطي، مشيرة إلى أن القارب كان يحمل ثمانية وأربعين شخصاً من أصول مغاربية وثلاثة فقط من أفريقيا جنوب الصحراء، ومع ذلك قام شاهدان محميان من الأصول المغربية بالإشارة إليهما تحديداً، كما أوضح المصدر. وذكرت المحامية أن هذا الحكم ينصف المهاجرين الذين يتم اتهامهم زوراً بقيادة القوارب، مؤكدة أنه رغم تبرئتهما، إلا أنه لا يمكن تعويضهما عن فترة العام ونصف العام التي قضياها خلف القضبان، وفقا لما نقله المصدر.

وشرحت المحكمة في نص قرارها الضوابط القانونية الصارمة التي يجب اتباعها عند الاستناد إلى شهادة “الشاهد المحمي” لضمان عدم انتهاك حق الدفاع، مستندة في ذلك إلى عقيدة المحكمة العليا والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وأكدت المحكمة أن قبول هذه الشهادة يتطلب توافر ثلاثة شروط أساسية: أولها أن يتم إقرار إخفاء هوية الشاهد بموجب قرار قضائي مسبب، وثانيها ضرورة تعويض النقص في قدرة الدفاع عن نفسه بوسائل تضمن اختبار مصداقية الشاهد، وثالثها وأهمها ألا تكون هذه الشهادة هي الدليل الوحيد أو الحاسم في القضية، بل يجب أن تقترن بعناصر إثبات أخرى، وهو ما لم يتحقق في هذه القضية حسب المصدر.

وكشفت التحقيقات أن القارب المستخدم كان عبارة عن وسيلة نقل بدائية مصنوعة من الخشب والنيوبرين، ومزودة بمحرك خارجي يفتقر إلى أي تدابير للسلامة، وقد تم اعتراضه في أبريل 2024 وعلى متنه سبعة قاصرين ضمن المجموعة. وأضافت المحكمة أنه لم يثبت قيام المتهمين بالتحكم في المحرك أو البوصلة أو إدارة الوقود طوال الرحلة المنطلقة من طرفاية بالمغرب، مشيرة إلى أن ادعاءات النيابة العامة التي طالبت بسجن المتهمين لمدة ست سنوات لم تكن مدعومة بأدلة مادية ملموسة، وفق ما ذكره المصدر.

أشارت الهيئة القضائية إلى شهادات عناصر الشرطة الوطنية الذين لفتوا إلى احتمال قيام مافيات التهريب باستخدام شبان من جنوب الصحراء كـ “ربابنة صوريين” لتجنيب المهربين الحقيقيين الملاحقة القانونية، وهو ما اعتبرته المحكمة احتمالاً وارداً لكنه لا يكفي لبناء إدانة جنائية دون يقين كامل. وتابعت المحكمة تأكيدها على أن الشكوك البوليسية أو أنماط الهجرة المتعارف عليها لا يمكن أن تعوض الحاجة إلى أدلة قاطعة، مشددة على مبدأ “الشك يفسر لصالح المتهم” الذي اقتضى تبرئتهما فوراً، كما أوضح المصدر.

ذكر المصدر أن المحكمة أمرت بالإفراج الفوري عن المتهمين اللذين لم يكن لديهما أي سجل جنائي سابق، مع الإشارة إلى أن هذا الحكم قابل للاستئناف أمام الغرفة المدنية والجنائية بالمحكمة العليا للعدل في جزر الكناري. وربط المصدر بين هذا التوجه القضائي وبين تقارير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، التي تؤكد أن التحقيقات في جزر الكناري نادراً ما تصل إلى الأعضاء الفعليين في المنظمات الإجرامية، وبدلاً من ذلك تركز على المهاجرين المستضعفين الذين قد يكونون هم أنفسهم ضحايا مجبرين على ممارسة مهام القيادة تحت الإكراه، حسب المصدر ذاته.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا