آخر الأخبار

وفاة عامل بطنجة تسائل التزام الشركات الأجنبية بضمان شروط السلامة

شارك

اهتزت أوساط العمال في مدينة طنجة، الأسبوع الماضي، على وقع حادث مأساوي داخل إحدى الشركات الأجنبية بالمنطقة الصناعية “طنجة تيك” أدى إلى وفاة عامل في أيامه الأولى من العمل، الأمر الذي يطرح مجموعة من التساؤلات حول ظروف العمل ومدى احترام شروط ومعايير السلامة حفاظا على أرواح العمال.

وأفادت معطيات توصلت بها جريدة هسبريس الإلكترونية بأن الأمر يتعلق بشركة مختصة في إنتاج عجلات السيارات، أسندت للعامل المبتدئ مهمة متابعة الإنتاج في آلة مكشوفة، من دون تلقي أي تكوين في التعامل معها، ما أدى إلى إصابته قبل أن يتوفى في وقت لاحق بالمستشفى.

تأتي هذه الحادثة لتعيد النقاش حول ما يجري داخل هذه المعامل والشركات الأجنبية من ممارسات تحط من كرامة العاملين، ما يدفع كثيرين إلى التساؤل حول متابعة الجهات المسؤولة لما يجري داخل هذه الأوراش الكثيرة في المناطق الصناعية المنتشرة بالمدينة المليونية.

ي تعليقه على الموضوع، قال عبد الله قريش، الكاتب الإقليمي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل بطنجة-أصيلة، إن تكرار حوادث الشغل المأساوية التي تحصد أرواح العمال وتشكل تهديدا مباشرا لسلامتهم الجسدية والنفسية، يعكس “خللا بنيويا عميقا في منظومة الإنتاج”.

وأضاف قريش، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذا الوضع يفضح “غياب الإرادة السياسية الحقيقية لحماية الطبقة العاملة، وتغليب المنطق الربحي للمقاولات على الحق في الحياة”.

وشدد على أن هذه الحوادث ليست قدرا عابرا، بل هي “نتيجة مباشرة لعدم احترام معايير السلامة والصحة المهنية المنصوص عليها في مدونة الشغل، وكذا المعايير الوطنية والدولية، في ظل سياسات إنتاج تقوم على تخفيض كلفة العمل وتقليص النفقات ولو كان ذلك على حساب أرواح العمال والعاملات”.

وأشار النقابي ذاته إلى أن بعض المقاولات الكبرى تُظهر “التزاما نسبيا بهذه المعايير حفاظا على سمعتها، في حين تستمر فئات واسعة من الوحدات الإنتاجية في استرخاص حياة الشغيلة”، لافتا إلى أن حقوق العمال لا تقتصر على الأجر فقط، بل تمتد إلى “الحق في بيئة عمل إنسانية تضمن السلامة الجسدية والنفسية”، معتبرا أن المسؤولية في ذلك مشتركة بين الدولة وأرباب العمل.

ودعا قريش الدولة إلى تشديد الرقابة وتقوية جهاز تفتيش الشغل بالموارد البشرية واللوجستية ومنحه الصفة الضبطية، مع زجر المخالفين، محذرا من أن ضعف المراقبة يفتح المجال أمام الإفلات من المسؤولية القانونية عند وقوع الكوارث المهنية، كما حمّل الحكومة جزءا أساسيا من المسؤولية، بسبب ما وصفه بـ”تنصلها من التزاماتها الاجتماعية، ومساهمتها في تكريس الهشاشة في سوق الشغل، وتعطيل مقتضيات مدونة الشغل، إضافة إلى انتشار المناولة وتشغيل العمال عبر شركات الوساطة دون حماية كافية”.

من جهته، قال عزيز الشليح، نائب الكاتب الإقليمي للاتحاد العام للشغالين بالمغرب بطنجة، إن تكرار حوادث الشغل المميتة داخل عدد من المصانع والشركات بمدينة طنجة، “يُعد أمرا مقلقا للغاية”، مؤكدا أنه يشكّل مؤشرا خطيرا على وجود اختلالات حقيقية في تطبيق شروط السلامة والوقاية داخل أماكن العمل.

وصرح الشليح لهسبريس بأن الحق في الحياة والسلامة الجسدية، “يُعد حقا أساسيا مكفولا بموجب دستور المملكة، لا يقبل أي تهاون أو تساهل”، مشددا على أنه “لا يمكن التضحية بهذا الحق تحت أي مبرر، بما في ذلك منطق الاستثمار أو السعي وراء الربح”.

وأوضح المسؤول النقابي أن الواقع الميداني يكشف أن عددا من الشركات “لا تلتزم بالمعايير القانونية والتنظيمية المعمول بها، سواء فيما يتعلق بتوفير معدات الوقاية الفردية، أو باحترام شروط السلامة داخل فضاءات العمل، أو من حيث تأطير العمال وتحسيسهم بمخاطر الشغل وسبل الوقاية منها”.

وبيّن أن مسؤولية هذه الحوادث تبقى مشتركة، تتحملها “إدارات الشركات المقصرة إلى جانب الجهات المكلفة بالمراقبة في حال وجود ضعف أو تقصير في أداء مهامها وعدم تفعيل آليات المراقبة والزجر وتطبيق القانون بالصرامة المطلوبة”.

ودعا الشليح إلى فتح تحقيقات جدية وشفافة في كل حادثة شغل مميتة، مع ترتيب المسؤوليات واتخاذ إجراءات عاجلة وملموسة لضمان بيئة عمل آمنة تحفظ كرامة العمال وتصون حقوقهم الأساسية.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا