تحول مستشفى القرب “شريفة” الواقع بمقاطعة سيدي يوسف بن علي بمراكش، من مشروع واعد لتعزيز العرض الصحي، إلى بؤرة للتوتر ومصدر لسخط الساكنة.
ورغم حداثة تدشينه وتوفره على تجهيزات طبية من الجيل الجديد، يواجه المستشفى “شلالا” من الانتقادات الحادة بسبب عجز واضح في الموارد البشرية وشلل في خدمات حيوية، مما جعل الهيكل الطبي الحديث مجرد “جسد بلا روح” في مواجهة الكثافة السكانية المتزايدة.
وتعيش الأطر الصحية بالمستشفى تحت ضغط رهيب نتيجة التدفق اليومي للمرتفقين، في ظل ما تصفه الساكنة بـ”الصمت الإداري غير المفهوم” تجاه الخصاص المهول.
وتشير المعطيات إلى أن المستشفى الذي شُيّد لتخفيف الضغط عن المراكز الاستشفائية الكبرى، بات عاجزا عن استيعاب حاجيات منطقة يتجاوز تعداد ساكنتها 107,966 نسمة، مما يخلق هوة شاسعة بين الإمكانيات اللوجستية المتوفرة والواقع الخدماتي المتردي.
نقص حاد بالمستعجلات والولادة
وفي هذا الصدد، كشف مصدر من داخل المستشفى لجريدة “العمق” أن المؤسسة تعاني نزيفا حادا في الأطر الطبية والتمريضية، وهو ما يحول دون ضمان ديمومة الخدمات في الأقسام الحيوية والحساسة، وعلى رأسها قسم الطوارئ.
وأكد المصدر ذاته أن الأزمة تتجلى بأبشع صورها في قسم الأشعة، الذي يوجد خارج الخدمة منذ أكثر من شهر. هذا التوقف “غير المبرر” تسبب في شلل شبه تام لقسم المستعجلات، حيث يتعذر استقبال وتشخيص الحالات الطارئة لغياب المعدات التقنية والكوادر المشغلة لها، مما يضع حياة المرضى في خطر حقيقي ويحول المستشفى إلى مجرد “محطة عبور”.
ولم يسلم قسم الولادة من هذه الاختلالات، حيث صرح المصدر ذاته أن القسم يعمل بطاقة بشرية شبه منعدمة تقتصر غالبا على “مولدة واحدة”. هذا الوضع الكارثي يدفع الطاقم الطبي إلى توجيه النساء الحوامل قسرا نحو جناح الأم والطفل بالمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس.
وتزداد المأساة تعقيدا، يضيف المصدر، عندما يصطدم المرضى المحالون باكتظاظ شديد في المستشفى الجامعي، الذي يضطر بدوره لرفض استقبال الحالات القادمة من “شريفة” نظرا للضغط الكبير وحرصه على توفير أسرّة للحالات الحرجة الوافدة من أقاليم الجهة، ليجد المواطن نفسه تائها بين المؤسستين.
أزمة ثقة وأعباء إضافية على المواطنين
من جانبه، اعتبر الفاعل الجمعوي محمد شاكر في تصريح لـ”العمق”، أن الوضع الحالي يضرب في العمق الثقة في المنظومة الصحية المحلية. وأوضح شاكر أن المرضى، خاصة كبار السن وذوي الأمراض المزمنة، يجدون أنفسهم مجبرين على التنقل لمسافات طويلة بحثا عن علاجات بسيطة كان من المفترض أن يوفرها مستشفى القرب.
وطالب المتحدث ذاته الجهات الوصية باتخاذ إجراءات استعجالية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وجعل مستشفى شريفة مؤسسة فاعلة تلبي احتياجات الساكنة، بدلا من أن يبقى “واجهة زجاجية” لتجهيزات حديثة تفتقر للكفاءة البشرية والتنظيمية.
وفي سياق متصل، ربط فاعلون جمعويون بالمدينة بين هذه الاختلالات المتراكمة وقرار تأجيل زيارة والي جهة مراكش آسفي للمستشفى، التي كانت مرتقبة نهاية الأسبوع الماضي. ورجحت المصادر أن يكون سبب التأجيل عائدا إلى عدم رغبة المسؤولين في مواجهة الوضع الكارثي دون وجود حلول آنية، حيث كان من المتوقع أن تقف الزيارة على حجم الخصاص وتقترح مخارج للأزمة.
المصدر:
العمق