قال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حسين إبراهيم طه، إن “المبادرات الثقافية، من مهرجانات ومعارض وبرامج تعليمية، تعدّ رافعة للتعاون والسياحة والابتكار الثقافي، وفضاءات لتقاسم المعرفة وتبادل الخبرة”، مستحضرا “إسهامها في إرساء مساحات ثقافية مشتركة تفتح المجال للتفاعل والتواصل، بما يقرب بين مجتمعاتنا ويشجعها على الانخراط في دينامية إيجابية مبنية على الفهم المشترك وروح التعاون”.
وأضاف إبراهيم طه خلال انطلاق “مهرجان منظمة التعاون الإسلامي الثقافي: أسبوع باكو الإبداعي 2025” بعاصمة جمهورية أذربيجان، صباح الاثنين، أن “التنوّع الثقافي، المعبَّر عنه في لغاتنا وتقاليدنا وفنوننا وطقوسنا ومعتقداتنا، يُعد محرّكا مفصليّا للتنمية المستدامة”، مسجلا أنه “عند رعايته على النحو الصحيح يتولى تمتين التماسك الاجتماعي، ويدعم القضاء على الفقر، ويحفظ تراثنا المشترك، ويُمكّن من الحوار بين الثقافات”.
كما أشار المسؤول ذاته في كلمته التي تلاها بالنيابة الأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية والثقافية السفير طارق علي بخيت، إلى أن “الصناعات الإبداعية ليست عنصرا ثانويّا، وإنّما مكوّنا جوهريا ضمن مسار التنمية”، مبرزا أنها “توفّر الوظائف وتدرّ الدخل وتحافظ على التراث؛ فضلا عن كونها تقدّم حلولا مبتكرة للتحديات المجتمعية المعقّدة على غرار تغيّر المناخ والأمراض وانعدام الأمن الغذائي والمائي والتصدّعات المجتمعية”.
وفي “عالم اليوم المليء باللايقين”، اعتبر المتحدث أن “هذا المهرجان يمثل رسالة أمل قوية”، مضيفا أنه “يلبّي حاجة الشباب إلى الانتماء والهوية وتقدير الذات، ويحمي تراثنا الثقافي في عصر العولمة، ويستجيب للدعوة الملحّة لصياغة سردية إيجابية عن العالم الإسلامي”، وتابع: “من خلال تعزيز الحوار الخلّاق، وتفكيك الصور النمطية، وترسيخ الثقة الثقافية، يغدو اللقاء جسرا حيّا يصل ماضينا بحاضرنا، ويقودنا نحو مستقبل مشترك يسوده السلام والأمن والفهم المتبادل”.
وشدد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي على أن “الثقافة، بوصفها قوة ناعمة، تزوّد الإنسان بالآليات الضرورية لمواجهة التحديات العالمية المتواترة، ومن ثم يتقوى التضامن، فيغدو النماء والازدهار واقعا مشتركا تتقاسمه الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي”، لافتا إلى أن “المهرجانات من هذا النوع تبعث مشاعر الفخر والانتماء والهوية حاضرة لدى الجميع”.
من جانبه، أكد وزير الثقافة في جمهورية أذربيجان، عادل كريملي، أن إطلاق المهرجان في بلاده “يشكّل منصة حيوية للحوار والشراكة وتبادل الأفكار الجديدة بين مختلف الفاعلين في الصناعات الإبداعية في العالم الإسلامي”، معتبرا أنه “مع مشاركة أكثر من 300 ضيف دولي من أكثر من 40 دولة، إلى جانب ما يقرب من خمسة آلاف زائر متوقّع، يَعِد هذا الحدث بتوسيع شبكات التعاون والإسهام في تنمية جميع الأطراف العاملة في هذا القطاع، فضلا عن تقديم حلول متنوّعة ومبتكرة”.
وأشار كريملي، في كلمته، إلى أن “الصناعات الثقافية والإبداعية باتت تلعب دورا محوريا في التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي وتعزيز الحياة الثقافية للدول المعاصرة”، مستندا إلى “تقارير الأونكتاد واليونسكو وغيرها من المنظمات الدولية التي تُظهر أن ما لا يقل عن 3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي يأتي من هذه الصناعات”، وزاد: “من هذا المنطلق، أصبحت تنمية القطاع الإبداعي جزءا أساسيا من السياسة الثقافية الوطنية لأذربيجان”.
وفي هذا السياق، أوضح المسؤول الحكومي ذاته أن “استراتيجية التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي وقّعها الرئيس إلهام علييف حدّدت دعم التطور الديناميكي للصناعات الثقافية والإبداعية وتعزيز إمكاناتها التصديرية بوصفه توجّها جديدا”، مشيرا إلى “ما تتضمنه الاستراتيجية من أدوات دعم ملموسة تشمل برامج المنح الدراسية وتمويل المشاريع ومبادرات الإرشاد المهني”.
وأعرب الوزير عن سعادته بما قال إنه “تم تحقيقه”، موضحا أن “الكثير من المستفيدين انتقلوا من موقع المتلقي للدعم الحكومي إلى مصافّ مقدّمي منتجات وخدمات مبتكرة على المستوى الدولي”، متطرقا كذلك إلى “أعمال إعادة الإعمار والترميم المتواصلة على نطاق واسع في المدن والقرى المحررة”، حيث “تخطو الدولة الأذربيجانية خطوات سريعة نحو استعادة الروح الثقافية الغنية في كاراباخ وولاية زنغزور الشرقية، وإحياء المشهد الثقافي والإبداعي، بما يضمن التنمية المستدامة للمنطقة بأسرها”.
من جانب آخر، أجمع الوزير الاتحادي للتراث الوطني والثقافة في باكستان أورنجزيب خان خيتشي، ووزيرة الثقافة والتنمية المعرفية في ليبيا مبروكة توغي عثمان، ووزير الثقافة والسياحة التركي محمد نوري إرسوي، على أن الثقافة تشكل ركيزة أساسية لتعزيز الحضور الحضاري للدول، وبناء جسور التواصل بين الشعوب، وترسيخ قيم التفاهم والسلام، مؤكدين أن الاستثمار في العمل الثقافي المشترك يُسهم في دعم الإبداع.
ويُنظّم “مهرجان منظمة التعاون الإسلامي الثقافي: أسبوع باكو الإبداعي 2025” من لدن منظمة التعاون الإسلامي بالتعاون مع وزارة الثقافة في جمهورية أذربيجان، وتستمر فعالياته حتى 11 دجنبر 2025.
ويجمع الحدث مسؤولين من البلد المستضيف، ووفودا من الدول الأعضاء في المنظمة، وممثلين عن منظمات دولية وهيئات دبلوماسية وسفراء معتمدين في البلد الأوراسي، إضافة إلى محترفي الصناعات الإبداعية المعنية.
المصدر:
هسبريس