آخر الأخبار

أكاديميون تونسيون يُفَصلون هندسة كتاب "الحرية النسائية" لبوتشيش

شارك

بعد سلسلة من القراءات التي عقدت في جامعات مغربية عدة لتدارس كتاب “الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن بين المرجعية الإسلامية والمواثيق الدولية: حوار مجتمعي في ضوء خطة إدماج المرأة في التنمية ومدونة الأسرة”، عاد النقاش من جديد في الأوساط الأكاديمية والجامعية بتونس حول هذا الكتاب، وذلك بمناسبة استضافة مؤلفه المؤرخ والأكاديمي المغربي إبراهيم القادري بوتشيش من قِبَل مؤسسة المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون، وذلك بهدف تقديم الكتاب، ومناقشة القضايا التي يطرحها في مجال الحرية النسائية ومدونة الأسرة، مما يعكس البُعد العربي الذي اكتسبه، والاهتمام المتزايد بالأفكار التي يثيرها.

كان بيت الحكمة المحطة الأولى التي تمّ فيها تقديم الكتاب بلسان مؤلفه الذي عرض لهندسة كتابه، والأسئلة المركزية التي يطرحها، والفرضيات التي يرافع عنها، ونواظمه المنهجية، ومادته المصدرية، وأهم الخلاصات التي توصل إليها، والتوصيات التي يقترحها.

ونبّه المؤلف إلى أن الكتاب ينتظم في سلك ثلاثة محاور: محور تاريخي يتناول الحراك النسائي منذ النشأة حتى العقد الثاني من الألفية الثالثة، وظهور خطة إدماج المرأة في التنمية، بما تحويه من مطالب تحررية لتمكين المرأة، وما خلفته من سجال فكري، وانقسام كبير في الرأي العام المغربي.

وأشار إلى أن هذا السجال الفكري الذي يعدّ حدثا مفصليا في تاريخ الحركة النسائية، ظلّ بعيدا عن أضواء وتحليلات المؤرخين حتى اليوم، وهو ما جعله يستنهض مغامرة معالجته كموضوع غير مسبوق في التاريخ الراهن.

أما المحور الثاني من الكتاب فهو محور نقدي، حاور فيه المؤلف أطروحات التيارين الإسلامي والحداثي، ومنظورهما للحرية النسائية. في حين، اقترح في المحور الثالث خريطة طريق وسطي، يساهم في إيجاد خيوط التقارب والالتقاء بين أنصار المرجعية الإسلامية وأنصار المرجعية الدولية حول حرية المرأة، وبعض الفراغات الحقوقية التي تطالها في نصوص مدونة الأسرة.

مصدر الصورة

وبيّن المحاضر أن أهمية الكتاب تتمثل في تزامنه مع النقاش المجتمعي السائد هذه الأيام حول تعديلات مدونة الأسرة، وأنه كان شاهد عيان على الأحداث والسجالات الفكرية، والانقسامات التي استمرت من سنة 2000 إلى سنة 2004، تاريخ صدور مدونة الأسرة الحالية، بسبب محاولة إقحام نصوص المواثيق الدولية داخل متن المدونة، الأمر الذي أحدث شرخا في الهوية المغربية، وهزّة في القانون الوطني المغربي المرتكز على قواعد الشريعة الإسلامية.

وتكمن أهمية الكتاب من وجهة نظر المحاضر أيضا في معالجته لمدونة الأسرة انطلاقا من مبدأ الحرية الذي هو مبدأ وجودي، يشكل أحد المفاتيح الكبرى التي تؤسس فهمنا للحرية النسائية، مبرزا أن الهدف من تأليف الكتاب يتمثل كذلك في إسماع صوت المؤرخ، وتفاعله مع قضايا عصره.

تمحور النقاش العلمي للكتاب، في منبري كل من بيت الحكمة وكلية منوبة على حدّ سواء، حول الخطوط المشكّلة للحدود الدينية والاجتماعية التي يتعين مراعاتها، بغية تأسيس منظور واع لحرية المرأة، وضرورة إصلاح منظومة التعليم المدرسي، لتنشئة أطفال بعيدين عن عقدة التمييز بين الجنسين، والنظرة الدونية للمرأة، خاصة أن المدرسة تعدّ مصنعا لإنتاج العقليات والقيّم. كما تمّ الوقوف مليّا عند مدونة الأسرة المرتقب صدورها بالمغرب، وما تحمله من توقعات لتعديلات النصوص القانونية.

وأُثير في النقاش أيضا إمكانية القيام بدراسات مقارنة بين مدونتي الأسرة في المغرب وفي تونس، لما لمثل هذه الدراسات من أهمية في رصد التفاوت والاختلاف والقواسم المشتركة، ومدى إمكانية الاستفادة من إيجابيات المدونتين في كلا البلدين. وفي هذا السياق، تساءل بعض الأكاديميين عما إذا كان للتجربة التونسية تأثير في النخبة الفكرية المغربية التي نادت بإصلاح مدونة الأسرة بالمغرب.

وطرحت كذلك صعوبة التوافق مع التيار الإسلامي، خاصة التيار المتشدد، وكذا صعوبة التعامل مع النصوص القطعية الواردة في القرآن، ومدى توظيف الاجتهاد في قراءة النصوص القرآنية والمتون الحديثية، فضلا عن قضايا الحرية الفردية، وعدم تصادمها مع العقل الجمعي، ومسألة الجندر، ومعضلة بطء البت في قضايا المحاكم الخاصة بالأسرة.

ومن القضايا التي تمّ الإجماع حولها في هذين اللقاءين العلميين، الحاجة إلى تغيير العقليات، وإدماج المرأة في التنمية الاقتصادية، ورفع سقف الاجتهاد المنفتح، باعتبار هذا الثالوث المفتاح الرئيسي لحلّ إشكالية الحرية النسائية وتمكين المرأة من حقوقها.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا