آخر الأخبار

بورتاس: "وسائل التواصل" تهدّد بإسقاط الديمقراطية والنقاش العلمي

شارك

نصّبت أكاديمية المملكة المغربية، الأربعاء في مقرها بالرباط، أعضاءها الجدد، ومن بينهم باولو بورتاس، نائب رئيس الوزراء البرتغالي سابقا، الذي شغل أيضا منصب وزير الخارجية ووزير الدفاع الوطني، وعضوية البرلمان الأوروبي.

مصدر الصورة

وتطرق خطاب تنصيب العضو الجديد في الأكاديمية إلى “الخواريزموقراطية” أو “الديمقراطية الرقمية”، التي هي “تغير جذري في طبيعة السياسة والديمقراطية”، منبها إلى أنها ستستبدل مستقبلا “الديمقراطيات التمثيلية” لصالح “الأوليغارشيين الرقميين”.

وتابع بورتاس متحدثا عن نكران أرباب مواقع التواصل الاجتماعي آثارها الموثقة طبيا على الصحة العقلية للأطفال والمراهقين، وشكه الكبير في إمكانية “التنظيم الذاتي لوسائل التواصل الاجتماعي”، في ظل نموذجها الاقتصادي المستفيد من عالم مظلم، من بينه مجموعات ومضامين “الإرهاب، وتهريب البشر والأطفال، والنصب على الضعفاء، والكراهية، والعنف ضد الآخر…”، عبر “بيع البيانات لهؤلاء الزبائن المظلِمين الذي يأتي بمردودات مالية كثيرة”.

مصدر الصورة

وواصل المتحدث: “لا يمكن أن تكون لوسائل التواصل قاعدة قانونية مختلفة عن بقية المجتمع. المسؤولية الجنائية هي الوحيدة التي ستجعلهم يحذرون، وما هو جنائي جنائي، وما ليس كذلك فليس كذلك”، مع تنبيهه إلى أن “القادة الكبار للتواصل الاجتماعي صاروا يَنتخبون القادة كما في الانتخابات الأمريكية الأخيرة”، مع تحذيره من تطرف التنظيم الذاتي لتطبيقات التواصل الاجتماعية الذي يؤدي إلى “عشوائية الصواب السياسي”.

ويرى السياسي السابق والأستاذ الجامعي أن التخلي الاختياري عن المعطيات من طرف مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي لصالح “هيئات غير معروفة، تنقلها لصالح الخواريزميات”، يعني أن يصير “مئات الملايين من المواطنين معرضين لرسائل مخصصة لهم، لا لشخص آخر، بنوع من البرمجة الاجتماعية”؛ لأن “الخواريزميات تعرف كل شيء عنا، وكل ما يمسنا، وما يجرحنا، وما نشتريه، وما نتبادله، وما يحركنا، وما يباعدنا…”.

مصدر الصورة

واستحضر بورتاس في هذا الإطار نموذج أرملة من “ويلز” توصلت خلال “حملة مغادرة بريطانيا” برسائل وصور و”ميمز” تقول إن “أوروبا ستمنع استيراد القطط الفارسية التي تحبها”، فصوتت بمغادرة الاتحاد الأوروبي، لأنه “لم يكن معها من يتحقق من الخبر الزائف”، ثم زاد: “لنتصور التأثير مضروبا في الملايين، علما أن أغلب الشباب مصدر أخبارهم هي الشبكات الاجتماعية. بالتالي يمكن تصور تطبيق ‘تك توك’ كسلاح دمار شامل لشباب الغرب”.

ويقدر المتحدث أن “وسائل التواصل الاجتماعي تستبدل تعقيد المشاكل بتبسيط الحلول، وتغلب الغريزي على العقلاني، وتنزلق بالإنسان نحو سياسة هوياتية لا عقدية، وتنقص من تسامحنا، وتساهم في التقاطب، وتزايد المتطرفين يسارا ويمينا، وفي الحقائق البديلة، والصوت المرتفع للجهل؛ فهل كان من الممكن أن يكون تنوير في عصرها؟ أو أن تكون شجاعة آراء واختيارات تشرشل في ظل ضغوط وسائل التواصل؟ وهل يمكن نقاش قضايا الديموغرافيا، وتوزيع الثروات، والأديان… في ثوان على ‘تك توك’؟”.

مصدر الصورة

ويرى عضو أكاديمية المملكة المغربية أن “الديمقراطية الرقمية مدعاة، وهي إيذان بعصر تتفيه الشر، مع الهجوم على الحقيقة العلمية”، متسائلا: “فهل سيأتي اليوم الذي نتوصل فيه بشكل وكأنه طبيعي، عبر هواتفنا الذكية، وحواسيبنا، بأحداث لم تحدث إطلاقا، وخطابات لم تُقل، وصور واقع لا يوجد، باحترافية رقمية تجعلها موثوقة، وبدقة للذكاء الصناعي تجعلنا نصدقها؟ وكيف للمواطن الناخب التفريق بين الحقيقي والزائف؟”.

وحول الكتابة عبر الذكاء الصناعي حذر المتدخل من أنه “عندما نتوقف عن الكتابة نتوقف عن التفكير”، مع إشكالات أخرى تطرحها “الذكاءات الصناعية”، مثل “الملكية الفكرية للأصوات، والأشكال التي أبدعها مبدعون دون اعتبار حقوق ملكيتهم، ما يقتضي حماية المؤسسات الدولية للمبدعين عبر تعقب النقل والاستعمال غير الشرعي، ووجوب مرافقة كل المضامين المنتجة بالذكاء الصناعي بتحذير يبين مصدرها، للحيلولة دون تدمير الأوليغارشيا الجديدة الإيتوس الديمقراطي الغربي”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا