احتضنت الدورة الثانية والعشرون من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش العرض المغربي الأول لفيلم “ميرا” لنور الدين الخماري، في لحظة احتفاء خاصة بعودة المخرج إلى الشاشة الكبيرة بعد غياب دام سنوات.
وبين تصفيق الجمهور وتفاعل القاعة بدا واضحا أن العمل يشكل انعطافة جديدة في مسار صاحب “كازا نيغرا” و”زيرو”، سواء على مستوى الرؤية الجمالية أو الموضوع الإنساني الذي يطرحه.
الفيلم الذي كتب له الخماري السيناريو وتولى إخراجه صور بالكامل في فضاءات أزرو وإفران، داخل غابات الأطلس التي تحولت إلى خلفية جمالية آسرة تلون الدراما الإنسانية التي يحكيها الشريط؛ وهي خطوة تخرج المخرج لأول مرة من فضاء الدار البيضاء الذي ارتبط بأعماله السابقة، نحو عالم طبيعي يفتح أفقا بصريا جديدا في مساره.
ويجمع “ميرا” في بطولته نخبة من الوجوه الفنية، من بينها فاطمة عاطف، عمر لطفي، صفاء ختامي، سعد موفق، إسماعيل الفلاحي، زينب علجي وموسى سيلا.
أما عنوان العمل فيحمل دلالة رمزية، فـ“ميرا” تعني بالأمازيغية “القائدة”، وهو ما ينسجم مع حكاية طفلة صغيرة تنسج علاقة إنسانية غير مألوفة مع مجموعة من المهاجرين الأفارقة الذين يعيشون في غابات الأطلس أملا في العبور نحو الضفة الأخرى؛ علاقة تضعها في مواجهة مع قريتها المحافظة، وتكشف التوترات التي تنتجها النظرة العنصرية والأحكام المسبقة داخل مجتمع مثقل بالفقر والهشاشة والظلم الاجتماعي.
ويقدم الخماري من خلال هذا العمل رؤية إخراجية جديدة بأسلوب شاعري تنفتح على البعد الإنساني الكوني عبر توظيف الطبيعة واللغة الأمازيغية والمقاطع الغنائية، دون أن يتخلى عن بصمته الخاصة التي طبعت أفلامه السابقة.
ومع “ميرا” يعود المخرج إلى الشاشة الكبيرة بعد آخر أعماله “بورن آوت” سنة 2017، في تجربة تنظر إلى العالم بعيون طفلة تقف على هامش الحياة، لكنها تملك قدرة فريدة على إعادة تعريف الحرية.
وفي تصريح لهسبريس عقب العرض قال نور الدين الخماري إن الفيلم عاش الأسبوع الماضي عرضه العالمي الأول في مهرجان “بلاك نايت” بإستونيا، مضيفا: “واليوم يشهد شمال إفريقيا والشرق الأوسط عرضه الأول، ولذلك فالإحساس صعب لأنني أظهر الفيلم في بلدي وسط أحبابي وجمهوري”.
وتابع المخرج بأن العرض في المغرب له وزن ثقيل على إحساسه، موردا أنه سعيد بتجاوب الناس مع الفيلم، وزاد موضحا: “هذه ليست أول مرة أشتغل مع الشباب، اشتغلت مع كثيرين، لكن المهم هو اختيار ممثلين أذكياء، فعندما يكون الممثل ذكيا نقدم أشياء جميلة”.
من جهتها عبرت الممثلة صفاء ختامي، بطلة الفيلم، عن اعتزازها بالاشتغال مع الخماري وبعرض العمل في مراكش، موردة: “كان هناك مجهود كبير كي يحضر الفيلم في المهرجان”.
وعن تفاصيل دورها قالت الممثلة في تصريحها لهسبريس إنه يتحدث عن الحرية للأفارقة وللمرأة وللأطفال، مضيفة أن هذه التجربة في السينما جعلتها تشعر وكأنها تمثل لأول مرة، وكانت بمثابة تدريب خاضته عند المخرج الخماري، الذي تعلمت منه الكثير وصححت الأخطاء.
أما الممثل سعد موفق فأشار بدوره إلى قيمة التجربة، قائلا: “أنا سعيد بالاشتغال مع الخماري وبثقته للمشاركة في الشريط. بذلنا مجهودا كبيرا، وكان الفريق التقني والفني يرغب في أن تكون النتيجة في أعلى مستوى. وهذه أول مرة نشاهد العمل جماعة، فكان عرضا جيدا وشعرنا بأن الجمهور أحبه”.
المصدر:
هسبريس