آخر الأخبار

شاعرية الصورة وثقل الذاكرة .. شريط "زنقة مالقة" يفتح رموز طنجة

شارك

احتفى المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، أمس الأحد بقصر المؤتمرات، بعرض فيلم “زنقة مالقة” لمخرجته المغربية مريم التوزاني، في أولى عروضه داخل المغرب، وسط حضور فني لافت وتصفيق طويل من الجمهور الذي تفاعل بقوة مع العمل.

العرض شكل لحظة خاصة للتوزاني التي ظهرت متأثرة وهي تستعيد الخلفيات الإنسانية والشخصية التي رافقت كتابة الفيلم وتصوير مشاهده وسط دروب مدينة طنجة.

مصدر الصورة

وخلال تقديمها الشريط كشفت توزاني أنها فقدت والدتها قبل ثلاث سنوات، وأن هذا الرحيل كان الشرارة التي دفعتها إلى كتابة العمل، موضحة أنها كبرت وسط أم وجدة إسبانيتين، وأن غياب والدتها خلق لديها رغبة عميقة في مواصلة الإنصات للغة الإسبانية وإحياء جزء من ذاكرتها عبر السينما.

وأكدت المخرجة ذاتها أن الفيلم بالنسبة لها هو طريقة لتحويل الألم إلى حب للحياة، رغم الصعوبات التي رافقت الاشتغال عليه، وقالت إنها كانت محظوظة بفريق فني وتقني قدم أقصى ما لديه رغم كونها متطلبة كثيرا في العمل، كما لم تخف امتنانها الكبير لزوجها نبيل عيوش الذي قالت إنها لم تكن لتقدم الفيلم لولا دعمه القوي.

وأضافت المتحدثة ذاتها أنها بدأت كتابة الفيلم مباشرة بعد وفاة والدتها، وأن جميع متعلقاتها في مدينة طنجة أيقظ ذكريات طفولتها، فكانت العودة لتصوير العمل في المدينة نفسها لحظة ممزوجة بالحنين والفقد، وهو ما حاولت ترجمته في الفيلم الذي كرسته لتجسيد حب الحياة رغم الجراح.

مصدر الصورة

من جانبها عبرت الممثلة الإسبانية كارمن ماروا، بطلة الفيلم، عن اعتزازها بخوض هذه التجربة، وقالت إنها وقعت في حب مدينة طنجة بسرعة.

وأوضحت الممثلة ذاتها أنها تعاملت مع التوزاني ببعض الصرامة خلال التصوير، لكن ذلك كان بدافع الحرص على تقديم أداء قوي، مبرزة أن الفيلم أثر فيها بشكل شخصي، ومؤكدة أن الإنسان، حتى في سن الثمانين، يمكن أن يعيش قصة حب مليئة بالمشاعر والأمل.

أما الممثل المغربي أحمد بولان، بطل الشريط، فوجه شكره للتوزاني ونبيل عيوش على منحه فرصة المشاركة في هذا العمل، معبرا عن فخره بالاشتغال مع كارمن ماروا في أجواء مهنية مريحة.

مصدر الصورة

وقال الممثل ذاته إن التوزاني مخرجة دقيقة وصعبة في إدارتها للممثلين، لكن النتيجة تستحق كل الجهد، مبرزا أنه وقع بدوره في حب الفيلم.

وفي تصريح لهسبريس أكد المخرج نبيل عيوش أن العمل مع مريم التوزاني ليس سهلا بحكم طبيعتها المتطلبة واشتغالها العميق على ذاتها وذاكرتها لتحويلها إلى مادة إبداعية، معتبرا أن الأعمال الكبيرة تكون غالبا صعبة الإنجاز، لكنه شدد على أن متعة الفيلم ظهرت في أداء الممثلين الذين عبروا بطرق مختلفة وغنية.

وقال المخرج ذاته إن مشاهدة الفيلم في المغرب لحظة استثنائية، لأن تفاعل الجمهور المغربي يظل الأهم بالنسبة لصناع السينما المحلية.

مصدر الصورة

ويروي فيلم “زنقة مالقة”، الذي أثار نقاشا واسعا، قصة ماريا، امرأة إسبانية تبلغ من العمر تسعة وسبعين عاما، ولدت وعاشت في طنجة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، عقب الحرب الأهلية الإسبانية؛ ومع مرور السنوات تربطها بالمدينة علاقة انتماء راسخة جعلتها تستقر فيها وتتزوج وتنجب ابنتها الوحيدة.

وبعد وفاة زوج ماريا وانتقال ابنتها للعيش في إسبانيا تواجه وحدتها بصداقة الجيران، وتشارك ذكرياتها وماضيها مع أبناء الحي، وتحافظ على زيارة قبر زوجها الذي بقي قريبا منها حتى بعد رحيله.

ويذهب الفيلم أبعد من سرد قصة امرأة مسنة، إذ يقدم رؤية شاعرية حول النساء في عمر متقدم، وكيف يتعاملن مع التحولات العاطفية والوجودية التي تواجههن.

مصدر الصورة

ويعكس العمل نظرة عميقة للهوية والانتماء والذاكرة، خاصة في مدينة مثل طنجة التي لطالما كانت فضاء للعبور والاختلاط الثقافي، كما يسعى إلى مساءلة معنى الوحدة، وكيف يمكن للحياة أن تمنح فرصا جديدة حتى في مراحل متأخرة، كما يقدم صورة إنسانية لامرأة تقاوم الزمن بالحب والأمل والمصالحة مع الماضي.

ومن خلال ماريا تحتفي مريم التوزاني بالحياة التي لا تتوقف عند عمر معين، بل تستمر في التشكل كلما امتلك الإنسان الشجاعة ليحب من جديد.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

الأكثر تداولا دونالد ترامب أمريكا روسيا

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا