قضت غرفة الجنايات الابتدائية، يوم أمس الخميس، بسجن متهم 20 سنة نافذة بعد إدانته بقتل شاب في مقتبل العمر بمدينة طنجة، في ملف شهد أطوار محاكمة مثيرة ومواجهات كلامية حادة بين دفاع الطرفين والنيابة العامة. كما ألزمت المحكمة المتهم بأداء تعويض مالي لفائدة الطرف المدني.
وخلال الاستماع إليه، صرح المتهم، الذي يشتغل كهربائيا، بأنه وجّه طعنة بواسطة سكين صغير إلى الضحية قبل أن يهرب من المكان، زاعما أنه تعرض للملاحقة والرشق بالحجارة، وأنه تلقى ثلاث ضربات أثناء العراك، مؤكدا أنه كان في حالة سكر وقت الحادث، وادعى أن الضحية كان بدوره مخمورا، وهو ما حاول الدفاع الاستناد إليه للتخفيف من مسؤوليته الجنائية.
محامي الطرف المدني قدّم مرافعة قوية أبرز فيها أن الضحية كان شابا مجتهدا ومحبوبا، معروفا بجديته وحب العمل، ويحمل شهادات تقديرية ودبلومات مهنية، من بينها دبلوم في الحلاقة، ويدير محلا خاصا به، مؤكدا أن الطعنة التي تلقاها كانت دون مبرر، في سياق خلاف بسيط، وأن رواية المتهم لا تنسجم مع الواقع.
وشدد الدفاع على أن الفيديو المضمن بالملف يظهر بشكل واضح أن الضحية لم يكن يحمل أي شيء أثناء الحادث، وأنه كان فقط يطلب من المتهم الابتعاد عن المكان، قبل أن يتلقى طعنة قاتلة. بناء على ذلك، طالب المحامي بتشديد العقوبة والحكم بتعويض قيمته 500 ألف درهم لفائدة والدي الضحية، بالنظر إلى حالتهما الصحية المتدهورة وفقدانهما لابنهما الوحيد.
واعتبر محامي الطرف المدني أن “فئة من الأشخاص تفسد في الأرض” وأن تبرير الجرائم بحالة السكر أصبح ظاهرة يجب مواجهتها، مؤكدا أن الفيديو المقدم لا يمثل سوى جزء من الوقائع لكنه يعكس حقيقة ما جرى.
بدوره، تدخل الوكيل العام للملك مؤكدا أن هذه هي القضية الرابعة المعروضة في اليوم نفسه والمتعلقة بالقتل، منتقدا لجوء المتهمين المتكرر إلى الادعاء بعدم الوعي أو السكر الشديد بهدف التخفيف من العقوبة. وقال: “لو ظل الناس يعتقدون أن السكر ينفعهم لما استطعنا الخروج من بيوتنا”، ملتمسا تشديد الحكم نظرا لخطورة الفعل.
من جهته، دافع محامي المتهم بقوة عن موكله، معتبرا أن جريمة القتل العمد غير قائمة، وأنه لا وجود لأي نية مسبقة أو عداوة بين الطرفين، مؤكدا أن الشجار كان مفاجئا وأن الفيديو يبين أن الواقعة لم تتجاوز دقيقتين، وهو ما لا يسمح بتكوين قصد جنائي أو وجود سبق الإصرار والترصد.
وأضاف الدفاع أن المتهم لو كانت نيته القتل لطعن الضحية عدة مرات، مشيرا إلى أن الفعل كان لحظيا وفي سياق استفزاز، واستشهد بقرار لمحكمة النقض يعود لسنة 2010 خفف العقوبة على متهم تعرض للاستفزاز. بناء على ذلك، طالب بإعادة تكييف التهمة إلى “الضرب والجرح المفضي إلى الموت” وتمتيع المتهم بظروف التخفيف.
وبعد مرافعات طويلة واستماع دقيق للمتهم وشهود الملف، أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية قرارها بإدانة المتهم بعشرين سنة سجنا نافذا، مع إلزامه بأداء تعويض للطرف المدني، وذلك بعد متابعة المتهم بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار، إضافة إلى تهم الإخلال العلني بالحياء والسكر العلني البين.
المصدر:
العمق