اعتبر أحمد تويزي، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة ورئيس فريقه بمجلس النواب، أن ما يشهده البرلمان خلال السنة الانتخابية من احتدام في النقاشات بين فرق الأغلبية والمعارضة “مسألة طبيعية”، نافيا أن يكون الأمر مرتبطا بصراع حول تمويل الانتخابات كما يروج.
وقال تويزي، خلال حلوله ضيفا على برنامج “نبض العمق”: “السنة الانتخابية معروفة بأنها تشهد ارتفاعا في وتيرة الصراع السياسي، وهذا ليس جديدا، المعارضة تطرح ملفات تراها مناسبة لخطابها، ونواب الأغلبية أيضا يعبرون عن آرائهم بحرية.”
وأكد التويزي أن ارتفاع وتيرة النقد في هذه المرحلة يرتبط أساسا بقرب الاستحقاقات المقبلة، قائلا: “نحن في سنة انتخابية، والضغط على البرلمانيين كبير، قد ترتفع حدة النقاش، لكن الوفاء للميثاق الذي يجمعنا كأغلبية ثابت ولا يتغير.”
وعن موقع حزب الأصالة والمعاصرة في ما يسميه البعض “التوظيف السياسي للملفات”، شدد التويزي على أن حزبه لا يستغل أي قضية لخدمة حسابات انتخابية ضيقة، وقال: “نحن لا نوظف الملفات سياسيا إطلاقا، عندما نناقش موضوعا ما، فنحن نقوم بدورنا الرقابي، على سبيل المثال، تحدثت في موضوع الزلزال لأنني ابن المنطقة وليس لأنني أبحث عن توظيف سياسي، نحن نبدي آراءنا ونمارس رقابتنا، وهذا لا يمس جوهر الأغلبية.”
وفي رده على من يعتبر أن مكونات الأغلبية “مجبرة” على العمل معا رغم التوتر الظاهر، أو أن التنسيق بينها أصبح مجرد تنسيق تقني، نفى التويزي ذلك قائلا: “هذا الكلام غير صحيح، قبل يوم واحد فقط اشتغلنا لساعات طويلة على تعديلات مشتركة بخصوص القوانين الانتخابية، هذا ليس تنسيقا تقنيا؛ هذا تنسيق سياسي حقيقي”، مضيفا: “لا يمكن في هذه الحكومة أن نعود إلى ما كان يقع في بعض الحكومات السابقة من وجود معارضة داخل الأغلبية نفسها، هذا غير موجود ولن يكون.”
وبخصوص الاتهامات المتكررة للأصالة والمعاصرة بالتشدد في انتقاد وزراء حزب التجمع الوطني للأحرار أكثر من وزراء حزبه، جدد التويزي نفيه القاطع لهذه الفكرة، وأكد: “نحن نتعامل مع جميع وزراء الحكومة بنفس القدر من الصراحة والمسؤولية فنحن لا نمارس الانتقاء.”
وفي سياق النقاش حول تزايد حدة انتقادات نواب الأغلبية للحكومة، ذكر التويزي بالدور المزدوج للنائب البرلماني، وقال موضحا: “للنائب قبعتان: قبعة العضو في الأغلبية الذي يصوت لصالح البرنامج الحكومي، وقبعة ممثل المواطنين الذي ينقل معاناتهم وينتقد السياسات الحكومية عندما تكون غير كافية”، وأضاف أن الانتقاد هو “حق وواجب”، لكنه يجب أن يكون “انتقادا مؤدبا وغير شخصي، يقدم البدائل ولا يكتفي بالاعتراض.”
وشدد على أن هذا لا يعني أبدا إمكانية تصويت نواب الحزب ضد الحكومة، قائلا: “في التصويت نصوت مع الحكومة لأنها الأغلبية التي ننتمي إليها، وهذا أمر معمول به في كل ديمقراطيات العالم، لكن هذا لا يمنع أن نختلف مع الوزراء في طريقة تنزيل البرامج.”
وبخصوص ما راج حول “نسفه” لنشاط لجمعية حماية المال العام، أو دخوله في صراع مع رئيسها، أكد تويزي أنه لا يحمل أي خلاف شخصي مع أحد، مضيفا: “الإشكال أخرج من سياقه، من يتابع الفيديوهات سيدرك تماما من الذي تجاوز الحدود”، مشيرا إلى أن رئيس الجمعية اعتذر لسكان آيت أورير بعد وصفهم بأوصاف قدحية، مضيفا: “بما أنه اعتذر للسكان، فالملف بالنسبة لي مطوي.”
ورد تويزي على اتهامات متداولة بأنه وصف رئيس الجمعية بـ”المحامي الفاشل”، قائلا إن ذلك جاء “في إطار رد مقابل على تصريحات سابقة”، لكنه شدد على أن الأمر لا يعكس أي صراع سياسي أو شخصي.
حقيقة طحن الورق مع الدقيق
وحول الجدل الذي أثارته تصريحاته المتعلقة بـ”طحن الورق مع الدقيق”، والتي فسرها البعض على أنها محاولة لتوظيف ملف اجتماعي حساس سياسيا، شدد رئيس فريق الأصالة والمعاصرة على أن الهدف الوحيد من إثارة هذا الملف هو حماية المال العام وضمان وصول الدعم إلى مستحقيه.
وقال: “أثرنا موضوع التلاعب بالفواتير المتعلقة بالدقيق المدعم باعتباره دعما موجها للفئات الفقيرة، وحققنا ما نريد حيث تم فتح تحقيق من طرف النيابة العامة، الآن الملف بين يدي القضاء، ومن واجبنا احترام ذلك كما أن المعلومات التي نطرحها داخل البرلمان مصدرها المواطنين والصحافة وتقارير المؤسسات، دورنا أن نطرح الأسئلة وننبه للاختلالات وبما أن التحقيق انطلق، فسننتظر نتائجه.”
وانتقد بعض التأويلات التي رافقت تصريحاته، معتبرا أن جزءا من التلقي الإعلامي كان “خاطئا” ويفتقر إلى قراءة لغوية دقيقة، موضحا أن استعماله لعبارة “يأكل الورق” جاء في سياق مجازي معروف في الثقافة الشعبية، وأن الربط الذي قامت به بعض المنابر بين “الورق” و”طحن الدقيق” كان تعسفيا.
وشدد تويزي على أن الخوض المتكرر في قضية الدقيق المدعم لا يخدم النقاش، لأن الملف بات بين يدي القضاء، قائلا: “المهم أننا وصلنا إلى فتح التحقيق، وهذا شيء إيجابي جدا، الآن يجب أن نترك القضاء يشتغل، وما خفي سيكشفه التحقيق”.
المصدر:
العمق