في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
احتضنت الرباط، اليوم الاثنين، أشغال ورشة وطنية خصصت لتعزيز هيكلة وتدبير شبكة شراكات مدارس الفرصة الثانية في المغرب، وهي الآلية التي ترمي إلى توفير فرصة جديدة للتكوين والإدماج المهني لفائدة الشباب الذين لا يزاولون عملا ولا يتابعون دراستهم أو أي تكوين مهني.
الورشة التي نظّمتها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بشراكة مع منظمة العمل الدولية وبدعم من الاتحاد الأوروبي بالمغرب، جمعت حوالي خمسين مشاركا يمثلون مؤسسات حكومية ومقاولات وجمعيات، إلى جانب خبراء من الخدمة العمومية للتشغيل بمنطقة كاتالونيا بإسبانيا.
تندرج هذه المبادرة ضمن برنامج “Y-NEET” المعنون بـ”تحسين وضعية الشباب NEET في الجوار الجنوبي”، حيث يقود القطاع الوصي (MENPS) الجهود الرامية إلى توسيع نموذج مدارس الفرصة الثانية وتوحيده على المستوى الوطني.
حساين أوجور، مدير التمدرس الاستدراكي والمدرسة الدامجة بوزارة التربية الوطنية، أوضح أن الورشة الوطنية تطرح بشكل أساسي إشكالية تعزيز التعاون المشترك بين المؤسسات العمومية والقطاع الإنتاجي الخاص والمجتمع المدني، من أجل إتاحة فرص حقيقية للتكوين والتدريب داخل الوسط المهني. وأكد أن الهدف المركزي يتمثل في دعم الإدماج السوسيو-اقتصادي للشباب المنقطعين عن الدراسة، وتمكينهم من “فرصة ثانية” لإعادة الاندماج في مسارات التعليم أو التكوين أو العمل.
وأشار أوجور إلى أن عدد مدارس الفرصة الثانية في المغرب يبلغ حاليا 222 مركزا، تقدم خدماتها سنويا لما يقارب 1700 مستفيد. وأضاف أن الوزارة تعمل على تحقيق نسبة إدماج تصل إلى 70% في ثلاثة مسارات رئيسية تشمل التعليم النظامي، والتكوين المهني، والاندماج في سوق الشغل.
وشدد المسؤول الوزاري على أن التحدي المطروح اليوم يتمثل في كيفية تجسيد شراكات فعّالة ومباشرة بين المقاولات والجمعيات منذ مرحلة استقطاب الشباب، وصولاً إلى مواكبتهم خلال التكوين والتداريب المهنية، ثم توفير فرص عمل دائمة ومستدامة تمنحهم اندماجا فعليا داخل الحياة المهنية.
من جانبه، أكد حليم حمزاوي، مدير مكتب منظمة العمل الدولية للمغرب العربي، أن مدارس الفرصة الثانية تمثل لبنة أساسية في مسار إعادة التأهيل والاندماج المهني لفائدة الشباب الذين يوجدون خارج منظومة التعليم والتكوين وسوق الشغل. وأضاف أن هذه المؤسسات توفر فرصة واقعية لهؤلاء الشباب لإعادة الانخراط في الحياة المهنية، من خلال نماذج تكوين تراعي احتياجاتهم وقدراتهم.
وأوضح حمزاوي أن أهمية هذه المدارس تكمن أيضا في ربط برامجها بمتطلبات سوق الشغل، لا سيما في القطاعات التي تعاني خصاصا في اليد العاملة، مشيرا إلى أن منظمة العمل الدولية تدعم تطوير برامج تكوين متكاملة تستجيب في الوقت نفسه لخصوصيات الفئة المستهدفة ولمتطلبات النسيج الاقتصادي بالمغرب.
وخلال النقاشات، تم التركيز على التحديات المرتبطة بالتوجيه، والتكوين، والولوج إلى سوق الشغل، وذلك في ظل تنزيل خارطة طريق التعليم والسياسة الوطنية للتشغيل، اللتين تعتبران تطوير وتوسيع مدارس الفرصة الثانية خيارا استراتيجيا لمواجهة الهدر المدرسي وتوفير مسارات بديلة للشباب المنقطعين عن الدراسة.
وقد شكلت الشهادات المقدمة من المؤسسات التعليمية والجمعيات والفاعلين الاقتصاديين محطة أساسية في الورشة؛ إذ أبرزت النتائج المحققة بفضل الشراكات القائمة. وأشارت الجمعيات المسيرة لهذه المدارس إلى دورها المحوري في استقطاب الشباب، بفضل قربها الاجتماعي منهم، وقدرتها على تكييف مسارات التكوين وتوفير مواكبة نفسية واجتماعية ملائمة.
كما تم التأكيد على أن المرونة في التعاطي مع الشباب، وربط علاقات تعاون مع النسيج الاقتصادي المحلي، ساهمت في رفع مستويات الاندماج وتحسين فرص الإدماج المهني.
وعرض ممثلو الخدمة العمومية للتشغيل الكاتالوني تجربة إسبانيا في ما يتعلق بالشراكات بين القطاعين العام والخاص، ونموذج التكوين بالتناوب، وتفعيل الضمانة الأوروبية للشباب، بما يتيح استخلاص دروس يمكن تكييفها مع السياق المغربي.
وخلصت أعمال الورشة إلى تحديد مجموعة من الأولويات، أبرزها تعزيز انخراط القطاع الخاص في بلورة مسارات التكوين والإدماج المهني، وتقوية منظومة المواكبة والتوجيه والمتابعة لضمان استمرارية المتعلمين وتأمين انتقالهم نحو سوق الشغل، وإرساء شراكات مؤسساتية مستدامة قصد هيكلة وتوحيد نموذج على مستوى التراب الوطني.
وستُدمج خلاصات هذا اللقاء ضمن خارطة طريق مشتركة تروم تعزيز الشراكة بين القطاع العام والخاص والمجتمع المدني، وتقوية حكامة مدارس الفرصة الثانية، بما يساهم في تحسين قابلية التشغيل لدى الشباب المغاربة المصنفين ضمن فئة “NEET”، وتمكينهم من مسارات مهنية بديلة توفر لهم فرصا جديدة للاندماج الاقتصادي والاجتماعي.
المصدر:
هسبريس