آخر الأخبار

مرصد الحماية الاجتماعية ينادي باستهداف حقوقي ويبسط توصيات استراتيجية

شارك

شدد المرصد المغربي للحماية الاجتماعية، في ثاني تقاريره السنوية، على أن الحاجة ملحّة إلى “الانتقال من سياسة الاستهداف العددي” إلى نموذج تدبير يعتمد “الاستهداف الحقوقي”.

التقرير الذي قُدّمت مضامينه ونوقشت باستفاضة خلال ندوة وطنية نظمها المرصد ذاته برحاب المكتبة الوطنية للمملكة بالرباط، اليوم السبت، بسط “صورة مركبة لورش الحماية الاجتماعية”، الذي يظهر أن المغرب في “مرحلة انتقالية بين نموذج قديم يعتمد على برامج مشتتة، ونموذج جديد يقوم على الاستهداف الرقمي، التمويل الموجَّه، وتكافؤ الحقوق”، إلا أن المرصد لفت الانتباه إلى كون هذا الانتقال “ما يزال غير مكتمل”.

وسجل في هذا الصدد أن “التعميم القانوني” يظل متقدما على “التعميم الفعلي”، مما يتطلب الحاجة إلى الانتقال من سياسة الاستهداف العددي إلى الاستهداف الحقوقي، راهنا ذلك بـ”مستوى التماسك بين خمسة عناصر أساسية: حماية اجتماعية مراعية للنوع الاجتماعي، وتوفير خدمات صحية جيدة للجميع، ودعم اجتماعي فعال وشفاف ومنصف، وأنظمة تقاعد مستدامة وعادلة، وحماية من البطالة تشمل جميع الفئات، وفق ما شرَحَه محمد طارق، أستاذ القانون بكلية الحقوق بالمحمدية (جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء) خلال تقديمه مضامين التقرير.

واستعرض طارق، الخبير في تشريعات المقاولة والشغل، أهمية الانطلاق من “فعليّة الحق في الصحة والحماية الاجتماعية باعتبارها من حقوق الإنسان، تعد الدولة المسؤولة عنها”، مبرزا ضمن كلمته أن “تقييم فعلية توسيع التغطية الصحية الإجبارية وكذا برنامج الدعم الاجتماعي المباشر للأسر أبان عن تحديات مستمرة: أبرزها اختلالات العدالة المجالية والحكامة في المنظومة الصحية التي مازالت تعاني من إشكالية الموارد البشرية وهجرة الأطر الطبية”.

مصدر الصورة

وفي حديثه عن الشق الصحي، نبّه الأستاذ الجامعي ذاته إلى ما وصفه بـ “تزايد الميزانية بدون أثر”، قبل أن يبسط جملة توصيات فاق عددها الثلاثين، تتوزعها “رُباعية” السياسات الاجتماعية (توسيع التغطية الصحية الإجبارية، فعليّة الإنصاف في الدعم الاجتماعي المباشر، توسيع الانخراط في أنظمة التقاعد، وإصلاح نظام تعميم التعويض عن فقدان الشغل).

وبوصفه هيئة مدنية، يرى المرصد المغربي للحماية الاجتماعية أنها توصيات “قادرة على ألّا تختصر الحماية الاجتماعية في مجرد شعارات أو منظومة تحويلات مالية وإجراءات رقمية أو مؤسسات فوقية، بل أن تكرس الحماية الاجتماعية كمشروع لإعادة هندسة العلاقة بين المواطن والدولة، وتعزيز الثقة، وبناء مجتمع أكثر تماسكا وإنصافا”، بتعبيره.

بحسب ما طالعته هسبريس في التوصيات، يبرُز رهان “معالجة الاختلالات الحالية وضمان استدامة وفعالية” هذا الورش الوطني ضمن مقاربة تتوخى ربط العدالة المجالية بالنجاعة المالية.

التغطية الصحية الإجبارية

يشكل إصلاح التغطية الصحية المدخل الأساسي للحماية الاجتماعية، إذ شدد المرصد على “ضرورة إعادة هيكلة الحكامة عبر توحيد القيادة وربط المسؤولية بالمحاسبة”. ولضمان الاستدامة المالية، دعا إلى “إصلاح جذري لنظام “AMO-TNS” (الخاص بالمهنيين والعمال المستقلين) من خلال ربط المساهمات بالدخل الحقيقي، ومراجعة التعريفة المرجعية الوطنية لضبط التضخم الطبي، مع تعزيز الرقابة على المصحات الخاصة لربط الأداء بجودة الخدمات لا بحجمها”.

مصدر الصورة

كما ركز التقرير على محورية “إعادة الاعتبار للمستشفى العمومي” عبر ضخ استثمارات تحد من النزيف المالي نحو القطاع الخاص، وتضمن الإنصاف المجالي من خلال الوحدات المتنقلة والمجموعات الصحية الترابية. واجتماعيا، تبرز “ضرورة توسيع سلة العلاجات، وتعزيز الولوج للأدوية الجنيسة، ودمج الفئات المستثناة (كالطلبة والأشخاص في وضعية إعاقة) في نظام ‘AMO تضامن’ بغض النظر عن الدخل الأسري”.

الدعم.. “نحو استهداف أدق”

انتقالا إلى شق “الدعم المباشر”، أوصى المرصد بـ”تجاوز منطق الإعانة الظرفية نحو التمكين الاقتصادي، وذلك بربط الدعم ببرامج التشغيل ودعم المقاولات الصغرى. ولتحقيق الفعالية، اقترح اعتماد معايير الإحصاء العام لسنة 2024 لتحيين منظومة الاستهداف (RSU/RNP) وإدماج مؤشرات الإعاقة لضمان عدم إقصاء الأسر الهشة.

وفي معطى “تحصين القدرة الشرائية”، نادت التوصيات بـ “ربط قيمة الدعم بمؤشرات التضخم وتكاليف المعيشة، وتأمين مصادر تمويل قارة عبر الجبايات التضامنية وترشيد المقاصة، مع ضرورة تعزيز الشفافية التواصلية وتوضيح مسارات الطعن لرفع منسوب الثقة المجتمعية”.

التقاعد.. “إصلاح بتوافق وطني”

فيما يخص ملف التقاعد الشائك، ذكر المرصد أن “الحل يكمن في إطلاق حوار اجتماعي وطني يمهّد لانتقال سلس نحو “منظومة ثنائية القطب”: قطب عمومي (يدمج CMR وRCAR) وقطب خاص (يدمج CNSS وCIMR). هذا الإصلاح الهيكلي يجب أن يوازيه إصلاح مالي وإكتواري يعالج العجز دون المساس بحقوق المنخرطين”.

مصدر الصورة

وتحقيقا للعدالة الاجتماعية، شدد “مرصد الحماية الاجتماعية” على “ضرورة تقليص الفوارق بين معاشات القطاعين العام والخاص، ورفع الحد الأدنى للمعاشات، مع مراجعة نظام المستقلين ليعكس دخلهم الحقيقي. كما شدد على حكامة الصناديق عبر توحيد أنظمة المعلومات ونشر التقارير الاكتوارية بشفافية”.

التعويض عن فقدان الشغل

بهدفِ تحويل التعويض عن فقدان الشغل إلى “أداة حماية حقيقية”، اقترح المرصد “إعداد مشروع قانون جديد يخفف شروط الأهلية (تقليص أيام التصريح) ويوسع قاعدة المستفيدين لتشمل المستقلين والمهن الحرة”.

وحسب شروح معدّي التقرير، فإن “الرؤية الجديدة لا تكتفي بالدعم المالي، بل تدعو إلى مقاربة مندمجة تربط التعويض ببرامج التكوين وإعادة الإدماج بشراكة مع ANAPEC، مع تمديد مدة التعويض ورفع سقف الأجر المرجعي لحماية الطبقة المتوسطة”، مقترحين لتمويل هذا الطموح، “إحداث صندوق مستقل بمساهمة قارة من الدولة، واعتماد قاعدة بيانات موحدة للرصد التلقائي لحالات فقدان الشغل”.

يشار إلى أن التقرير انتهج مقاربة تحليلية متعددة قائمة على 4 مستويات تحليلية: قانونية- مؤسساتية، ميدانية، مالية، وحكامة. وعرفت الجلسة العامة الأولى “عرض التقارير الموضوعاتية”.

وجاءت التقارير الأربعة مقدمة خلاصات نقاشات ندواتٍ جهوية عقدت على مدار السنة الجارية، وهي: “الحماية الاجتماعية والدين: المخاطر والحكامة المالية العامة”، و”الدعم المباشر: أي تحديات من أجل حماية اجتماعية عادلة وموحدة؟” و”النقابات والحماية الاجتماعية”، و”خوصصة قطاع الصحة: أي مستقبل لحماية اجتماعية شاملة في ظل خوصصة القطاع الصحي؟”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا