يسجل المخرج المغربي علي بنجلون دخولا لافتا للأنظار إلى عالم الأفلام الروائية الطويلة من خلال فيلمه الجديد “كوندافا”، الذي اختار أن يكون تتويجا لمسار مهني تشكل بين كواليس التصوير منذ الطفولة والدراسة الأكاديمية المتخصصة وبين تجارب فنية اختبرت الوثائقي والقصير قبل العبور إلى فضاء السينما الطويلة.
ويفتح بنجلون بهذا العمل صفحة جديدة في تجربته الإخراجية، مستندا إلى رؤية فنية تحفر في عمق الهوية والذاكرة والإنسان على خطى والده المخرج حسن بنجلون.
وحسب المعطيات التي تتوفر عليها هسبريس، فإن شريط “كوندافا” فيلم روائي طويل تدور أحداثه على مدار 96 دقيقة، تأخذ المشاهد إلى قلب قرية صغيرة في جبال الأطلس الكبير، تتقاطع فيها الأحلام مع الواقع، وتتداخل الموسيقى مع الأرض والهوية مع الحياة اليومية. ويعيش في هذا الفضاء القروي ثلاثة شبان سعيد وإبراهيم وعمر على إيقاع حلم مشترك، هو اعتلاء خشبة الشهرة من خلال الموسيقى، بحثا عن اعتراف بعذوبة الصوت وصدق الانتماء؛ فيما تواصل نساء القرية الغناء كجزء عضوي من حياتهن اليومية، وكامتداد لطقوس ضاربة في عمق الثقافة الأمازيغية.
ومع توالي الأحداث، سيبدأ التوازن الهش الذي يعيشه أبناء القرية في التصدع مع وصول إمام متشدد إلى القرية، ليقلب الموازين ويفتح جراحا كانت مطمورة تحت سطح الهدوء، بخطاب جديد يزرع في النفوس، وخلافات تتسلل إلى العلاقات، وانقسام يتشكل بين من ينكر هويته الأمازيغية تحت ضغط التطرف وبين من يختار المواجهة دفاعا عن الإرث والذاكرة والصوت الحر، فتتحول القرية إلى مسرح لصراع تتواجه فيه رؤيتان للعالم: واحدة منغلقة تسعى إلى القطيعة مع الماضي، وأخرى متشبثة بجذورها، مؤمنة بأن الثقافة ليست مجرد موروث، بل فعل مقاومة يومي.
ويحمل فيلم “كوندافا” بصمة شخصية واضحة لعلي بنجلون، الذي نشأ في حضن بيئة سينمائية لصيقة بإبداع الصورة، إلى جانب والده المخرج والمنتج حسن بنجلون.
وشهد الفيلم عرضه العالمي الأول ضمن مسابقة “آفاق” في مهرجان القاهرة السينمائي، في محطة دولية منحت العمل فرصة للاحتكاك بجمهور متنوع ونقاد من مشارب مختلفة، فاتحة أمامه باب جولة دولية مرتقبة، تراهن على حضور الفيلم في مهرجانات وقاعات سينمائية خارج حدود المغرب، بما تحمله قصته من بعد إنساني ورسالة كونية تتجاوز الجغرافيا.
ويشارك في بطولة هذا الشريط ثلة من الممثلين المغاربة؛ من بينهم فاطمة عاطف وكريمة غيث وعبد اللطيف عاطف وعبد الرحيم المنياري وزاهية الزاهيري وجمال تاعمارت والحسين بردواز وياسين الصبار وحميد اشتوك وابتسام عباسي سعيد ظريف وأمينة اليوسي؛ بينما تولى إنتاجه حسن بنجلون، الذي تقاسم أيضا كتابة السيناريو مع نجله علي بنجلون، في شراكة عائلية وفنية تعكس امتداد التجربة بين جيلين يجمعهما الشغف بالصورة والحكاية.
واستطاع المخرج الشاب، الذي عاش متنقلا بين مواقع التصوير في الدار البيضاء منذ سنواته الأولى ثم حصل بعد ذلك على الماستر في التصوير السينمائي من فرنسا، أن يراكم تجارب متعددة كمدير تصوير في أعمال روائية ووثائقية وتلفزيونية، قبل أن يخوض تجربة الإخراج من خلال الفيلم الوثائقي “مسار اللاجئين”، الذي تطرق لقضايا اللجوء السياسي، إلى جانب مجموعة من الأفلام الروائية القصيرة التي مهدت لبلوغه هذه المرحلة المفصلية في مساره.
المصدر:
هسبريس