آخر الأخبار

بن هنية: "صوت هند رجب" يتخلّد حين يصل نفس الشعور إلى كافة الناس

شارك

قالت المخرجة التونسية كوثر بن هنية إن فيلم “صوت هند رجب”، الذي افتتح مهرجان الدوحة للأفلام، ليس مجرد توضيح لحيثيات استشهاد الطفلة؛ بل وسيلة لإرساء عمل قادر على التأثير حتى “لا ينسى الناس صوت الطفلة الفلسطينية المقتولة”، معتبرة أنه “لا توجد آلية أقوى من الصورة السينمائية في إحداث هذا التعاطف، لأن الرهان ليس هو تفسير ما جرى؛ بل ترك أثر لا ينمحي”.

ودافعت بن هنية، صباح الجمعة، خلال لقاء مع الصحافيين منظم ضمن فعاليات مهرجان الدوحة السينمائي، عن اختيارها لبناء الحكاية من داخل غرفة عمليات الهلال الأحمر الفلسطيني بشكل حصري، وقالت: “بإمكاني أن أرويها من منظور هند، أو أمها، أو حتى الدبّابة؛ لكنني اخترت مساحة واحدة، لأنها كانت الإطار الأكثر صدقا لما حدث. القصة كانت موجودة، فالواقع تجاوز الخيال”.

مصدر الصورة

وتطرقت الفاعلة السينمائية، التي تحط الرحال قريبا في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، إلى دواعي استثمار التسجيل الحقيقي لنداء استغاثة هند بدلا من إعادة تمثيله: “كان ذلك سيكون تجسيدا ضعيفا للقصة. فصوت هند حيّ، وهو قلب الفيلم النابض. عندما سمعته لأول مرة شعرت وكأنها تخاطبني، فصار صوتها الركيزة الرئيسية للمادة التي اشتغلنا عليها”.

وقالت المخرجة التونسية إنها كانت، في شهر فبراير 2024، منشغلة بحملة الأوسكار المتعلقة بفيلمها “بنات ألفة”، مضيفة: “كنتُ في تلك الفترة على وشك الشروع في العمل على فيلم جديد؛ لكنني في الوقت نفسه كنت أتابع الأخبار الجارية في غزة، وأطرح على نفسي أسئلة حول معنى وجدوى القيام بالفن: أيّ معنى لكتابة القصص وصناعة الأفلام في زمن الإبادة؟ كان هناك شبه غياب للمعنى”.

وتابعت كوثر بن هنية ساردة: “بقيت هكذا إلى أن جاء يوم سمعتُ فيه صوت الطفلة هند رجب. وللحظةٍ لا تتجاوز ثانية واحدة، شعرتُ بأنها تطلب مني النجدة؛ كان شعورا لا عقلانيا تماما، لأنها كانت تخاطب المتطوعين مع الهلال الأحمر؛ بيد أن صوتها علق في ذهني. سكنه بقوّة، وكان من المستحيل أن أنساه أو أتجاوزه أو أنتقل إلى شيء آخر”.

مصدر الصورة

وأضافت مخرجة “بنات ألفة” أنها “علمت، لاحقا، أن التسجيل الكامل للمكالمة محفوظ لدى جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني”.

وزادت المتحدثة ذاتها: “اتصلتُ بالجمعية، وكانوا متفهّمين منذ البداية، طلبتُ الإصغاء إلى التسجيل كاملا، مع أن الاستماع إليه كان من أصعب ما وصل إلى مسامعي طيلة حياتي”.

وزادت: “هذا التسجيل شكّل العمود الفقري للفيلم”، مشيرة إلى أن أهم ما كان يشغلها هو محاولة فهم ما وصفته بـ”اللغز”، قائلة: “كيف لسيارة إسعاف تبعد لدقائق عن طفلة تطلب النجدة، أن يتعذّر إرسالها أو يصبح إيفادها مهمة شديدة الصعوبة؟ وعندما تُرسل يقع ما وقع”.

كما أشارت بن هنية إلى أنها فكرت في كل الاحتمالات الممكنة لصناعة الفيلم: “فكرتُ في أن أقدّم فيلما وثائقيا صرفا. كل شيء كان مطروحا. لكنّني كنت أبحثُ عن كيفية العودة إلى تلك اللحظة نفسها. الوثائقي يتحدث عن حدث وقع في الماضي، وهذا الشكل كان ممكنا؛ بيد أنه لا يملك وقعَ اللحظة نفسها. كيف نعود إليها؟”.

مصدر الصورة

وشددت على أن “الصورة الوحيدة التي كانت لديّ هي التي حصلتُ عليها من الهلال الأحمر، وتظهر في الاتصال الأخير. أما باقي اللحظات فكانت غير مصوّرة. ولو رغبتُ في العودة الوثائقية إلى تلك اللحظة، فإنني لا أملك سوى الصوت”.

وتابعت المخرجة التونسية شارحة: “لإعادة المتفرّج إلى تلك اللحظة، ولجعل الإحساس حاضرا أمامه، كان لا بدّ من استخدام ممثّلين يعيدون تجسيد الموقف”.

وأكدت كوثر بن هنية أنها كانت تتساءل طوال الوقت عن مدى جدوى السينما في مواجهة ما يجري، وأنها رأت أن هناك أعمالا وثائقية وصحافية قدّمت تفسيرا وافيا، قائلة: “شعرت بأنني لا أريد المزيد من التفسير؛ بل الوصول إلى الإحساس. أن أترك الناس يشعرون، لا أن أشرح لهم. أن يدخلوا في مكان موظّفي الهلال الأحمر لفهم الشعور نفسه”.

مصدر الصورة

وشهد اللقاء الصحافي الخاص بفيلم “صوت هند رجب” حضور طاقم الفيلم والأبطال الحقيقيين في قصة الطفلة هند رجب التي حوصرت داخل سيارة تحت حمم الرصاص في غزة. وقدّم الممثلون في الفيلم وعاملون من الهلال الأحمر الفلسطيني إلى جانب المخرجة كوثر بن هنية ومنتج الفيلم نديم شيخوها آراءهم المشحونة بالعاطفة حول مجمل القصة وما تعنيه لهم.

وحاول الحاضرون “التذكير بصمت الألم الذي يعيشه الملايين من أبناء فلسطين في كلّ يوم، بينما انهمرت دموع الحاضرين أثناء استعادة تفاصيل الحادثة التي وقعت قبل 21 شهرا”. كما أشاد أفراد الطاقم بالعمل الذي تقدمه جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني؛ بمن فيهم الرئيس يونس الخطيب، والمدير العام خالد أبو غوش، والأعضاء نسرين جريس عيد ورنا فقيه وعمر أحمد القعم ومهدي جمال ومحمد عيّاد ونبال فرسخ.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا