آخر الأخبار

البيضاء تغرق في أول اختبار أمطار وسط مطالب بـ"التحقيق" في جودة المشاريع ومصير "مليارات الصيانة"

شارك

مع أولى زخات أمطار نونبر، عادت مظاهر الهشاشة البنيوية بمدينة الدار البيضاء إلى الواجهة بقوة، بعدما أغرقت التساقطات الأخيرة شوارع وأحياء واسعة، وأعادت الجدل حول نجاعة مشاريع التأهيل الحضري وجودة البنية التحتية التي يشرف عليها مختلف المتدخلين.

فقد أدى هطول كميات مهمة من الأمطار خلال الساعات الماضية إلى امتلاء بالوعات الصرف الصحي وتعطل مسالك رئيسية، ما تسبب في اختناق مروري خانق وشل حركة السير بعدد من المحاور الحيوية.

وتفاجأ سكان عدة أحياء بظهور حفر جديدة وانهيار أجزاء من الطرق التي لم يمض على إصلاح بعضها سوى أشهر قليلة، الأمر الذي أثار تساؤلات واسعة حول جودة الأشغال المنجزة وطريقة تدبير صيانة الشبكات الطرقية.

وفي الوقت الذي غرقت فيه شوارع من قلب المدينة والشريط الساحلي في البرك المائية، برزت مخاوف جدية من مخاطر الفيضانات في المناطق الهامشية التي تفتقر للبنيات القادرة على استيعاب المياه، خاصة بالمنطقة الشرقية للدار البيضاء، وبعض أحياء سيدي البرنوصي وعين الشق إضافة إلى الحي الحسني وسيدي مومن، حيث اشتكى السكان من انسداد القنوات وارتفاع منسوب المياه داخل الأزقة التي تحولت إلى برك طينية تعيق التنقل.

وتعالت أصوات الفاعلين المدنيين الذين اعتبروا أن تكرار نفس المشاهد كل سنة يؤكد وجود خلل بنيوي في تدبير البنية التحتية، مطالبين بمراجعة جذرية لبرامج الصيانة والرقابة.

ودعا عدد منهم إلى فتح تحقيقات حول جودة بعض المشاريع التي تنجز خارج المعايير، وفق تعبيرهم، خصوصا تلك المتعلقة بتهيئة الطرق وتصريف مياه الأمطار.

من جهة أخرى، أُطلقت انتقادات ضد الشركة المفوّضة لتدبير قطاع الماء والتطهير السائل، بسبب ما رآه عدد من المتابعين “ضعفا في الاستعدادات” رغم التحذيرات الجوية المسبقة.

وطالب فاعلون جمعويون وسياسيون بتعزيز فرق التدخل الميداني وتحديث الشبكات التي يعود جزء كبير منها إلى عقود طويلة ولم تعد قادرة على مواكبة التوسع العمراني الكبير للمدينة.

وفي تصريح لجريدة العمق المغربي، أوضح الفاعل السياسي بمدينة الدار البيضاء يوسف سميهرو أن الزخات المطرية الأخيرة كشفت، مرة أخرى، هشاشة البنية التحتية بعدد من المقاطعات، مبرزا أن عددا من الشوارع والأزقة تحولت إلى مساحات مليئة بالحفر العميقة وبرك المياه، بشكل يعكس غياب صيانة حقيقية ودائمة.

وقال سميهرو إن ما حدث بعد الأمطار ليس سوى نتيجة طبيعية لـ”اختلالات بنيوية مزمنة” في تدبير مشاريع التأهيل الحضري، ملاحظا أن ملايين الدراهم، بل ملايير، صرفت خلال الولاية الانتدابية الحالية بدعوى إصلاح الطرقات والأزقة وصيانتها، غير أن هذه الأشغال لم تصمد أمام أول اختبار طبيعي بسيط.

وأضاف أن عددا من الأحياء التي شملتها مشاريع التأهيل خلال السنوات الأخيرة عادت اليوم إلى وضع أسوأ مما كانت عليه، إذ تسببت الزخات المطرية في انكشاف هشاشة طبقات الإسفلت وانتشار الحفر التي تعيق حركة الساكنة وتشكل خطرا على المارة والسائقين.

وأبرز المتحدث أن الصور المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي توثق واقعا “مؤلما” في مدينة تعد أكبر قطب اقتصادي بالمغرب، حيث غرقت سيارات في برك مائية، وانقطعت بعض المسارات، وتحولت الأزقة إلى مسارات وعرة شبيهة بما يوجد في مناطق قروية ليس لها نفس الإمكانيات المالية ولا البنيات التقنية.

وأكد أن ما يعيشه المواطنون اليوم يعيد طرح سؤال جودة الصفقات العمومية، وطرق الإشراف على الأوراش، ومدى احترام الشركات لشروط الدفاتر التقنية.

وسجل سميهرو أن معالجة هذه الإشكالات تتطلب حكامة جديدة في تدبير البنية التحتية، ترتكز على مراقبة صارمة للأشغال، وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وإشراك المجتمع المدني والساكنة في رصد الاختلالات وإبلاغها للسلطات.

وشدد على أن “الدار البيضاء، بما تمثله من رمزية اقتصادية وسكانية، لا يمكن أن تظل رهينة أشغال ترقيعية تظهر نتائجها الهشة مع كل فصل مطري”، داعيا إلى اعتماد رؤية متكاملة تضمن للمدينة بنية تحتية تليق بحجمها وطموحاتها التنموية.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا