أعلن وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، اليوم، عن استعداد بلاده للعب دور الوساطة وتسهيل مفاوضات مباشرة بين المغرب وجبهة البوليساريو، في خطوة تهدف إلى الدفع نحو إيجاد حل سياسي نهائي ومقبول من الطرفين لقضية الصحراء.
وكشف عطاف، خلال ندوة صحفية، أن قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2797 يوفر إطارا مناسبا لإطلاق هذا المسار، موضحا أن القرار يدعو طرفي النزاع، المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، إلى الانخراط في مفاوضات مباشرة للتوصل إلى حل. وأشار المصدر إلى أن القرار يفتح المجال أمام تقديم مقترحات بناءة ضمن مسار المفاوضات، مؤكدا أن الجزائر، بصفتها دولة جارة، لن تدخر جهدا في دعم أي مبادرة وساطة تندرج ضمن الإطار الأممي الحصري.
وأوضح الوزير أن موقف بلاده يأتي انطلاقا من مسؤولياتها وحرصها على أمن واستقرار جوارها ومحيطها الإقليمي، والذي تعتبره جزءا لا يتجزأ من أمنها واستقرارها. وأفاد بأن هذه الرؤية تأتي في وقت تستعد فيه الجزائر لإنهاء عضويتها في مجلس الأمن، والتي سعت خلالها إلى أن تكون “عهدة وفاء” لمبادئها والتزاماتها الدولية، ومن ضمنها دعم الحلول السلمية والسياسية للنزاعات.
وتابع المصدر أن الجزائر، التي اعتمدت مقاربة التنسيق والتشاور مع شركائها العرب في القضايا الإقليمية، ترى أن الوقت قد حان لتكثيف الجهود الدبلوماسية. وأضاف أن الجزائر تؤمن بأن حل الأزمة لا يمكن أن يكون إلا عبر الطرق السلمية والسياسية الجامعة، بعيدا عن أي خيار آخر، وهو ما يحفزها على مد يدها للمساهمة في استعادة الأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها.
وكان المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، ستيفان دي مستورا، قد أكد على أن القرار رقم 2797 الصادر عن مجلس الأمن الدولي حول الصحراء، تضمن إشارات واضحة إلى سيادة المغرب، وإلى الأطراف المعنية بالنزاع، وهي كل من المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا.
وشدد دي مستورا في مؤتمر صحفي عقده عبر الفيديو من بروكسل في وقت سابق، على أن قرار مجلس الأمن صيغ “بعناية بالغة”، وأن كل كلمة فيه تحمل رسالة محددة يمكن أن تقود إلى مفاوضات حقيقية حول مآل النزاع.
وأوضح المسؤول الأممي في جوابه على سؤال لصحيفة “القدس العربي”، أن القرار الأممي الجديد “يتضمن رسائل كثيرة يمكن، إذا استُخدمت بالشكل المناسب، أن تفتح الباب أمام نقاش جاد ومثمر حول مستقبل هذا الملف”.
وأبرز دي مستورا أن القرار أشار بوضوح إلى مبدأ تقرير المصير، إلى جانب سيادة المغرب، وذكر ميثاق الأمم المتحدة والحاجة إلى حل متفق عليه بين الطرفين.
وأضاف أن القرار تطرق إلى “حكم ذاتي حقيقي وليس مجرد حكم ذاتي”، وهو ما يعكس -حسب تعبيره- انفتاحا على تقديم أفكار بناءة تسهم في الوصول إلى حل نهائي متوافق عليه.
ويرى دي مستورا أن المرحلة المقبلة “يمكن أن تبدأ بنقاش محدود ثم تصبح أكثر انفتاحا لاحقا، مشيرا إلى أن القرار شدد على عدم وضع شروط مسبقة، مما يساعد على تجاوز العراقيل في بداية العملية التفاوضية.
وقال دي مستورا إن القرار يمنح تفويضا واضحا للأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي، ليس فقط لتسهيل المفاوضات، بل لقيادتها فعليا، مضيفا أن كل ذلك يتم “على أساس خطة الحكم الذاتي، مع الانفتاح على أفكار أخرى بناءة”.
كما نوه المسؤول الأممي إلى أن القرار تضمن تمديد ولاية بعثة المينورسو، مبرزا أن هذا التمديد يضمن الاستقرار الضروري لمواكبة الجهود السياسية المقبلة.
ولفت إلى أنه “لن يتحدث نيابة عن أي طرف”، مشيرا إلى أنه سيجري التواصل مع جبهة البوليساريو في المرحلة المقبلة ضمن تنفيذ القرار الجديد، مؤكدا أن الهدف هو تهيئة الظروف لاستئناف مفاوضات جدية ومباشرة بين جميع الأطراف المعنية.
وكان مجلس الأمن قد اعتمد القرار رقم 2797 الذي وُصف بـ”التاريخي” و”الحاسم” في ملف الصحراء المغربية، حيث حضي القرار بتأييد 11 عضوا من من أعضاء المجلس الخمسة عشر، وامتناع 3 دول عن التصويت (روسيا، الصين، باكستان)، فيما قررت الجزائر عدم المشاركة في التصويت.
المصدر:
العمق