شهدت الأسواق المالية العالمية اليوم مزيدًا من التراجع، مدفوعة بانخفاض جديد في سعر البيتكوين إلى ما دون 90 ألف دولار، وهو أدنى مستوى له منذ سبعة أشهر. وتسبب هذا الانخفاض في موجة من القلق بشأن تأثير المراكز المالية ذات الرافعة على باقي الأصول، وسط مخاوف من دخول الأسواق في دوامة من الضغوط البيعية المتبادلة.
البيتكوين تراجع بنسبة بلغت 2.8% صباح الثلاثاء قبل أن يقلّص جزءًا من خسائره، بالتزامن مع انخفاض مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا بأكثر من 1%، فيما أظهرت العقود الآجلة الأمريكية تراجعًا إضافيًا.
ونقلت وكالة “بلومبرغ” عن جوزيف زانغ، مدير المحافظ في “فيديليتي إنترناشونال”، قوله إن الخسائر الأخيرة عبر مختلف فئات الأصول تعكس تأثيرًا متسلسلًا لانخفاضات سوق العملات المشفّرة، محذرًا من أن هذا التراجع قد يدفع بالمستثمرين الأفراد إلى بيع مزيد من الأصول لتغطية نداءات الهامش، ما يخلق دائرة مغلقة من الخسائر.
وفي السياق نفسه، رجّح نِك تويديل، كبير المحللين في “إيه تي غلوبال ماركتس” في سيدني، استمرار الضغط النزولي على العملات الرقمية، نتيجة لتعديلات المحفظة الاستثمارية سواء بشكل طوعي أو اضطراري.
يأتي هذا التراجع في وقت تتزايد فيه الشكوك بشأن وتيرة خفض أسعار الفائدة الأمريكية، وتحوّل اهتمام الأسواق نحو نتائج الشركات العملاقة، من بينها “نفيديا” التي ستعلن بياناتها المالية هذا الأسبوع. واعتبرت هيبي تشين، محللة الأسواق في “فانتج ماركتس”، أن هبوط البيتكوين الحاد “زاد من مؤشرات القلق في السوق”، في إشارة إلى احتمالات وجود تحولات أعمق في المزاج الاستثماري.
رغم ذلك، يرى زانغ أن الأسواق قد تشهد تعافيًا بمجرد اكتمال الموجة البيعية، لافتًا إلى أن ما يحدث قد يكون ناجمًا عن ضيق في السيولة أكثر منه عن تحوّل في أساسيات الأصول. وفي حين تراجع البيتكوين بنحو 1% فقط في تداولات لندن الصباحية، سجلت العقود الآجلة لمؤشر “ستاندرد آند بورز 500” انخفاضًا بنسبة 0.2%.
في آسيا، ازدادت حالة التشاؤم بفعل تراجع حاد في بورصة طوكيو، حيث أنهى مؤشر “نيكي 225” الجلسة على انخفاض بنسبة 3.2%، وسط قلق متصاعد بشأن أوضاع اليابان المالية وتوترات دبلوماسية مع الصين. وارتفعت عوائد السندات الحكومية اليابانية لأجل عشر سنوات إلى أعلى مستوياتها منذ منتصف عام 2008، في تحرك عكسي مقارنة مع التوجه العالمي نحو شراء السندات كملاذ آمن.
وتخشى أوساط استثمارية من أن يتحول هذا التراجع الواسع إلى ظاهرة ذاتية التضخّم، حيث يجرّ الانخفاض في سوق إلى تراجع مماثل في أسواق أخرى، خصوصًا أن العملات المشفّرة والأسهم كانت قد شهدت انتعاشًا متوازيًا خلال العام الجاري، قبل أن تتبدد الآمال المرتبطة بعوائد الابتكار.
ووصفت آنا وو، خبيرة الاستراتيجيات متعددة الأصول في “فان إيك”، المشهد الحالي بأنه انعكاس لـ”ديناميكية الزخم الذاتي”، مضيفة أن التراجع في المعنويات داخل الولايات المتحدة — مدفوعًا بعمليات بيع استباقية لأسهم نفيديا قبيل إعلان نتائجها — امتد تأثيره إلى الأسواق الآسيوية، معتبرة أن البيتكوين يشكّل “مؤشرًا دقيقًا على مستوى الخوف السائد، والذي يقترب حاليًا من عتبة السوق الهابطة”.
المصدر:
هسبريس