يتجدد النقاش حول ظاهرة “الغش” في امتحانات الكفاءة المهنية بالمغرب مع انطلاقها في قطاعات معينة شهر نونبر الجاري ودجنبر المقبل، خاصة قطاعي التعليم والجماعات الترابية، وسط دعوات مهنية إلى “إصلاح منظومة الترقي”.
وترى هذه الفعاليات أن التوجه نحو تبسيط مساطر الترقي، وتجنب تعقيدها سيكون له “أثر مباشر على خفض حالات الغش”، الأخيرة التي يلجأ إليها الموظفون لنيل “حلم الترقية” وتحسين الوضع المادي.
في هذا الصدد، من المنتظر أن تعتمد وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة “نظاما إلكترونيا لرصد حالات الغش عبر تقنية الرصد الأوتوماتيكي داخل قاعات إجراء الاختبارات، حيث يُمنع منعا باتا إدخال الهواتف النقالة إلى قاعات الإجراء”.
فيصل العرباوي، عضو “التنسيقية الوطنية للأساتذة ضحايا تجميد الترقية”، قال إن الحديث عن الغش داخل منظومة الترقية المهنية للأساتذة يطرح إشكالا أخلاقيا عميقا، إذ كان من المفترض أن تكون هذه السلوكيات غير واردة داخل وسط يُعهد إليه بتربية الأجيال.
وأضاف العرباوي، في تصريح لهسبريس، أن امتحانات الكفاءة المهنية التي يخوضها الأساتذة تعد حقا مشروعا للتطور المهني؛ إلا أن لجوء البعض إلى الغش يبقى أمرا مرفوضا، خاصة أن مهنة التدريس ترتكز على القيم والنزاهة.
ولفت عضو “التنسيقية الوطنية للأساتذة ضحايا تجميد الترقية” إلى أن الضغط المادي وتعقيدات المسار المهني قد يدفعان بعض الأساتذة إلى سلوك غير مقبول أخلاقيا أو قانونيا، بالرغم من أن هذه الأمور لن تقبل كمبررات لهذه الخطوة.
واعتبر المتحدث عينه أن مسؤولية الدولة قائمة في معالجة جذور الإشكال عبر إصلاح منظومة الترقية، وليس فقط عبر حملات مكثفة لمكافحة الغش، حيث إن ضعف الحصص المخصصة للترقية وتعطل النتائج وتأخر المستحقات كلها عوامل تجعل المسار المهني شبيها بـ”المشي في الجحيم” على حد وصفه؛ وهو ما يراكم الإحباط ويزيد من الضغط على رجال ونساء التعليم.
واختتم العرباوي بأن تحسين شروط الترقية واحترام مكانة الأستاذ وإعادة الاعتبار لدوره التربوي تمثل خطوات أساسية لمعالجة الظاهرة من جذورها، مؤكدا أن المهنة أصبحت صعبة ومثقلة بالتحديات وأن الإصلاح الحقيقي يبدأ من تعزيز الثقة بين الدولة وجسد التعليم.
من جانبه، قال خالد الأملوكي، الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للجماعات المحلية، إن “قطاع الجامعات الترابية يجب أن يشهد حاليا اهتماما بتطبيق نموذج جماعة الرباط المثالي لإدارة امتحانات الكفاءة المهنية لهذه السنة”.
وأضاف الأملوكي، في تصريح لهسبريس، أن مبدأ الشفافية والعدالة هو أساس هذه العملية، مع أن المراقبة الدقيقة من قبل النقابات والهيئات المسؤولة أسهمت في الحد من حالات الغش وضمان سير الامتحانات بشكل نزيه بجماعة الرباط.
وأشار الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للجماعات المحلية إلى أن المبادرة التي قامت بها رئيسة جماعة الرباط، بدعوة كافة الشركاء الاجتماعيين، كانت خطوة إيجابية لتعزيز الانفتاح ومشاركة جميع الأطراف النقابية في التحضير للامتحانات، مؤكدا أن هذا النهج يُعد نموذجيا يجب تعميمه على جميع الجماعات الترابية.
وذكر الفاعل النقابي عينه بأن التحديات المتعلقة بالترقية والاختبارات المهنية لا تُبرر اللجوء إلى الغش، مشددا على أن الإجراءات الاحترازية والرقابية تم تصميمها لضمان نزاهة الامتحانات وحماية حقوق الأساتذة والموظفين في جميع القطاعات.
كما اعتبر المتحدث أن أكبر هاجس كان يواصل مواجهة نزاهة امتحانات الكفاءة المهنية بقطاع الجماعات الترابية ذلك المرتبط بالتدخل السياسي، باعتباره نوعا من “أنواع الغش”.
واختتم الأملوكي بالقول إن استقرار العملية التعليمية وتحقيق تكافؤ الفرص يتطلبان استمرار التعاون بين رؤساء الجماعات والنقابات، مع مراعاة الحياد واستقلالية القرارات بعيدا عن أية تأثيرات سياسية، لضمان سير امتحانات الكفاءة المهنية بطريقة عادلة وشفافة في ربوع الوطن.
المصدر:
هسبريس